زيلينسكي يعترف بالخسائر التي تسببت بها الحرب على الشركات والمستهلكين الغربيين
"تجميد الصراع مع الاتحاد الروسي يمنحه فترة للراحة"
اعترف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بالخسائر التي تسببت بها العملية الروسية الخاصة على الشركات والمستهلكين الغربيين، مشيداً برفض حلفاء بلاده الاستسلام لما وصفه بـ”الابتزاز” الروسي، و”استمرارهم في تمكين “المقاومة الأوكرانية” ضد “عدو أقوى بكثير”..
وحذر زيلينسكي، من أي اتفاق لوقف إطلاق النار يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية المستولى عليها منذ بداية عملياتها العسكرية الخاصة في فبراير الماضي، لن يؤدي إلا إلى نشوب صراع أوسع نطاقاً، ما يمنح روسيا فرصة بحاجة إليها لتجديد وإعادة تسليح للجولة التالية.
وقال زيلينسكي في مقابلة أجرتها معه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الجمعة، في المجمع الرئاسي في كييف، إن “تجميد الصراع مع الاتحاد الروسي يعني توقف يمنح الاتحاد الروسي فترة للراحة”.
وأضاف: “لن يستخدموا هذا التوقف لتغيير الجغرافيا السياسية أو للتخلي عن مطالباتهم بجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق”.
وقالت “وول ستريت جورنال” إن تصريحات زيلينسكي تأتي في مرحلة حرجة من الحرب، مع انتشار الآلام الاقتصادية الناجمة عن الصراع في جميع أنحاء العالم، وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية، واحتمال وقف إمدادات الغاز الروسية في الشتاء المقبل، ما يهدد بدفع أوروبا نحو الركود.
وأعرب المسؤولون الروس مراراً عن آمالهم في أن تؤدي هذه المشاكل الاقتصادية إلى تقلص الدعم الأميركي والأوروبي الحاسم لأوكرانيا، ما يفرض ضغوطاً على كييف لتسوية الصراع بشروط ملائمة لموسكو، مثل السماح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي احتلتها مؤخراً جنوب وشرقي أوكرانيا.
اعتراف بالخسائر
واعترف زيلينسكي بالخسائر التي سببتها العملية الروسية الخاصة على الشركات والمستهلكين الغربيين، وأشاد برفض حلفاء أوكرانيا الاستسلام لما وصفه بـ”الابتزاز” الروسي، و”استمرارهم في تمكين “المقاومة الأوكرانية” ضد “عدو أقوى بكثير”.
وقال زيلينسكي: “أنا شاكر للناس هناك. الأمر صعب عليهم، لديهم الآن أسعار مرتفعة، ويعانون من عدم الراحة الناجم عن هذه الحرب والأزمات التي صنعها الروس. ولكنها مسألة قيم”.
ويرى الرئيس الأوكراني أن تقديم التنازلات الدبلوماسية لموسكو الآن قد يؤدي إلى استقرار الأسواق إلى حد ما، ولكنه لن يؤدي في المستقبل إلا إلى هدنة مؤقتة.
وقال زيلينسكي إن الأوكرانيين يؤمنون بأن كافة الأراضي يجب تحريرها أولاً قبل بدء المفاوضات، مضيفاً “كلما أسرعنا في ذلك، قل عدد الضحايا”.
ووصف زيلينسكي روسيا بأنها “حوت عنبر ابتلع منطقتين، ويطلب وقف الصراع. وبعد ذلك سيهدأ، وخلال عامين أو ثلاثة أعوام سيستولي على منطقتين أو أكثر، ويطلب وقف الصراع مجدداً، وسيواصل التقدم أكثر فأكثر، بنسبة 100%”.
إقليم دونباس
ومكنت اتفاقية مينسك التي وقعتها أوكرانيا مع روسيا بضغط من ألمانيا وفرنسا في 2014 و2015 موسكو من تعزيز سيطرتها على أجزاء من دونباس وإضعاف أوكرانيا، ما مهد الطريق لغزو هذا العام.
وفي الشهرين الماضيين، ركزت القوات الروسية على الاستيلاء على الأجزاء التي تسيطر عليها أوكرانيا في إقليم دونباس الذي يضم منطقتي لوغانسك ودونيتسك، إذ أنشأت موسكو دويلات تابعة لها بعد الغزو الأول في عام 2014.
ورغم استيلاء موسكو على ما تبقى من منطقة لوغانسك في وقت سابق من هذا الشهر بعد أسابيع من القتال العنيف، لا تزال أوكرانيا تسيطر على أكثر من ثلث دونيتسك، ولم تحرز القوات الروسية أي تقدم ملحوظ هناك في الأسبوعين الماضيين رغم القتال المستمر.
لسنا أرنباً
وقال زيلنيسكي إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استهان بشدة بأوكرانيا. وأنه “فتح فمه مثل الثعبان واعتقد أننا مجرد أرنب آخر. لكننا لسنا أرنباً، وتبين أنه لا يستطيع ابتلاعنا. وهو في الواقع معرض لخطر تمزيق نفسه”.
وأكد زيلينسكي أن الشحنات الأخيرة من الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة وحلفاء أوكرانيا –وخاصة نظام “هيمارس” الصاروخي متعدد المهام ومدافع “هاوتزر”- ساعدت في تخفيف حدة الهجوم الروسي في دونباس واستقرار الوضع هناك.
وأوضح زيلينسكي أن القوات الروسية كانت تطلق 12 ألف قذيفة مدفعية يومياً، مقابل ما بين 1000 إلى 2000 قذيفة من قبل أوكرانيا. وأضاف أن أوكرانيا يمكنها الآن إطلاق نحو 6000 قذيفة يومياً، بينما بدأت روسيا تشعر بنقص في الذخيرة والقوات.
وزعم الرئيس الأوكراني أن هذا التغيير في ميزان القوى النارية أدى إلى تقليص عدد الضحايا الأوكرانيين، موضحاً أن أوكرانيا خسرت ما بين 100 إلى 200 جندي يومياً في ذروة القتال في مايو ويونيو، وأن عدد الضحايا انخفض إلى نحو 30 و250 جريحاً يومياً.
ورغم رفضه الكشف عن إجمالي الخسائر العسكرية الأوكرانية منذ بداية الحرب، قال زيلينسكي إنها أقل من الخسائر العسكرية الروسية بأضعاف”.
بوتين تجاهل زيلينسكي 3 سنوات
وقال زيلينسكي أن تحقيق الاستقرار في الخط الأمامي في دونباس سيسمح لأوكرانيا بالتقدم في اتجاهات أخرى، ولكن المحللين العسكريين يعتقدون أن أوكرانيا ستعطي الأولوية لاستعادة السيطرة على مدينة خيرسون هذا الصيف.
ورفض زيلينسكي مناقشة أين ومتى تخطط أوكرانيا لشن هجماتها المضادة، بحسب الصحيفة.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، قال بوتين إن الوفدين الأوكراني والروسي توصلا إلى مسودة اتفاق سلام في المحادثات التي أُجريت في إسطنبول في أواخر مارس الماضي، واتهم كييف بالتراجع عن الاتفاق. ولكن زيلينسكي وصف تصريحات بوتين بأنها “هذيان تام”.
وقال زيلينسكي إن كييف حاولت باستماتة إيجاد حل دبلوماسي مع موسكو قبل بداية العملية الروسية في 24 فبراير الماضي، وأن الرئيس الروسي لم يرد على اتصالاته الهاتفية على مدار 3 سنوات.
وأضاف: “لقد جاء إلى هنا دون أن يتحدث، وقتل الناس، وشرد 12 مليون شخص. والآن يقول إن أوكرانيا لا تريد التفاوض. إنهم يقتلون الناس فقط، ويدمرون المدن، ويدخلونها، ثم يقولون: لنتفاوض. مع من يمكنهم التحدث؟ مع الصخور؟ إنهم ملطخون بالدماء. من المستحيل غسل هذه الدماء، لن ندعهم يغسلونها”.
وتابع زيلينسكي: “الآن، وبعد كل المآسي التي حدثت خلال الأشهر الخمسة الماضية، المواطنون الأوكرانيون ليسوا في حالة مزاجية تسمح بإجراء محادثات مع روسيا. المجتمع يؤمن بأن جميع الأراضي يجب تحريرها أولاً، وبعد ذلك يمكننا التفاوض حول ما يجب القيام به وكيف يمكننا التعايش في القرون المقبلة”.