سلسلة من الإضرابات التاريخية تشل الحركة في بريطانيا
ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء يدفع عشرات آلاف العاملين في قطاعات مختلفة للاحتجاج
ما زالت تداعيات الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا تفاقم من حدة الواقع المعيشي لمواطني البلدان الأوروبية، وتدفع نحو تصاعد الاحتجاجات في معظم العواصم الأوروبية، أبرزها الإضرابات والاحتجاجات المستمرة في بريطانيا.
وأعلن الاتحاد الوطني لعمال السكك الحديد والبحرية والنقل (آر إم تي) أن 40 ألفا من أعضائه العاملين في شبكة السكك الحديد و14 شركة قطارات يشاركون في سلسلة من الإضرابات التاريخية التي بدأ اليوم الثلاثاء وتستمر الأربعاء ثم تستأنف الجمعة والسبت فضلا عن أربعة أيام في يناير، حيث يواجه البريطانيون صعوبة كبرى للوصول إلى مراكز عملهم الثلاثاء، في اليوم الأول من إضراب في السكك الحديد بالمملكة المتحدة وسط تحركات اجتماعية تاريخية بمواجهة الارتفاع الحاد في الأسعار.
وتتحدث وسائل الإعلام منذ الآن عن “شتاء استياء” جديد في إشارة إلى الإضرابات الحاشدة التي هزت بريطانيا في أواخر السبعينات.
وأفاد مكتب الإحصاءات الوطني عن خسارة 417 ألف يوم عمل في شهر أكتوبر وحده بسبب الخلافات الاجتماعية، ما يعد المستوى “الأعلى منذ نوفمبر 2011”.
ولا تقتصر الإضرابات على موظفي السكك الحديد بل يشمل عناصر الأمن في قطارات يوروستار التي تسير رحلات إلى أوروبا وعناصر حرس الحدود الذين يكشفون على جوازات السفر في المطارات، ما أرغم الحكومة على التخطيط لنشر عسكريين للقيام بهذه المهام.
كما تطال الإضرابات قطاع الصحة مع لزوم الممرضات إضرابا غير مسبوق الخميس وفي 20 ديسمبر، تنضم إليه طواقم سيارات الإسعاف. وستشمل أيضا عدة قطاعات من الإدارة.
القطاع الخاص
ولم يبق القطاع الخاص بمنأى عن هذه الإضرابات إذ لوحت نقابة “يونايت” بإضراب في شركة “غرين كينغ” للبيرة التي تملك سلسلة من الحانات والمطاعم، وبأزمة بيرة في الأعياد.
وتتركز كل المطالب على زيادة الأجور في مواجهة تضخم تخطى 11 بالمئة في بريطانيا، مدفوعا بالارتفاع الحاد في أسعار الطاقة ولا سيما بعد الأزمة الروسية مع الغرب.
وأكد وزير النقل مارك هاربر عبر إذاعة تايمز راديو صباح الثلاثاء أن “الأولوية الاقتصادية الأولى للحكومة هي ضبط التضخم … حتى يتمكن الناس من مواجهة كلفة المعيشة”، مذكرا بأن الحكومة “قدمت دعما كبيرا” للأسر للتعويض عن زيادة أسعار الطاقة.
وشدد متحدثا لشبكة سكاي نيوز التلفزيونية على أن “الإضرابات سيئة للركاب، وسيئة للشركات … ليست جيدة لمستقبل السكك الحديد”، نافيا أن يكون يعرقل المفاوضات.
تساقط الثلوج
وعشية التحرك في السكك الحديد البريطانية، وفيما زاد تساقط الثلوج وتشكل الجليد من البلبلة في المواصلات الأحد والإثنين، رفضت نقابة “آر إم تي” آخر اقتراحات قدمتها إدارة شبكة “نيتوورك رايل” للسكك الحديد.
وأكد الأمين العام للنقابة ميك لينش عبر البي بي سي “ليس بنيتي إفساد عيد الميلاد على الناس، الحكومة هي التي تساهم في إفساد عيد الميلاد على الناس، لأنها تسببت بهذه الإضرابات بمنعها الشركات من تقديم اقتراحات مناسبة”.
وتمسك رئيس الوزراء المحافظ ريشي سوناك الذي تراجعت شعبية حكومته في استطلاعات الرأي، بموقف حازم متوعدا بفرض “قوانين جديدة قاسية” للتصدي لعواقب هذه الإضرابات.
وفي ختام اجتماع أزمة عقدته الحكومة الإثنين وبحثت خلاله البلبلة الناجمة في آن عن الطقس والنزاعات الاجتماعية، دعا الوزير أوليفر داودن النقابات إلى “إلغاء” الإضرابات والتفاوض مع أرباب العمل، بدون أن يلقى استجابة.
وخلال الإضراب سيتم تسيير بعض القطارات بين الساعة 7,30 والساعة 18,30، لكن القطارات ستتوقف تماما في بعض مناطق البلد ولا سيما في القسم الأكبر من إسكتلندا وويلز.
وقال رئيس شركة نتوورك رايل أندرو هاينز للبي بي سي “عشرة أيام إضراب هي أكثر مما عرفناه في الأشهر الستة الأخيرة، إنه تصعيد بالغ تقوم به آر إم تي”.
وأوصت الشركة كل زبائنها بعدم التنقل خارج “الضرورة المطلقة” خلال الإضراب.