روسيا تتجاوز العقوبات الغربية وتضاعف انتاجها العسكري
راهن مسؤولون أميركيون على أن العقوبات الغربية ستجبر روسيا على إبطاء إنتاجها من الصواريخ وغيرها من الأسلحة بشكل كبير لمدة 6 أشهر على الأقل منذ بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، لكن بحلول نهاية العام نفسه، بدأ قطاع الصناعات العسكرية الروسية في تسريع وتيرته مرة أخرى، بحسب مسؤولين أميركيين تحدثوا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وقال مسؤولون غربيون إن روسيا تغلبت على العقوبات وقيود التصدير التي فرضها الغرب، وزادت إنتاجها من الصواريخ إلى مستويات تتجاوز نظيرتها قبل الحرب، ما يجعل الأوكرانيين عرضة بشكل خاص لهجمات مكثفة في الأشهر المقبلة، بحسب الصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن تقييد الإمدادات العسكرية الروسية يشكل جزءاً رئيسياً من استراتيجية الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا، بالإضافة إلى إنفاق أكثر من 40 مليار دولار لتزويد كييف بالأسلحة.
أكبر 7 مرات من إنتاج الغرب
وفي الوقت الحالي، أعاد المسؤولون الروس تشكيل اقتصادهم ليركز على الإنتاج الدفاعي. وبفضل الإيرادات الناجمة عن ارتفاع أسعار الطاقة، تمكنت أجهزة الأمن الروسية ووزارة الدفاع من تهريب الإلكترونيات الدقيقة وغيرها من المواد الغربية اللازمة لصنع صواريخ كروز وغيرها من الأسلحة الموجهة بدقة. ونتيجة لذلك، لم يتعاف الإنتاج العسكري فحسب، بل زاد أيضاً.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى تصريح أدلى به مسؤول دفاعي غربي كبير قبل الحرب، حين قال إن روسيا قادرة على صنع 100 دبابة سنوياً، مضيفة أنها الآن تنتج 200 دبابة سنوياً.
ويعتقد مسؤولون غربيون أن روسيا في طريقها إلى تصنيع مليوني قذيفة مدفعية سنوياً، أي ضعف الكمية التي أشارت إليها التقديرات الأولية لأجهزة الاستخبارات الغربية قبل الحرب.
ونتيجة لهذه الجهود، تنتج روسيا في الوقت الحالي ذخائر أكثر من الولايات المتحدة وأوروبا. وقال كوستي سالم، وهو مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإستونية، إن إنتاج روسيا الحالي من الذخيرة أكبر 7 مرات من إنتاج الغرب.
وأضاف سالم أن تكاليف الإنتاج في روسيا أيضاً أقل بكثير من نظيراتها في الغرب، ويرجع ذلك جزئياً إلى تضحية موسكو بالسلامة والجودة في جهودها لتصنيع أسلحة بتكلفة أقل.
وأوضح أن الدول الغربية تتكلف ما بين 5000 و6000 دولار لصنع قذيفة مدفعية عيار 155 ملم، بينما تتكلف روسيا نحو 600 دولار لإنتاج قذيفة مدفعية عيار 152 ملم.
ومع ذلك، تواجه روسيا بعض العوائق، مثل عدم امتلاك مخزونات ضخمة من بعض طرازات الصواريخ، لكنها تمتلك عدداً أكبر من بعض الصواريخ، مثل صاروخ كروز KH-59، أكثر مما كانت عليه في بداية الحرب، وفقاً لأشخاص مطلعين على تقارير استخباراتية.
أفسدت قيود التصدير الأميركية
وقال مسؤولون أميركيون إنهم قادرون على إبطاء- وليس منع- روسيا من تهريب الأجزاء التي تحتاجها لإنتاج الصواريخ، وإن من غير الواقعي الاعتقاد بأن موسكو لن ترد على القيود الأميركية.
وأوضحت الصحيفة أن روسيا أفسدت قيود التصدير الأميركية باستخدام أجهزتها الاستخباراتية ووزارة الدفاع لإدارة شبكات غير مشروعة من الأشخاص الذين يهربون المكونات الرئيسية عن طريق تصديرها إلى دول أخرى ثم شحنها إلى روسيا بسهولة أكبر.
وفي أقل من عام منذ بدء الحرب، أعادت روسيا التجارة في المكونات الأساسية من خلال نقلها عبر دول مثل أرمينيا وتركيا. وتحاول الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا التعاون لوقف تصدير الرقائق إلى روسيا، لكنها وجدت صعوبة في منع نقلها من الدول التي لديها علاقات مع موسكو.
وقالت “نيويورك تايمز” إن إعادة تنشيط الإنتاج العسكري الروسي يثير قلقاً خاصاً، بسبب استخدام موسكو المدفعية لقصف الجنود الأوكرانيين على الخطوط الأمامية، وكذلك استخدامها الصواريخ لمهاجمة شبكات الكهرباء وغيرها من منشآت البنية التحتية.
وفي غضون ذلك، يعمل البنتاغون على إيجاد طرق لمساعدة الأوكرانيين على تحسين قدرتهم على تدمير الصواريخ والطائرات المُسيرة التي تطلقها روسيا على أهداف مدنية في كييف وأهداف عسكرية في جميع أنحاء أوكرانيا.
وزود البنتاغون أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي من طراز “باتريوت”، وأقنع الحلفاء بتزويد كييف بذخائر أنظمة الدفاع الجوي. كما قدم أيضاً أنظمة دفاع جوي أخرى مثل “أفنجر” و”هوك”.
روسيا تكيفت بسرعة
ومع ذلك، لا تمتلك أوكرانيا ما يكفي من أنظمة الدفاع الجوي لتغطية البلاد بأكملها، ويتعين عليها اختيار المواقع التي تدافع عنها. وقال مسؤولون أوكرانيون إن زيادة الهجمات الصاروخية قد يقضي على الدفاعات الجوية للبلاد.
وفي أكتوبر 2022، جمعت الولايات المتحدة مسؤولين دوليين في واشنطن في محاولة لتشديد العقوبات على الاقتصاد الروسي.
وقال مسؤولون أميركيون في هذا الوقت إنهم يعتقدون أن العقوبات وقيود التصدير حققت نجاحاً جزئياً، لأنها منعت الدول من إرسال الرقائق الدقيقة، ولوحات الدوائر، ومعالجات الكمبيوتر، وغيرها من المكونات الضرورية لتصنيع الأسلحة الموجهة بدقة، بالإضافة إلى المكونات الضرورية للمحركات التي تعمل بالديزل وطائرات الهليكوبتر والدبابات.
وعلى الرغم من ذلك كله، تكيفت روسيا بسرعة مع ذلك من خلال جهودها الخاصة لتأمين إمدادات الأجزاء التي تحتاجها، بحسب الصحيفة الأميركية.