صراع داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي بسبب إسرائيل
يشهد الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه الرئيس الأمريكي جو بايدن “صراعاً داخلياً” بعد مطالبة الأعضاء التقدميين بتغيير طبيعة العلاقات الأميركية مع إسرائيل بشكل أكبر، رغم تقليل الرئيس بايدن من حدة هذا الصراع داخل حزبه، قبل انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس.
ورفض بايدن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكوري الجنوبي مون جيه إن، مساء الجمعة، مزاعم الجمهوريين بأن الحزب الديمقراطي “مناهض لإسرائيل”، وفق ما أورده موقع “أكسيوس” الأميركي.
وأضاف: “لا يوجد تحول في التزامي بأمن إسرائيل. لا تحوّل على الإطلاق”، لافتاً إلى أنه أخبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بـ”ضرورة إنهاء العنف في القدس وغزة”، مشيراً إلى التزامه بـ”حلّ الدولتين، لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
دعم واشنطن لتل أبيب
وقال آرون ديفيد ميلر، الذي عمل مفاوضاً في جهود السلام الإسرائيلية والفلسطينية عبر الإدارات الجمهورية والديمقراطية السابقة: “لطالما كانت السياسة الداخلية حقيقة واقعة، عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الأميركية الإسرائيلية، ودعم واشنطن لتل أبيب”.
وأضاف ميلر: “ربما يكون الضغط على العلاقة الأميركية الإسرائيلية، والانتقادات لأفعال إسرائيل أكبر من أي وقت مضى، إذ تشعر الجماعات التقدمية بأن الزخم في جانبها، مدعوماً بتغير الأولويات بين الديمقراطيين، الذين عززوا تحولات السياسة بشأن تغير المناخ والرعاية الصحية وإصلاح العدالة الجنائية، والمساواة العرقية”، بحسب ما أوردته صحيفة “ذا هيل”.
من جانبه، قال وليد ساهد، مدير الاتصالات في “منظمة العدالة الديمقراطية: “هذا صحيح فيما يتعلق بالعديد من القضايا التي يتابعها التقدميون، لكن بمرور الوقت، سيتغير الحزب بمزيد من الضغط من الداخل والخارج، بشأن هذه المسألة”.
صفقات الأسلحة
ووفقاً لصحيفة “ذي هيل”، قادت النائبة الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، إلى جانب عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز، الجهود لوقف المبيعات العسكرية المعلقة لإسرائيل، بقرار قُدم في كل من مجلسي النواب والشيوخ الأسبوع الماضي.
وعلى مدى عقود، باعت الولايات المتحدة أسلحة بمليارات الدولارات لإسرائيل، من دون مطالبتهم أبداً باحترام الحقوق الفلسطينية الأساسية، وقالت أوكاسيو كورتيز في بيان: “من خلال القيام بذلك، ساهمنا بشكل مباشر في قتل وتشريد وحرمان ملايين الفلسطينيين من حقوقهم”.
وجاءت تصريحات كورتيز، مع وقوع عشرات الضحايا الفلسطينيين في قطاع غزة، بسبب الغارات الإسرائيلية على القطاع.
ورعاية ساندرز للقرار الذي يعارض بيع الأسلحة لإسرائيل، سيجبر التصويت على القضية في مجلس الشيوخ، في حين أنه من غير المرجح أن يمر، إلا أن الأعضاء التقدميين يصفونها بـ”اللحظة التاريخية”.
من جانبها، قالت ياسمين طيب، محامية حقوق الإنسان التي كانت في طليعة تنظيم الحركات التقدمية التي تدعو إلى مزيد من المساءلة الإسرائيلية، لـ”ذي هيل”: “اكتسبت الحركة التقدمية السلطة في السنوات القليلة الماضية، وانتخبت المزيد من أبطال حقوق الإنسان”.
وأضافت: “أعتقد أن السبب في ذلك هو تلك المكاسب التي حققناها، وتعزيز استراتيجيتنا الداخلية والخارجية، التي أوصلتنا إلى هذه اللحظة”.
وكانت ياسمين الطيب، أحد المشاركين في الرسالة المفتوحة إلى إدارة بايدن الأسبوع الماضي، وقّعتها أكثر من 140 مجموعة تقدمية، دعت إلى “التنديد بالسياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، باعتبارها جرائم حرب”.
هجوم الجمهوريون
وفي هذه الأثناء، هاجم الجمهوريون دبلوماسية بايدن “الهادئة والمكثفة”، على اعتبار أنها “فشلت في الوقوف علناً لصالح إسرائيل في التصدي لهجمات حماس، وشجعت إيران بالمحادثات الجارية حول الاتفاق النووي”.
ونجح بايدن في دفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار، وتجنب إصدار مطلب علني، وهو أمر “غير مسبوق في العلاقات الثنائية”.
وقال آرون ديفيد ميلر: “إذا كان بايدن محظوظاً، فسيكون قادراً على الاستمرار في هذا الأمر”، مضيفاً أن “العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليست في أزمة، لكن الشراكة بين الحزبين التي تدعم العلاقة عادة، تتعرض لضغوط أكبر من أي وقت مضى”.
أمن إسرائيل
من جانبها، أشارت الجماعات المناصرة لإسرائيل، والتي تعارض مساعي التقدميين لشروط وقف المساعدة العسكرية، إلى أن مثل هذه القيود من شأنها أن “تهدد سلامة الشعب الإسرائيلي، لأنها ضرورية لمحاولات إسرائيل لردع وتقويض القدرات العسكرية لحماس، وتعمل على تقويتها ضد تهديدات جماعات أخرى”.
وقال هالي سويفر، المدير التنفيذي لـ”منظمة الدفاع عن المجلس اليهودي الديمقراطي في أميركا” (JDCA): “نحن لا ندعم جهود منع المبيعات العسكرية لإسرائيل”.
وأضاف: “ندعم المضي قدماً في مبيعات تلك الأسلحة، كما أننا لا نؤمن باستخدام المساعدة العسكرية لإسرائيلية، والتي تنقذ الأرواح، كوسيلة ضغط للتأثير على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
38 مليار دولار لإسرائيل
وفي بيانات عامة وجلسات إحاطة مع المشرعين والموظفين في مبنى الكابيتول، شددت “منظمة الدفاع عن المجلس اليهودي الديمقراطي في أميركا”، على أن “بيع الأسلحة المقترح بقيمة 735 مليون دولار، لا علاقة له بالأعمال العدائية الحالية، وهو جزء م مذكرة التفاهم وُقعت بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عام 2016”.
وتعهدت الولايات المتحدة بتلك المذكرة بتقديم مبلغ 38 مليار دولار لإسرائيل، لأكثر من 10 سنوات في تمويل عسكري يتضمن 500 مليون دولار سنوياً، لتطوير القبة الحديدية.
ووجهت المجموعات المناصرة التي تروّج للدعم الأميركي من الحزبين لإسرائيل، مثل “لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية” المؤثرة، و”المسيحيون الأقوياء”، و”المتحدون من أجل إسرائيل”، دعوات لأعضائها لرفض ما قالوا إنه “محاولات متطرفة من قبل التقدميين لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل”.
وتتفق المنظمات المدافعة عن إسرائيل والجماعات التقدمية، على أن غالبية الحزب الديمقراطي وبايدن ومسؤوليه “يقفون بحزم ضد أي شروط للمساعدة العسكرية لإسرائيل”، لكن المجموعات التقدمية تركز على “مواصلة التغييرات التدريجية في الحزب”.