خط التوازي 15
في نهاية القرن العشرين، تم فتح طريق جديد لتهريب الكوكايين يمتد بين أمريكا الجنوبية وأفريقيا، وكان يُعرف باسم الطريق 10، في إشارة إلى أنه يسير على طول خط العرض العاشر بين القارتين. ولا يزال هذا الخط مستخدماً على الرغم من أنه يمرّ اليوم بين خطي التوازي 15 شمالاً و20 درجة جنوباً في أمريكا الجنوبية، ويغطي مسافة تزيد عن 3000 كيلومتر في الطول كنقطة انطلاق وكوجهة في أفريقيا بين خطي التوازي 5 درجة شمالاً وأحياناً يتجاوز 20 درجة شمالاً بحوالي 1700 كلم.
وفي الآونة الأخيرة، المنطقة التي تحتكر كل الشهرة في أفريقيا هي تلك الواقعة بين خطي التوازي العاشر والعشرون، داخل القارة الأفريقية، واللذان يعبران دولا مثل: الصومال، إثيوبيا، السودان، تشاد، النيجر، نيجيريا، ساحل العاج، توغو وبنين وبوركينا فاسو ومالي وغينيا كوناكري، من بين دول أخرى.
وعلى الرغم من أننا نحاول العثور على سبب يجعل هذا الشريط الذي يبلغ ارتفاعه 1100 كيلومتر يحصل على شعبية كبيرة في نشرات الأخبار الأفريقية، فلن نجد إجابة سهلة، إلا إذا لجأنا إلى أسلوب الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي استخدم قبل أكثر من 2000 عام الأسئلة التالية: ماذا؟ من؟ متى؟ أين؟ كيف؟ ولماذا؟، وهي الأسئلة التي تستخدمها أجهزة المخابرات بشكل معتاد في تقاريرها.
ومنذ عام 2020، شهدت هذه المنطقة المعنية سبعة انقلابات، وتمردات عرقية، وشبه حرب أهلية في السودان، وفوضى يسببها الإرهابيون في 4 دول ومحاولات في ستة بلدان أخرى. ولتعقيد المشهد أكثر، نلاحظ كيف تنسحب القوات الأجنبية من بعض البلدان لتحل محلها قوات أخرى.
ظواهر مرعبة
وبالعودة إلى السؤال حول ما يحدث بين خطي التوازي العاشرة والعشرون، فإننا نعلم ما يحدث وأنه بدأ في عام 2010 تقريباً، وأن المنطقة التي يحدث فيها تزداد شساعة يوماً بعد يوم. هذه أسباب كافية لبدء العمل حتى لا ينتشر عدم الاستقرار أكثر، وإذا كان الوضع كارثي اليوم، فسوف يزداد سوءًا في غضون سنوات قليلة إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء.
الإرهاب، الفقر، البؤس، الحروب، تهريب المهاجرين، تهريب المخدرات، الجوع، الاختلالات الاجتماعية، الأمراض، تهريب الأسلحة، هي ظواهر مرعبة لوصف الواقع الحالي بين خطي التوازي. يعيش العالم مع هذه المشكلة منذ أكثر من 10 سنوات ولم يتمكنوا من إيجاد حلول لها، ومن الواضح أن الحلول المطبقة حتى الآن غير ناجعة، ما يعني الحاجة الملحة لإيجاد حلول جديدة.
وبالانتقال إلى سؤال ماذا؟ ما نعرفه هو أن أي علامة ضعف في هذه البلدان يتم استغلالها من قِبل من؟ الجواب: الإرهابيون. ونتيجة لهذا السؤال، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان الإرهابيون يتدخلون بطريقة ما لإحداث هذه الاختلالات. يمكن التشكيك في أنهم المروجون المباشرون، لكن الحقيقة هي أن الذراع السياسية للإرهابيين تتحرك لتهيئة المناخ الملائم لتحقيق مصالحهم، حيث يجب ألا ننسى أنه على عكس الفاعلين الآخرين، بالنسبة للإرهابيين، يكفي وجود الفوضى لتحقيق خططهم.
على الرغم من عدم وجود إجابات لجميع الأسئلة التي يطرحها أرسطو، إلّا أننا نعلم أن هناك مصلحة في جلب الفوضى إلى المنطقة الواقعة بين خطي التوازي العاشر والعشرون، حتى لو كنا لا نعرف السبب. لا نعرف من هو المروج بوضوح، لكننا نعرف من المستفيد. نحن نعلم ما لا يجب أن يحدث لتعمّ الفوضى وهذا يكفي كنقطة انطلاق.