صراع الميليشيات يضع الليبيين في دائرة الرعب
الاشتباكات تتجدد في طرابلس بين ميليشات الدبيبة وباشاغا
تجددت الاشتباكات فجر اليوم الاثنين في العاصمة الليبية طرابلس، بين الميليشيات التابعة لرئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة، و”الكتيبة 777″ بقيادة هيثم التاجوري، الداعمة لحكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب.
ولا يزال سكان طرابلس يعيشون يومياً قلقاً ورعباً من عودة شبح الحرب، بعد أن عاشوا ساعات مروعة يوم السبت الماضي، وتركوا منازلهم جراء اشتعال الاشتباكات بين الميليشيات في العاصمة الليبية.
فقد اندلعت الاشتباكات بين الجانبين بمنطقة عين زارة في ضواحي العاصمة، بحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية.
جاء هذا التصعيد مجدداً بعد هدوء حذر شهدته طرابلس أمس الأحد، بعد أن حصدت المعارك التي تفجرت ليل الجمعة السبت بين الميليشيات 32 قتيلاً وعشرات الجرحى.
وكانت تلك الاشتباكات المسلحة ألقت الضوء على الانقسام العسكري الذي تشهده بقوة المنطقة الغربية.
ففي حين تخضع طرابلس لسيطرة حكومة الدبيبة، المدعومة من عدة مليشيات مسلحة على غرار ” جهاز دعم الاستقرار” و”قوات الردع”، وهما من أقوى المليشيات، إلى جانب قوة “دعم الدستور والانتخابات” و كتيبة “فرسان جنزور” التي تتمركز غرب العاصمة وكتيبة “رحبة الدروع” بمنطقة تاجوراء، تحظى حكومة باشاغا بدعم كتيبة 777 و كتيبة “النواصي”.
وفي مدينة مصراتة، التي تضم أقوى المليشيات المسلحة بالمنطقة الغربية، تدعم قوة “العمليات المشتركة” الدبيبة، في حين اختارت مليشيا “لواء المحجوب” الاصطفاف وراء باشاغا.
بينما فضلت مليشيات أخرى الحياد على غرار مليشيا “لواء الصمود” التي يقودها صلاح بادي.
وفي مدينتي الزنتان و ورشفانة، تدعم المليشيات التي تقع كلها تحت سلطة اللواء أسامة الجويلي باشاغا.
أما في مدن الساحل الغربي، فتنقسم خارطة الولاءات بين الطرفين، حيث تدعم قوة “البحث الجنائي” و مليشيا “حسن بوزريبة” بمدينة الزاوية المحاذية لطرابلس، الدبيبة، في حين تقف المليشيات الموالية لوزير داخلية حكومة باشاغا، عصام أبو زريبة ضده.
تبادل الاتهامات
وتبادل طرفا الأزمة السياسية في ليبيا، رئيس الحكومة الليبية المقالة من البرلمان عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان فتحى باشاغا، الاتهامات، الأحد، بعد يوم من الاشتباكات الدامية في العاصمة طرابلس، فيما يخيم عليها هدوء حذر.
وقال رئيس الحكومة الليبية منهية الولاية عبد الحميد الدبيبة في خطاب، إن “الانتخابات هي الحل الوحيد” للأزمة السياسية في البلاد، وإن “الجميع سيرحل” بعد إجرائها، “بما في ذلك أنا”، ولكن بـ”الصندوق”، فيما أكد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان فتحى باشاغا أن حكومته “ناتجة عن عملية سياسية دستورية ديمقراطية”.
ودعا الدبيبة إلى سرعة إجراء الانتخابات في البلاد، وحث في كلمة متلفزة له، الأحد، مجلسي النواب والدولة على إصدار القاعدة الدستورية التي ستجرى وفقها الانتخابات.
“حلم الانتخابات اقترب”
وقال الدبيبة إن حكومته اتخذت عدة إجراءات عقب الاشتباكات، أولها التوجيه بملاحقة العناصر التي قامت بالهجوم على العاصمة، وتوجيه وزارة الدفاع إلى إخراج معسكرات المسلحين من وسط المدينة.
وأضاف: “أقول لليبيين إن العدوان انتهى بلا رجعة”، مضيفاً أن “حلم الانتخابات اقترب”، وتوجه لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري بالقول إن “الشعب الليبي رفض حكومة التمديد لأجسامكم التي فقدت الشرعية والمشروعية”، في إشارة لحكومة باشاغا.
وطالب الدبيبة رئيسي مجلسي النواب والدولة بـ”إطلاق سراح الليبيين”، وأن يصدروا له “القاعدة الدستورية للانتخابات لتمكين الليبيين من حقهم في الاختيار”، مشيراً إلى أن عدم إجراء الانتخابات في موعدها السابق في 24 ديسمبر 2021 يرجع إلى “آلية الطعون”.
وأضاف الدبيبة: “لستم أوصياء على الشعب، واحذروا غضب هذا الشعب الحليم”، داعياً إلى “لم الشمل”.
وتابع: “سنرحل جميعاً ولكن عبر الانتخابات”، وتابع: “لا للحرب، نعم للانتخابات، لا للتمديد (للبرلمان)، نعم للانتخابات”.
الدبيبة مسؤول عن الفوضى وترويع المدنيين
وألقى فتحى باشاغا، الأحد، مسؤولية الاشتباكات، التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس على مدى يومين، وما نتج عنها من ضحايا على عاتق الدبيبة.
وقال باشاغا في بيان: “نؤكد أن المدعو عبد الحميد الدبيبة ومستشاريه الخواص من أفراد عائلته الحاكمة ومن معه من عصابات مسلحة مسؤولون عن الدماء التي سفكت والأموال التي نُهبت، ومسؤولون عما سيحدث جراء هوسهم بالمال والسلطة وتشبثهم بها وعدم قبولهم بإرادة الليبيين ومبدأ التداول السلمي على السلطة”.
ووصف ما حدث في العاصمة الليبية بأنه حالة من “الفوضى الأمنية وترويع المدنيين”، أحدثتها “مجموعات إجرامية خارجة عن القانون تأتمر بأمر زعيمها المدعو عبد الحميد الدبيبة، الذي انتهت ولايته وشرعيته وفق اتفاق جنيف الدولي وكذلك بموجب قرارات مجلس النواب الليبي”.
واتهم باشاغا، في البيان، الدبيبة بأنه “استغل ولا زال يستغل موارد الدولة الليبية ومقدراتها لتشكيل ودعم مجموعات مسلحة ترسخ حكمه وسلطانه بمنطق القوة والأمر الواقع، ويؤسس لدولة دكتاتورية مستبدة تستهدف كل من يعارضها بالقبض والسجن والقتل دون أي رادع من أخلاق أو قانون”.
كما اتهمه بأنه وأنصاره “يستأثرون بالدولة ومقدراتها وثرواتها لأجل مصالح شخصية وعائلية صارت ترهن ليبيا وشعبها ومستقبلها لإرادتهم وأطماعهم”.
ووصف باشاغا حكومته المكلفة من البرلمان بأنها “ناتجة عن عملية سياسية دستورية ديمقراطية، وخاضعة تماماً لقواعد الديمقراطية وتضع نفسها رهن إرادة الشعب الليبي ومؤسساته التشريعية والدستورية”.
وتدور المواجهة من أجل استلام السلطة منذ أشهر بين حكومة الدبيبة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، وحكومة باشاغا التي يدعمها مجلس النواب، ومقره شرق البلاد، في حين تدعم الميليشيات كل طرف، ما يزيد الطين بلة.