روسيا تنسحب من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الاثنين، على قانون انسحاب روسيا من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا.
ونشر الكرملين اليوم الاثنين، الوثيقة على بوابة الإنترنت الرسمية للمعلومات القانونية.
وأصدر الرئيس الروسي في بداية الشهر الجاري، مرسوما حول عزم روسيا الانسحاب من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، وتم تعيين نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ممثلا للرئيس عند النظر في المبادرة أمام البرلمان الروسي بمجلسيه.
ومعاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا وقعها ممثلو الدول الأعضاء في حلف الناتو وأعضاء حلف وارسو في 19 نوفمبر عام 1990 في باريس ودخلت حيز التنفيذ في 9 نوفمبر عام 1992.
ونصت المعاهدة على الحد من القوات التقليدية لدول الحلفين العسكريين وكذلك الحد من نشر القوات على خط التماس بين الحلفين، بهدف منع وقوع هجوم مفاجئ وشن هجمات واسعة النطاق في أوروبا.
قمة اسطنبول
وشهدت قمة اسطنبول لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي في 19 نوفمبر عام 1999، توقيع اتفاق حول تعديل المعاهدة، وذلك بسبب تغير الوضع السياسي العسكري في أوروبا بعد زوال حلف وارسو وتفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991.
لكن المعاهدة المعدلة لم تدخل حيز التنفيذ حيث لم تصدق دول الناتو عليها، وواصلت الالتزام بأحكام نسخة 1990، التي تحدد معايير الأسلحة التقليدية على أساس الموازين السابقة بين الناتو وحلف وارسو.
فضلا عن ذلك استمر حلف الناتو في التوسع شرقا وانضمت إليه بولندا والتشيك وهنغاريا حلف عام 1999، ثم بلغاريا ورومانيا ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا وسلوفاكيا وسلوفينيا عام 2004، قبل أن تحصل كرواتيا وألبانيا على العضوية الكاملة فيه في عام 2009.
وفي ظل اختلال موازين القوى بسبب توسع حلف الناتو وعزم الولايات المتحدة على نشر عناصر من نظامها للدفاع الصاروخي في دول أوروبية، قدم الجانب الروسي طلبا لتعديل المعاهدة في الاجتماع الذي دعت له موسكو للدول الموقعة على المعاهدة في فيينا في يوليو 2007.
وبعد أن رفض الطلب الروسي، وتأكد القيادة الروسية من أن الغرب لا يريد مناقشة المقترحات الهادفة إلى إنقاذ المعاهدة، ولا يتمسك ببنودها، وقع بوتين على قرار تعليق مشاركة روسيا في المعاهدة اعتبارا من 12 ديسمبر 2007.
رغم قرار التجميد هذا، لم توقف روسيا مشاركتها في عمل فريق التشاور بهدف إقامة نظام جديد للرقابة على القوات التقليدية، إلا أن الحوار بهذا الشأن توقف عمليا في عام 2011.
محاولات إنقاذ المعاهدة
وفي نوفمبر 2011 أعلنت الولايات المتحدة، من جانبها، عن “تعليق تنفيذ بعض التزاماتها أمام روسيا” الواردة في معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، وذلك “بعد أن حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو إيجاد حل دبلوماسي للوضع الذي ترتب بعد إعلان روسيا عن وقفها تطبيق هذه المعاهدة عام 2007”.
وبعد عدة سنوات أخرى من المحاولات العقيمة لإنقاذ المعاهدة، أعلنت روسيا التعليق التام للمشاركتها فيها اعتبارا من 11 مارس 2015، لكنها بقية طرفا في المعاهدة من الناحية القانونية البحتة ومنذ ذلك الحين أصبحت بيلاروس تمثل مصالح روسيا في فريق التشاور المشترك.
وأكد دبلوماسيون روس وقتها أن معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، التي وضعت أثناء وجود حلف وارسو، عفا عليها الزمن ولم تعد متوافقة مع الواقع الحالي، وأنه لا مجال للعودة إليها.
وأكدت موسكو أنها مستعدة لإجراء مفاوضات لصياغة اتفاقية جديدة للرقابة على الأسلحة التقليدية في أوروبا، لكنها لا ترى أية خطوات سياسية من قبل الغرب في هذا الاتجاه.
واستمرت العلاقات بين روسيا والغرب في التدهور في السنوات التالية وسط رفض الناتو التخلي عن التوسع وانسحاب الولايات المتحدة من عدد من الاتفاقات المهمة في مجال الحد من الأسلحة والرقابة عليها.
واعتبرت روسيا ما يحدث حول أزمة أوكرانيا حربا بالوكالة يخوضها الغرب ضد روسيا، لا سيما في ظل نشر قوات إصافية للحلف في أوروبا وقرب الحدود الروسية وضخ كميات هائلة من الأسلحة إلى أوكرانيا، ما دفع موسكو لنبذ الاتفاقات السابقة مع الغرب التي لم تعد تخدم المصالح الأمنية للدولة الروسية.
يذكر أن التوجه نحو الانسحاب من معاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا يأتي بعد أسابيع على إعلان بوتين خلال خطابه أمام الجمعية الفيدرالية في 21 فبراير الماضي عن تعليق مشاركة روسيا في معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية “ستارت”.