زيارة تميم للأردن وتونس محاصرة بالأسئلة
بات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني محاصرا بالأسئلة مع كل زيارة يقوم بها لدولة عربية حول المشاريع التي دأب على إطلاق الوعود بشأنها خلال السنوات الأخيرة، في وقت تترسخ فيه صورة عن قطر في أذهان الكثيرين بكونها الإمارة التي تتخفى وراء الوعود بالدعم لتحقيق أجندة تخريبية خادمة للتيارات الدينية في ليبيا وتونس والسودان واليمن ومصر.
في المقابل، ظلت وعود قطر بتنفيذ مشاريع في تونس مجرد تصريحات، خاصة أن الدوحة لا تريد أن تضخ أموالا في بلد يسيطر فيه مزاج شعبي قوي معاد للتدخل القطري في تونس بالرغم من وجود حزب إسلامي في الحكومات المتعاقبة منذ 2011.
وفيما أعلن الشيخ تميم خلال زيارته لعمان عن التزام قطر بتوفير 10 آلاف فرصة عمل للأردنيين لتضاف إلى 10 آلاف وظيفة سابقة، تم إعلانها في أغسطس 2018، طالب نشطاء أردنيون في مواقع التواصل الاجتماعي أمير قطر بتنفيذ الوعود السابقة قبل إطلاق وعود جديدة، محذرين من أن الأردنيين باتوا يعرفون نوايا قطر جيدا وأنه ليس بإمكان أحد أن يضحك عليهم مجددا.
وقالت سفارة قطر في الأردن، مساء الأحد، إن الشيخ تميم وجه حكومته بتوفير 10 آلاف فرصة عمل للأردنيين، وفتح مركز في عمان لتسهيل تنفيذ الخطوة. كما وجه بدعم صندوق التقاعد العسكري الأردني بمبلغ 30 مليون دولار.
وتعهدت قطر في يونيو 2018 بتوفير 10 آلاف موطن شغل للأردنيين، مع استثمار 500 مليون دولار في مشاريع البنية التحتية والسياحة في المملكة.
وبات الشارع الأردني على ثقة بأن قطر تهدف بالدرجة الأولى إلى إرباك علاقة الأردن بمحيطه العربي، وخاصة بدول الخليج وعلى رأسها السعودية، التي تستمر بدعم عمان بعيدا عن الاستثمار الإعلامي الذي تقوم به الدوحة.
يشار إلى أن الوعد القطري الأول بتوفير 10 آلاف وظيفة للأردنيين جاء بعد أيام قليلة على قمة عقدت في مكة برعاية العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وبحضور العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وخصصت لدعم اقتصاد الأردن ومساعدة المملكة الهاشمية على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تواجهها والتي دفعت الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ضريبية أثارت غضب الشارع الأردني.
وجاءت زيارة الشيخ تميم للأردن بعد أكثر من عامين على خفض التمثيل الدبلوماسي للمملكة مع الدوحة، عقب قطع الدول الأربعِ علاقتَها مع قطر في يونيو 2017، وقرار عمّان آنذاك سحب ترخيص مكاتب قناة الجزيرة القطرية بسبب دورها المحرّض ضد المملكة والمنحاز بشكل كبير إلى إخوان قطر.
ورافقت زيارة أمير قطر لتونس دعوات إلى مواجهة النفوذ القطري في البلاد، خاصة أن وعود الدعم التي سبق أن قدمتها قطر توقفت عند فترة حكم حركة النهضة الإخونجية، وسط شكوك كبيرة في أن المال القطري يتسرب بأشكال مختلفة في البلاد، خاصة لفائدة جمعيات خيرية لا تخضع للرقابة وتنفذ مشاريع بهدف الاستقطاب السياسي.
وتتهم جهات تونسية مختلفة قطر باعتماد تونس كمنصة للعب دور تخريبي في ليبيا ودعم الجماعات المتشددة التي تتخفى بدورها وراء حكومة السراج.
وكانت مصادر تونسية مطلعة قد كشفت عن وجود أعداد متزايدة من القطريين تنتشر في الفنادق التونسية بإقامات طويلة توحي بأنهم يعملون عن قرب على ملفات إقليمية دون التورّط في العمل داخل تونس لكي لا يستفزوا الأمن التونسي.
وحث سياسيون ونشطاء تونسيون الرئيس قيس سعيّد على أن يثير في لقائه بالشيخ تميم موضوع الدور القطري في ليبيا، والضغط لتحييد تونس عن صراع الأحلاف، ولعدم محاولة جرها إلى مربع الحلف التركي القطري من بوابة حركة النهضة، أو بالوعود المالية والاقتصادية التي لا يتحقق منها شيء مثلما دأبت على ذلك قطر في علاقتها بدول أخرى سبق أن تعهدت بدعمها، واتضح أن ذلك لم يكن سوى ستار لتمرير أجندة مغايرة تماما.
وحذر هؤلاء من أن الدوحة تراهن على حسن النوايا في علاقتها بالرئيس التونسي الجديد، وأنها قد تنجح في تحقيق ما تخطط له إذا لم تستمر ضغوط المجتمع المدني والسياسي بالزخم نفسه الذي عرفته خلال السنوات الماضية، وقطع من خلاله الطريق أمام تمدد النفوذ القطري من بوابة الاتفاقيات الحكومية.
ويعتقد المراقبون أن الرئيس التونسي لا يمكن أن يكرّر تجربة المنصف المرزوقي في إطلاق يد الدوحة بالبلاد وفتح الأبواب أمامها لتخريب علاقات تونس سواء ما تعلق منها بليبيا أو ما اتصل بدول الخليج ومصر وسوريا.
والسبت، قالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن “الأمير تميم، يترأس وفدًا رفيعا يضم وزيري الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، والمالية علي شريف العمادي، في زيارة للبلاد، بناء على دعوة من الرئيس سعيّد”.
وتمثل الزيارة “تجسيدا للرغبة المشتركة في دفع العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين”، حسب البيان.
ويتضمن برنامج الزيارة لقاء بين الرئيس التونسي وأمير قطر، تليه جلسة عمل موسعة بين وفدي البلدين لبحث علاقات التعاون وسبل دعمها وتثمينها في المجالات ذات الأولوية.