دعوة الغنوشي لانعقاد البرلمان التونسي مخالفة دستورية قد تضعه تحت طائلة القانون
أصدر رئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي في تونس بيانا يعكس حالة التوتر التي يعيشها والضغوط التي يتعرض لها من الداخل، بعد انشقاق أكثر من 130 من قياديي حركته معلنين أن السبب “سياساته الفاشلة التي أدت إلى غضب الشارع وتراجع شعبية الحركة إلى حد غير مسبوق، ومن ثم خروجها من المشهد السياسي”.
وقد دعا الغنوشي في بيانه، إلى استئناف العمل في البرلمان، المجمد منذ قرارات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية في 25 يوليو الماضي.
ونشر الغنوشي البيان عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”، معلنا أن “البرلمان في حالة انعقاد دائم”، ودعا أعضاءه إلى استئناف الجلسات.
التونسيون يتصدون لمحاولات الإخونجية
لكن دعوة الغنوشي لاقت رفضا شعبيا واسعا، حيث اعتبروها كثيرون “محاولة لجر البلاد إلى حالة الفوضى”، فيما شهد مقر البرلمان مساء الجمعة حشودا طالبت بعدم السماح لنواب الإخونجية وحلفائهم بالعودة إلى المجلس، ووضع حد لمحاولات ضرب الاستقرار.
ويقول المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي إن “الغنوشي حاول بلا شك إحداث حالة من الصدام بين النواب والشعب، بدعوته التوجه إلى البرلمان والإعلان أنه في حالة انعقاد دائم، تحديا لقرارات الرئيس التي تستمد شرعيتها من الدستور، وأيضا من دعم وتأييد الشارع والتفاف كافة القوى السياسية خلفها”.
وأوضح الجليدي أن “الشعب التونسي هو من تصدى لمحاولة الإرباك وإحداث الفوضى، ومثل حائط صد أمام دعوات الإخونجية الفوضوية، وعبر عن رأيه بالاحتشاد أمام البرلمان ورفض دخول النواب، بل وتوعد أي شخص يحاول تعطيل مسار الخارطة الإصلاحية”.
رقصة المذبوح
وقال الجليدي إن “الغنوشي اجتمع ليل الجمعة مع عدد من ممثلي القوى السياسية التي كانت متحالفة مع الإخونجية داخل البرلمان، وحاول إظهار موقف النهضة بأنه قوي، وأن التحركات يمكن أن تؤتي أهدافها، وذلك على عكس الواقع الذي يؤكد أن الحركة تواجه موجة من الانشقاقات والتفتت الداخلي، فيما تحاول كافة القوى السياسية فك ارتباطها بها لتفادي غضب الشارع”.
ووصف المحلل التونسي دعوة الغنوشي بأنها “رقصة المذبوح”، و”هي محاولة أخيرة فاشلة لفرض النهضة جبرا على المشهد السياسي، خاصة بعد تعيين رئيسة للحكومة والبدء في مشاورات تشكيلها، فيما تؤكد التقديرات أن حركة النهضة لن يكون لها أي تمثيل”.
الإقامة الجبرية
ومن جهة أخرى، يقول الناشط السياسي والقانوني التونسي حازم القصوري، إن البيان الصادر عن الغنوشي مخالف للمادة 35 من دستور 2014 ومرسوم الأحزاب لسنة 2011.
وأوضح القصوري أنه “وفق القانون وبالاستناد إلى قرارات الرئيس، فإن كل التصرفات والبيانات والتصريحات الصادرة عن الأفراد والجماعات والأحزاب خارج إطار القانون، وتدخلهم في إطار التدابير الاحترازية”.
وأشار القصوري إلى أنه “في هذه الحالات يمكن للسلطات، وخاصة وزير الداخلية وفق قانون الطوارئ، اتخاذ الإجراءات المناسبة لتفادي أي أخطار محدقة بأمن البلاد، درءا لتصريحاتهم الخطيرة”، كما لمح إلى إمكانية “وضعهم في الإقامة الجبرية حتى تتعهد المحاكم بملفاتهم وفق مقتضيات القانون”.
وخلال الأسابيع الماضية، توالت الانشقاقات داخل حركة النهضة الإخونجية، حيث يحمل قطاع كبير من قياداتها الغنوشي المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بها على مدار السنوات الماضية، ووصل بها إلى حالة غير مسبوقة من الرفض الشعبي، مما دفع سعيّد للإعلان عن الإجراءات التصحيحية في 25 يوليو الماضي.
وكان الرئيس التونسي قرر تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه وحل حكومة هشام المشيشي، فضلا عن بدء عملية تطهير ومحاسبة شاملة في البلاد.