شبكة الاستثمارات المالية الإخونجية تحت نظر الحكومات الأوروبية
خلال الأسابيع الماضية عززت النمسا إجراءات مكافحة التطرف، بحظر رموز وشعارات تنظيم الإخونجية وعدة منظمات متطرفة أخرى، وكذلك كثفت الرقابة على الاستثمارات والمؤسسات المالية التابعة للتنظيم والتي تمثل ممرات لتمويل الإرهاب والتطرف.
الإجراءات الأوروبية لمكافحة الإرهاب والتطرف والتي تستهدف بالأساس محاصرة نشاط تنظيم الإخونجية، ستشمل أيضاً استثمارات التنظيم المنتشرة في عواصم أوروبية عدة على مدار نحو أكثر من 6 عقود.
أستاذ الاقتصاد السياسي كريم العمدة”، يرى أن التنظيم سيضطر لنقل جزء كبير من أمواله خارج أوروبا خلال الفترة المقبلة، لأن التعديلات الجديدة في القوانين ستسمح للمؤسسات الأمنية تعقب تلك الاستثمارات وحظر نشاطها ومصادرتها في حال ثبوت تورطه بدعم الإرهاب، وهو أمر كان به كثير من التعقيدات في الوقت الماضي وكان التنظيم يتحايل على القوانين بتمرير هذه الاستثمارات.
ماليزيا الملاذ الأهم
ويقول العمدة إن ماليزيا تمثل الملاذ الأهم والأقوى للاقتصاد الإخونجي في ظل الإجراءات الأوروبية ضدهم، كذلك يستبعد فرضية أن يضطر التنظيم لنقل استثماراته من تركيا في ظل إجراءات الثانية ضدها بهدف التقارب مع الجانب المصري.
ويشير إلى بعض الحيل التي اعتمد عليها التنظيم خلال السنوات الماضية لإخفاء استثماراته داخل أوروبا وأيضا الدول العربية بعيدا عن ممارسته السياسية، ليبقى منفصل وبعيد عن المراقبة الأمنية، موضحاً أن أبرز هذه الحيل هو تدشين شراكات مع بعض المؤسسات الحكومية والخاصة داخل الدولة، وأن نشاطهم عادة ما يكون بعيدا عن أعين الحكومات وتحت غطاء قانوني من مؤسسات ذات سمعة طيبة، عن طريق تلك الشراكات.
خسائر فادحة
وذكر أستاذ الاقتصاد السياسي أن التنظيم سيواجه خسائر فادحة في حال شرعت أوروبا بإجراءات ضد الاقتصاد الإخونجي المتنامي على أراضيها بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية، وذلك بالرغم من التمويلات الضخمة التي يتلقاها التمويل إلا أن الاستثمارات تظل هي المحور الأهم في خطته الاقتصادية لبسط النفوذ والسيطرة الاقتصادية والسياسية داخل الدول التي يتمركز فيها.
الساحل الإفريقي
ويقول العمدة إن التنظيم قد يلجأ للاعتماد على بعض النشاطات الاقتصادية في دول إفريقية صغيرة وفقيرة، باستغلال حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي وأيضا بالتحالف مع بعض المنظمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة التي تنهب خيرات هذه الدول وتستثمر فيها بشكل غير قانوني، مثل مناجم الذهب والمعادن في الساحل الإفريقي.
ويرى أن تركيا ستظل ملاذ اقتصادي آمن لاستثمارات التنظيم على الرغم الإجراءات الأمنية التي قد تتخذها مع القيادات، حتى لا تزيد أزمتها الاقتصادية الداخلية، ولأن اقتصاد الإخوان يمثل جزء كبير من الاقتصاد التركي بشكل خاص.
إقليم كتالونيا
ووفق تقرير الاستخبارات الإسبانية الذي صدر مؤخرا، ونشره المركز الأوروبي للاستخبارات ومكافحة الإرهاب، فإن “تنظيم الإخونجية يحاول بهدوء نقل الكثير من الأصول التي يملكها، في أوروبا وخصوصا فرنسا، إلى إقليم كتالونيا، بعد ممارسة الحكومة الفرنسية ضغوطا كبيرة على قادة التنظيم وعلى الحكومة القطرية من أجل خفض مستوى الدعم المالي والاستثمارات في أنشطة التنظيم في أحياء باريس المهمّشة.
وأورد التقرير أنه تم رصد مؤسسات ومنظمات دولية ترسل أموالا لكيانات تابعة للإخونجية، من هذه المنظمات الدولية هيئة الإغاثة الإسلامية، التي بدأت مؤخرا في التكثيف من فعالياتها من أجل جمع التبرعات.
وأكدت الاستخبارات الإسبانية أن “جهات أخرى ترسل دعما للإخونجية في برشلونة”، لكنه رفضت الإفصاح عن هوية هذه الجهات، أو وجهتها.
بنك التقوى
ومن أبرز الكيانات الاقتصادية للجماعة في أوروبا، والتي تخضع وفق مراقبين، لمراقبة أمنية ورصد دقيق، هي بنك التقوى الذي أسسه الإخونجي يوسف ندا وبنك أكيدا الدولي، الذي أسسه التنظيم الدولي، وهو متورط في دعم العديد من المنظمات المتطرفة والأصولية، وكذلك مؤسسة أوروبا التي تأسست عام 1997، وشغل منصب مديرها التنفيذي أحمد الراوي عضو المكتب الدولي للجماعة.
وفي الولايات المتحدة أسس التنظيم شركة “ماس” ومنظمة الشباب المسلم، وفي تركيا شركة “الموسياد”، وكذلك شركات “الأوف شور”، التي تعد أحد أهم كيانات التنظيم الاقتصادية حول العالم وتسهل بشكل كبير عملية إخفاء الأموال، لأنها تتمتع بسرية وغموض كبير.
يتشاركون مع داعش والسلفيين
واستدلت الدراسة بقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية توماس فيرجيلي، إن أعضاء تنظيم الإخونجية في أوروبا تربطهم إيديولوجية واحدة، ويتشاركون في نفس الأهداف مع تنظيم داعش والسلفيين.
وأفادت رئيسة لجنة مكافحة الإرهاب بالبرلمان البلجيكي ناديا سمينيت في ديسمبر 2017 بأن “هناك أبحاث تؤكد أن الإخونجية أصل مشكلة العنف والتطرف بسبب الفكر المتشدد الذي ينتهجونه”.
وأكدت أن تمكين المنظمات التابعة للإخونجية في القارة الأوروبية لم يقدم للتنظيم أرصدة وإمكانيات جديدة للسعي وراء مطامعها فحسب، وإنما ساهم أيضا بتقويض دمج المسلمين في أوروبا، بل امتد الأمر إلى استغلال مواردهم المالية في نشر التطرف واستخدام الأراضي الأوروبية قاعدةَ انطلاقٍ لأنشطتهم الإرهابية في العالم.