رئيس الوزراء التركي الأسبق يطالب بالتحقيق مع أردوغان في قضايا الخصخصة
طالب رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو بالتحقيق مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، على خلفية عمليات الخصخصة التي شملت البنوك التركية ومؤسسات الدولة خلال الآونة الأخيرة.
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة “يني جاغ” التركية المعارضة، فإن طلب أوغلو، جاء ردًا على تصريحات أدلى بها أردوغان حول أزمة جامعة “إسطنبول شهر” التي صادرتها السلطات مؤخرًا، ويعتبر رئيس الوزراء الأسبق، أحد مؤسسيها.
ومنتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حجز مصرف “خلق بنك” الحكومي التركي على كافة أصول وممتلكات جامعة “إسطنبول شهر”.
وبينما يقول البنك إن الحجز جاء لتأخر الجامعة في سداد مستحقات متأخرة عليها، يقول مراقبون إن هذا الإجراء ما هو إلا انتقام لأردوغان من رفيق دربه السابق داود أوغلو.
وخلال الأيام الأخيرة قال أردوغان تعليقًا على الأمر “إنهم احتالوا على خلق بنك”، في إشارة إلى داود أوغلو، ونائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، ووزير المالية الأسبق محمد شِيمْشَك.
وردًا على ذلك قال أوغلو في بيان له بعنوان “الاتهامات الواهية حول أرض جامعة إسطنبول شهير”: قد افتروا على رئيس وزراء قدم كل ما بوسعه من أجل خدمة هذا البلد، وسخر كامل عمره لذلك، واتهموه بالاحتيال”.
وعن أزمة الجامعة، أكد أن “ما يجعلها جامعة -بحق- ليس الأراضي والأبنية، وإنما المناخ الاجتماعي الذي يشكله الطلاب والعلماء، ولكن من ينظرون إلى الأراضي ويحسبون قيمتها بالدولار لا يمكنهم فهم ذلك”، داعيًا إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق من نواب البرلمان.
كما شدد على أن “هناك حملة لا أساس لها من الصحة تنفذ ضد جامعة إسطنبول شهر”، مشيرًا إلى أن “اتخاذ قرار الهجوم على الجامعة في اجتماعات لجنة اتخاذ القرار المركزي في أحد الأحزاب السياسية (في إشارة لحزب العدالة والتنمية) يكشف الأبعاد السياسية للحملة التي تتعرض لها”.
كما دعا داود أوغلو إلى فتح تحقيق مع كل المسؤولين، بداية من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكافة المسؤولين في ملف البنوك الحكومية التي تمت خصخصتها وأصحاب الصلة الذين مازالوا على قيد الحياة، لبيان صحة الادعاءات الخاصة ببنك خلق.
وذكرت مصادر أن استهداف جامعة “إسطنبول شهر”، يأتي بسبب تبعيتها لـ”وقف العلم والفن”، الذي أسسه داود أوغلو.
ومن المقرر إلحاق جامعة “إسطنبول شهر”، بجامعة “مرمرة”، وفق ما كشف عنه المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك، في تصريحات سابقة.
ووضعت تركيا أكثر من 100 مؤسسة حكومية من أهم مؤسسات الدولة في قائمة المؤسسات المطروحة للخصخصة بالاستفادة من تشريع قانوني وافق عليه البرلمان عام 2016.
بدورها أصدرت إدارة الجامعة في وقت سابق بيانًا ضد قرار البنك المقرب من أردوغان وحزب العدالة والتنمية، مؤكدة أن الإجراء ليس له أي جوانب قانونية.
وأكد البيان أن “الهدف من هذا التصرف ليس حماية مستحقات البنك، وإنما الهدف هو جعل مؤسسة تعليمية ناجحة غير قادرة على مواصلة العمل”.
وأوضحت الجامعة أن “البنك الحكومي لم يسمح باستخدام حق الاقتراض المخصص لها، في الدعوى المرفوعة ذات الصلة بنقل ملكية أرض الحرم الجامعي من اتحاد غرفة المهندسين المعماريين الأتراك، بناءً عليه تعرضنا لأزمة قصيرة المدة في سداد المدفوعات، في ظل الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد العام الماضي، والظروف غير الطبيعية التي نمر بها اليوم”.
وأشارت الجامعة إلى أنها عقدت لقاءات مع المسؤولين في البنك وتوصلوا إلى اتفاق معهم، إلا أنهم فوجئوا بقرار الحجز على الجامعة بعد يومين من التوصل لاتفاق.
وشددت الجامعة على أن “البنك تصرف بشكل مخالف لمبادئ الأمانة، وفرض حجزًا على جميع الأصول الخاصة بنا في البنوك، هذا الوضع الناتج عن هذه المحاولة البعيدة عن حسن النوايا، لا يمكن أن يحدث في دول يسودها القانون”.
و”إسطنبول شهر”، جامعة خاصة تأسست عام 2008 بالجانب الآسيوي من مدينة إسطنبول.
وانتقام أردوغان يأتي على خلفية ما يشهده الحزب الحاكم منذ فترة من سلسلة انشقاقات كان أبرزها، استقالة داود أوغلو في 13 سبتمبر/أيلول الماضي، ونائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، في يوليو/تموز الماضي، بعد فترة من انتشار مزاعم حول اعتزامهما تأسيس حزبين جديدين مناهضين للحزب الحاكم، بزعامة أردوغان.
ومن المنتظر أن يعلن باباجان، وداود أوغلو عن حزبيهما الجديدين بحلول نهاية العام الجاري.
وهذه الانشقاقات المتتالية تأتي اعتراضاً على سياسات أردوغان التي أدخلت البلاد في نفق مظلم.
وانخفض عدد أعضاء الحزب خلال عام واحد، بمقدار 788 ألفا و131 عضوًا، بحسب ما أعلنته المحكمة العليا في 1 يوليو/تموز الماضي، إذ سجل عددهم 9 ملايين و931 ألفًا و103 أعضاء، بعد أن كانوا 10 ملايين و719 ألفًا و234 عضوًا.
كما أنه خلال الشهرين الممتدين من 1 يوليو/تموز حتى 9 سبتمبر/أيلول الماضي، انخفض أعضاء الحزب كذلك بمقدار 56 ألف شخص، ما شكل حالة كبيرة من الذعر في أروقة العدالة والتنمية دفعته للبحث عن حلول وصيغ لوقف هذا الانهيار.
وخلال الأيام الأخيرة، ذكرت وسائل إعلام تركية أن العدالة والتنمية يعتزم تعديل القوانين المتعلقة بالحد الأدنى لتمثيل الأحزاب في البرلمان والمقدر بـ10%، وتخفيضها في دلالة واضحة على إدراك الحزب انخفاض شعبيته بشكل كبير.
وتأتي الخطوة بعدما أثار حزب أردوغان الجدل في الفترة الأخيرة بسبب اقتراح تقليص الحد الأدنى لاختيار رئيس الجمهورية من 1+50% إلى 1+40%، في خطوة اعتبرتها المعارضة محاولة من “العدالة والتنمية” للبقاء في السلطة.