خطة فرنسية من ثلاث مراحل لسحب المرتزقة من ليبيا
نشرت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية، تفاصيل الخطة التي اقترحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على نظيريه الأميركي جو بادين، والتركي رجب طيب أردوغان، والمتعلقة بسحب المرتزقة الأجانب من ليبيا.
وبحسب الصحيفة، تتألف الخطة من ثلاث مراحل، على أن يتم سحب جميع المقاتلين الأجانب من الداخل الليبي خلال مدة أقصاها ستة أشهر.
وتقترح الخطة، التي اطلعت عليها المجلة، أن تبدأ أولاً عملية سحب المرتزقة السوريين المدعومين من تركيا، يليهم إخراج كل من المسلحين الذين تدعمهم روسيا، وكذلك القوات التركية النظامية. وتم تداول هذا الاقتراح المكوّن من صفحتين أثناء محادثات استمرت عدة أسابيع بين المسؤولين الدبلوماسيين في الدول المعنية.
وأشار المسؤولون إلى أن الرئيس الفرنسي طرح الفكرة بشكل مباشر خلال لقائه الرئيس الأميركي والتركي في الأسابيع الماضية، إذ ناقش ماكرون الخطة بداية مع الرئيس جو بايدن، السبت، في اجتماع مجموعة الدول السبع في بريطانيا، قبل أن يطرحها على رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل.
الهدف النهائي
الهدف النهائي من خطة ماكرون، وفقاً لـ”بوليتيكو” هو زيادة الاستقرار في ليبيا الواقعة على الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي، لاسيما أن حالة عدم الاستقرار أدت إلى خلق تحديات تتعلق بالهجرة، إضافة إلى ازدياد مخاطر تهديد أوروبا بعمليات إرهابية.
وكانت الدول ذات النفوذ في الملف الليبي تحاول ترسيخ وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي بين حكومة المجلس الرئاسي السابقة برئاسة فايز السراج، وقوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.
وفي مارس الماضي، أعلن الفرقاء الليبيين تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن، بحسب المجلة، “لا يزال الموقف حيال الحكومة محفوفاً بالمخاطر قبل الانتخابات المقررة في ديسمبر خلال العام الحالي، وذلك في ضوء انخراط تركيا وروسيا في الحرب”.
وفي ما يبدو، يراهن ماكرون في نجاح خطته على ثقل الولايات المتحدة، واستخدام ذلك كوسيلة ضغط على تركيا وروسيا لسحب القوات التابعة لهما، وفقاً للمجلة.
وقال طارق المجريسي، الخبير في شؤون ليبيا بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “قد يكون لهذا (خطة ماكرون) صدى في السياسة الأميركية”.
مراحل الانسحاب
المجلة الأميركية، قالت إنه من الممكن أن تبدأ المرحلة الأولى من الخطة الفرنسية في الأول من يوليو المقبل، بحيث تقوم تركيا بسحب المرتزقة السوريين من ليبيا، ثم تبدأ المرحلة الثانية، بسحب روسيا مجموعة “فاغنر” الخاصة، وفي الوقت ذاته تسحب تركيا جنودها النظاميين.
وذكرت “بوليتيكو” أن الخطوة المقترحة لشهر سبتمبر، المتمثلة في انسحاب القوات التركية، قد تكون الأكثر صعوبة، بالنظر إلى أن “تلك القوات انتقلت إلى ليبيا بعد دعوتها” من قبل حكومة السراج، في حين أن الجماعات المرتبطة بروسيا “موجودة هناك بشكل غير قانوني”.
أما المرحلة الثالثة، فتشمل إعادة توحيد قوات الأمن الليبية المنقسمة.
وتأتي الخطة المقترحة لإخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا، وفق المجلة، بعد فشل خطتين سابقتين، إذ ينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في أكتوبر 2020، على سحب جميع المقاتلين الأجانب في غضون 90 يوماً، لكن الموعد النهائي انقضى من دون أي تقدم ملموس في هذا الشأن.
وفي وقت لاحق، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً يدعو جميع الأطراف المعنية في الصراع الليبي إلى سحب قواتها الأجنبية، لكن تم تجاهل ذلك أيضاً.
بايدن وأردوغان
وقالت “بوليتيكو” إن إدارة بايدن لم تُفصح عن موقفها من الاقتراح الفرنسي الأخير، ولم تشر أيضاً إلى نية بايدن مناقشة الخطة مع أردوغان أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن المسؤولين الأميركيين أقروا بأنهم يعملون على تأمين انسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية: “نتشاور مع مجموعة من الشركاء الليبيين والدوليين للحث على الاحترام الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الليبي ودعوته إلى رحيل العناصر الأجنبية”.
ولفت مسؤولون في الإدارة الأميركية، إلى أن بايدن ناقش مع أردوغان الموضوع الليبي خلال لقاء استغرق وقتاً أكثر من المتوقع على هامش قمة “الأطلسي” في بروكسل، وأن الملف حضر أيضاً في المحادثات التي أجراها مع نظيره الروسي في جنيف الأربعاء.
غموض ماكرون
عندما تم الضغط عليه يوم الاثنين بشأن ما إذا كان أردوغان قد وافق على سحب قواته النظامية، وليس فقط المرتزقة السوريين، تهرب ماكرون من الجواب، وركز على ما قال إنه اتفاق واسع بينهما على ضرورة انسحاب المقاتلين الأجانب. كما ظل ماكرون غامضاً بشأن الجدول الزمني للانسحاب.
وقال إن “الرئيس أردوغان أكد في لقائنا، رغبته في مغادرة المرتزقة والميليشيات الأجنبية العاملة على الأراضي الليبية في أسرع وقت ممكن، ورغبته في العمل معاً على ذلك”.