رئيس الحكومة اللبنانية يؤكد تهريب مليارات الدولارات من المصارف إلى خارج البلاد
انتقد رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، الجمعة، في كلمة إثر اجتماع للحكومة بحضور رئيس الجمهورية ميشال عون أداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشدّة، محملاً إياه مسؤولية التدهور السريع في سعر صرف الليرة، التي تخطت عتبة 3800 مقابل الدولار في السوق السوداء في اليومين الأخيرين.
وأكد دياب “خروج 5,7 مليار دولار من الودائع من المصارف خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير” من دون أن يحدد وجهة الأموال.
إلا أن مصدراً مقرّباً من رئاسة الحكومة أفاد أنّ الجزء الأكبر تم تحويله إلى الخارج. وقال “جزء منه تمّ سحبه وإدخاره على الأرجح داخل المنازل وبهدف الاستخدام اليومي والاستهلاك”.
وأضاف المصدر: “نظراً لكون عمليات السحب عبر الصندوق كانت محدودة بمبالغ صغيرة نسبياً خلال تلك الفترة، يمكن أن يستنتج منطقياً أن جزءاً كبيراً من الـ5,7 مليار دولار غادر البلاد”.
وبحسب تقديرات رسمية سابقة، تمّ تحويل 2,3 مليار دولار خلال آخر شهرين من عام 2019 للخارج، بعد اندلاع احتجاج شعبي غير مسبوق ضد الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وتدهور الوضع الاقتصادي. وتمت العمليات حينها رغم منع التحويل إلى الخارج.
وتحدّت دياب عن “غموض مريب في أداء” سلامة “إزاء تدهور سعر الصرف” معتبراً أن “دور مصرف لبنان يبدو إما عاجزاً أو مُعطلا بقرار أو محرضاً على هذا التدهور الدراماتيكي في سعر العملة الوطنية”.
ودعا دياب سلامة، الذي يشغل منصبه منذ العام 1993، إلى أن “يعلن لللبنانيين الحقائق بصراحة.. وما هو أفق المعالجة وسقف ارتفاع الدولار”.
وقدر ارتفاع الخسائر في مصرف لبنان إلى 7 مليار دولار منذ مطلع العام حتى منتصف الشهر الحالي، 3 مليارات منها خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة.
وأعلن دياب “تكليف شركة دولية حيادية التدقيق الحسابي في مصرف لبنان”، في قرار اعتبره “تاريخياً”.
وتحمّل قوى سياسية عدة على رأسها حزب الله سلامة مسؤولية تدهور الوضع المالي. وكرر مؤخراً مطالبة الحكومة بالتدقيق المالي والمحاسبي لمصرف لبنان.
وسلامة، الذي نال جوائز إقليمية ودولية تقديراً لجهوده في منصبه، كان يعد بمثابة عراب استقرار الليرة ومهندس السياسات المالية في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990). ولطالما عرف بسياساته النقدية الحذرة.
إلا أن ارتفاع المديونية في البلاد وأزمة السيولة الأخيرة وإصراره على أنّ “الليرة بخير” زاد من النقمة ضدّه. وتعتبره قوى سياسية عدة بينها حزب الله والتيار الوطني الحر الذي أسسه عون، عراب الاستدانة من الداخل والخارج، رغم أن الاستدانة تمّت بغطاء سياسي من الحكومات المتعاقبة.
وقال الباحث الاقتصادي جاد شعبان أن سلامة “على رأس النظام (المالي) بأكمله.. ويتحمل الكثير من مسؤولية العبء لكنه ليس المذنب الوحيد” مضيفاً “هو جزء من البازل”، في بلد يقوم نظام الحكم فيه على توافق وتسويات بين القوى الطائفية الرئيسية.
ويرزح لبنان تحت ديون تصل إلى 92 مليار دولار. وأعلنت الحكومة الشهر الماضي توقفها عن سداد كافة ديونها الخارجية في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين في بلد يشهد انهياراً متسارعاً يهدد إحتياطاته بالعملة الأجنبية.
من جهته، أصدر رئيس الوزراء السابق سعد الحريري بياناً مطولاً انتقد فيه تصريحات دياب ومتهماً إياه بتصفية الحسابات السياسية مع البعض على حساب البعض الآخر.
وكتب الحريري: “إنها مرحلة الانتقام من مرحلة كاملة، يفتحونها على نطاق واسع، ويكلفون رئيس الوزراء بتولي مرحلة الهجوم”.
وأضاف متهكماً: “برافو حسان دياب. لقد قمت بعمل جيد، وأنت تحقق أحلامهم في تصفية النظام الاقتصادي الحر. إنهم يصفقون لكم في القصر ويجدون الدهون فيكم من أجل فطيرة العهد القوية”.
وقال الحريري إن خطاب الحكومة هدفه إبعاد المسائلة القانونية عن البعض، وأضاف: “المواقف التي تسمعها وتقرأها من أوراق العمل التي أعدتها الحكومة والمنظرون الحكوميون ، تشكل دعوة لتعيين الذئب لرعاية القطيع، أو أنها طريقة مبتكرة لمنح المتهم السلطة للتحقيق في التهم المنسوبة إليه”.
بيروت- الأوبزرفر العربي