دعوات لملاحقة إخونجية اليمن بسبب الجرائم والانتهاكات في السجون
المعتقلون المفرج عنهم يوثّقون عمليات تعذيب وحشية جسدية ومعنوية
وثّق مواطنون خرجوا من سجون تنظيم الإخونجية في محافظة شبوة، عمليات الإجرام التي مارستها الميليشيات الإخونجية خلال سيطرتها على المحافظة، فيما تعالت الأصوات التي تطالب بملاحقة قادة إخونجية اليمن، على “الجرائم والانتهاكات والوحشية”.
وتركزت أغلب الانتهاكات التي تعرض لها أهالي شبوة داخل سجون الإخونجية السرية، في الحرمان من الطعام الآدمي، والإهانة في تقديمه، والتعذيب بالإغراق، والصعق الكهربائي، والتقييد وعصب الأعين، والاحتجاز في أماكن ضيقة شديدة الحرارة تفتقر للتهوية.
وسجلت العديد من المصادر شهادات عدد من المعتقلين المفرج عنهم من سجون الإخونجية السرية في شبوة بعد شهر ونصف من تطهيرها، لتسليط الضوء على فظائع الانتهاكات التي تعرضوا لها داخل غياهب تلك المعتقلات.
غرفة الضغاطة
المواطن ثابت الخليفي، المعتقل من حي المطار بمدينة عتق، في 14 فبراير/شباط 2021، اقتيد إلى سجن البحث الجنائي وتم التحقيق معه قبل تحويله إلى سجن الأمن السياسي، ووضعه في غرفة ضيقة في ظروف غير إنسانية، بحسب تأكيده؛ تسببت بإصابته بأمراض جلدية وتحسسية، نظرا لافتقارها لأبسط مقومات النظافة.
وأضاف في شهادته إلى أن نوعية الطعام المقدمة للمعتقلين لم تكن صالحة كذلك، ومشيرا إلى أن هذا الوضع استمر على مدار 3 أشهر في سجون الأمن السياسي التابع لمليشيات الإخوان.
وقال الخليفي إن الجنود كانوا يقيدونه وباقي المعتقلين من الصباح وحتى غروب الشمس يوميا، كما يدخلونهم فيما يسمى بـ”غرفة الضغاطة”.
والطغاطة هي غرفة تحت الأرض، أشبه بخزان مياه ضيق، يحتوي على صنبور يتم فتحه خلال تواجد السجين بالغرفة حتى يكاد يغرق به، بحسب شهادات المعتقلين.
ما سرده المعتقل ثابت الخليفي أكده أيضا معتقل آخر هو حسن الطفي، الذي تعرض للاعتقال في 19 يونيو/حزيران 2021، أثناء توجهه من عدن إلى حضرموت ومروره بنقاط قوات الأمن الخاصة بشبوة، التابعة للإخونجي المدعو عبدربه لعكب.
ويشير حسن الطفي إلى أنه احتجز ورفاقه في حاوية “كونتينر”، بلا تهوية ودرجة الحرارة فيها مرتفعة جدا في ظل حر شبوة الصحراوي، وعندما توجه بالشكوى لقائد نقطة “الخبية” الأمنية، رد عليه ساخرا: “سنقوم بتشغيل المكيف المركزي”!
وأكد المعتقل أن جنود هذه النقطة التابعة لقوات الأمن الخاصة، والتي تفصل بين محافظتي حضرموت وشبوة، قاموا بمصادرة بطاقة الهوية الخاصة به ومرافقيه، وكالوا لهم السب والشتم والإهانات والتهديد بالقتل.
أساليب التعذيب
رامي قيصر وهو معتقل آخر عانى في سجون تنظيم الإخونجية أشار إلى محاولات التنظيم تلفيق اتهامات له وانتزاع اعترافات تحت التعذيب الوحشي، بهدف تشويه المقاومة اليمنية وداعميها.
وروى قيصر أزمته الصحية داخل السجن، حيث يعاني من فشل كلوي، مؤكدا رفض مليشيات الإخونجية توفير عناية طبية له أو إمداده بالدواء رغم مناشدات زملائه في مكان الاحتجاز بضرورة نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.
وفيما يتعلق بأساليب التعذيب، أشار قيصر إلى أن المليشيات تقوم “بتعليق” المعتقلين في رافعة متحركة “ونش”، ويربطوا أياديهم من الخلف، ويعصبوا العينين، ويعرضوا المعتقلين للصعق الكهربائي، مؤكدا تعرضه شخصيا لهذا النوع من الممارسة الوحشية.
وعن هذه غرفة الضغاطة يقول المعتقل رامي قيصر، أنه كان أحد السجناء الذين نزلوا إليها، ووصلت المياه إلى منتصف جسده، وخشيّ على نفسه من الغرق، كما تعرض أحد المعتقلين لنفس التجربة وواجه الموت عندما وصلت المياه إلى أعلى رأسه لولا أنه لجأ إلى الاستغاثة وضرب بوابة الضغاطة بقدميه حتى أخرجوه.
المعتقل علي النعماني الذي تعرض للاعتقال في نقطة “بن الأشدف” تابعة لقوات المدعو لعكب على مدخل مدينة عتق، يتحدث هو الآخر عن الضغاطة، واصفا إياها بأنها غرفة لا تهوية فيها ولا ضوء وتكفي بالكاد المعتقل في وضع القرفصاء.
النعماني كشف عن تعرضه للإهانة واحتجازه بعد ربط يديه وعصب عينيه في حاوية “كونتينر” لمدة ساعة كاملة، قبل أن يقتادوه إلى منطقة صحراوية ويلفقوا له تهمة العثور على “حشيش وحبوب مخدرة”، زعموا أنهم أخرجوها من سيارته، بالإضافة إلى تهم أخرى بالارتباط بالانتقالي ومليشيات الحوثي.
كما تحدث علي النعماني عن أسلوب مهين في تقديم الطعام للمعتقلين، لافتا إلى أن سجاني مليشيات الإخونجية يرمون إلى المعتقلين بقطع خبز الحبوب القاسي “الكدم” في وجوههم، ويقومون بـ”سكب” الفول على الأرض ويطلبون من المعتقلين تناوله.
التعذيب المعنوي
الانتهاكات التي يمارسها إخونجية اليمن بحق المواطنين اليمنيين في شبوة، لم تقتصر على التعذيب الملموس، بل شملت أيضا أساليب في التعذيب المعنوي والابتزاز النفسي، عبر اعتقالات متكررة واستدعاءات متواصلة وتحقيقات لا تنتهي.
حول ذلك يؤكد المعتقل محسن الخليفي أنه اعتقل مرتين، من قبل قوات الأمن الخاصة بقيادة المدعو عبدربه لعكب، المرة الأولى كانت في منتصف فبراير/شباط 2020، لمدة شهر كامل، وبعد الإفراج عنه بضمانة كان مطالبا بالحضور كل يوم خميس إلى معسكر الشهداء في مدينة عتق للتوقيع والتحقيق معه لمدة ساعات.
ويضيف الخليفي أنه في 11 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام طلبت مليشيات الإخونجية من الضمين إحضاري لمدة خمس دقائق للتحقيق، لكن هذه الدقائق تحولت إلى شهرين من الاعتقال والتحقيق المتواصل والتنقل بين سجون الاستخبارات العسكرية التابعة للإخوان، وهو الاعتقال الثاني.
الخليفي أشار إلى أن المليشيات لم تجد ما يدينه، فلجأت إلى أسلوب الابتزاز النفسي والتحقيقات المتواصلة، وتلفيق اتهامات باطلة وتحويله إلى النيابة العامة، لكن النيابة لم تجد دليلا ضده فأفرجت عنه، بعد تأكدها من عدم صحة تلك التهم.
التحقيق في الجرائم
الشيخ عبدالله النعماني، أحد المعتقلين السابقين مع ابنه، طالب الجهات الحقوقية المعنية بمحاسبة إخونجية اليمن على جرائم الانتهاكات والتعذيب والاعتقال التعسفي.
النعماني اتهم في شهادته مليشيات الإخونجية بمحاولة قتله، بعد اختطافه وتعذيبه وسرقة جواله والتجرؤ على الاطلاع على ما فيه ونشر خصوصياته، وتلفيق تهم من عسكريين تابعين للإخونجية بأنهم عثروا على “مقاطع إباحية”.
وقال النعماني إن الجنود كانون يدخلون الزنزانة وهم يصرخون: “ما زلت حيا؟”، ويستعجلون موتنا.