صندوق النقد الدولي يعفي السودان من سداد 23 مليار دولار
ضمن إطار مبادرة الإعفاء من الديون الحالية للبلدان الفقيرة، قرر صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، تخفيف ديون السودان وإعفائه من 23 مليار دولار من إجمالي الديون البالغة 60 مليار دولار.
وتصل ديون السودان لدى “دول نادي باريس” نحو 17 مليار دولار على نحو 38% من جملة الدين العام، وتمثل أعلى نسبة من الديون بنادي باريس: النمسا وفرنسا والولايات المتحدة.
ودول نادي باريس، هي مجموعة غير رسمية مكونة من مسؤولين ماليين ممولين من 19 دولة تعد من أكبر الاقتصادات في العالم، وتضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وسويسرا، وأستراليا، والنمسا، وبلجيكا، وكندا، والدنمارك، وفنلندا، وإيرلندا، وإيطاليا، واليابان، وهولندا، والنرويج، وروسيا، وإسبانيا، والسويد. أما الدول خارج نادي باريس فهي الصين، والسعودية، والكويت.
وفي بيانه، قال صندوق النقد، أنّه سيقدّم مساعدة مالية للسودان بقيمة 2.47 مليار دولار، في قرار أتى بعيد موافقة المؤسسة المالية الدولية على شطب 1.4 مليار دولار من الديون السودانية المتأخّرة.
وقال في بيان: “مع استمرار السودان في طريقه نحو السلام والاستقرار بعد أكثر من 30 عاماً في عزلة عن النظام المالي العالمي فإن تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي سيمكنه من الوصول لموارد مالية إضافية مهمة”.
وأوضحت كارول بيكر رئيسة بعثة صندوق النقد المسؤولة عن السودان خلال مؤتمر عبر الهاتف، أنّ هذه المساعدة التي أقرّت بموجب “التسهيل الائتماني الممدّد” ستمتدّ على 3 سنوات و3 أشهر، وفق ما نقلت “فرانس برس”.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول في صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، أن 120 دولة تعهدت بتقديم تمويل لمساعدة السودان على تسديد متأخراتها، ضمنها 40 دولة ذات دخل منخفض.
وأضاف المسؤول أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق على تسهيل ائتماني بقيمة 2.5 مليار دولار لفائدة السودان، ممدد على 39 شهراً.
وقال المسؤول إن “ديون السودان من المتوقع أن تهبط إلى نحو 6 مليارات دولار عند اكتمال برنامج الدول الفقيرة المثقلة بالدين من نحو 56.6 مليار دولار حالياً”.
السودان سيتواصل مع الدائنين
قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الثلاثاء، إن بلاده تتوقع إعفاءها خلال عام من الآن من ديون تعادل 40% من جملة الديون المستحقة عليها.
وأضاف حمدوك في كلمة بثها عبر حسابه على تويتر، أن السودان سيتواصل مع الدائنين من “نادي باريس” ومن خارجه، وأنه سيحصل على إعفاء نهائي من ديون تقدر بنحو 50 مليار دولار عند الوصول لما وصفها بـ”نقطة الاكتمال”.
وتابع أن الحكومة السودانية ورثت تركة مثقلة بالديون تقارب 60 مليار دولار، وورثت أيضا “خللاً هيكلياً في الاقتصاد الكلي تمثل في عجز كبير في الموازنة والاستدانة”.
وقال حمدوك، إن السودان قام بتصفية متأخراته المستحقة للمؤسسات المالية الدولية والتي تقدر بأكثر من 3 مليارات دولار.
وأضاف: “كسبنا جولات عديدة في معركة العبور وما تبقى هو الحسم في الشوط الأخير الذي بدأ اليوم بتحقق النصر بجولة نقطة القرار”.
وتابع: “الفائدة المباشرة من نقطة القرار هي حصولنا على منحة وقروض جديدة تقدر بنحو 4 مليارات دولار، منها مليارا دولار عبر صندوق التنمية الدولي للصرف على الكهرباء والمياه والتعليم والصحة”.
الخزانة الأمريكية ترحب
وذكرت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان الثلاثاء، أنها ترحب بتخليص السودان من متأخرات بنحو 1.4 مليار دولار لصندوق النقد الدولي، مشيرةً إلى أن هذا الأمر سيمهد الطريق للمرحلة الأولى من تخفيف أعباء الديون في إطار مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون.
وجاء في البيان أن الولايات المتحدة “تعهدت بالمساهمة بما يصل إلى 120 مليون دولار في شكل منح، لتمويل إعفاء صندوق النقد الدولي من ديون السودان”، مضيفةً أن الخزانة الأميركية قدمت أيضاً في مارس الماضي قرضاً مؤقتاً بقيمة 1.15 مليار دولار إلى السودان لتمكينه من سداد متأخرات البنك الدولي.
إصلاحات اقتصادية
ونقل البيان عن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قولها، إن “السلطات السودانية ملتزمة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية صعبة ولكنها ضرورية مع انتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي، بما في ذلك توحيد سعر الصرف وتعزيز الحوكمة والشفافية”.
وأضاف يلين أن “الولايات المتحدة فخورة بأنها كانت من أوائل المدافعين عن السودان لتطبيع العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية ومساعدته في الحصول على إعفاء من الديون”.
وأشارت إلى أن هذه الخطوات “ستفتح المجال أمام السودان للاستفادة من تمويل هي في أمس الحاجة إليه، وستساعده في بناء الأساس للحد من الفقر، والتنمية الشاملة، والنمو الاقتصادي.”
ويمر السودان بأزمة اقتصادية عميقة منذ تولي الحكومة الانتقالية بقيادة عبدالله حمدوك الحكم في منتصف 2019، إذ بلغ التضخم نحو 254% في ديسمبر الماضي، إلى جانب عجز في الوقود والخبز والكهرباء.
وباتت عملية سد الفجوة الآخذة في الاتساع بين سعر الصرف الرسمي البالغ 55 جنيهاً سودانياً مقابل الدولار والسعر في السوق السوداء الذي بلغ 360 جنيهاً، عنصراً أساسياً في برنامج صندوق النقد الدولي للمراقبة لمدة 12 شهراً، والذي يأمل السودان أن يؤدي إلى إنقاذ نحو 60 مليار دولار من الدين الخارجي.
وأعلن بنك السودان المركزي، في الـ21 من فبراير الماضي، نظاماً جديداً لتوحيد سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء للعملة المحلية، يقوم على تحديد سعر صرف استرشادي يومي، في مسعى لتجاوز الأزمة الاقتصادية والحصول على إعفاء دولي من الدين.
ويعد تخفيض قيمة العملة إصلاحاً أساسياً يطلبه المانحون الأجانب وصندوق النقد الدولي، وتم إقراره بعد أن تأجل لشهور بسبب نقص السلع الأساسية.
تركيز شديد مع السودان
وكانت كريستالينا جورجيفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، أكدت أواخر يناير الماضي، أن المؤسسة المالية الدولية “تعمل بتركيز شديد مع السودان لإعفاء واسع للديون وستجري في مارس تقييماً للتقدم في برنامج يراقبه خبراء الصندوق”.
وقالت كريستالينا إنها تشعر بتفاؤل إزاء دعم قوي من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى أعضاء بصندوق النقد لتقديم إعفاء من الديون للسودان بموجب مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون، والتصميم الذي تبديه السلطات السودانية.
وكانت وزارة المالية السودانية، وقعت في 18 يناير الماضي، مذكرة تفاهم مع وزارة الخزانة الأميركية، لتوفير تسهيلات تمويلية لسداد متأخرات السودان للبنك الدولي، ستمكن الخرطوم من الحصول على أكثر من مليار دولار سنوياً من البنك الدولي، وذلك للمرة الأولى منذ 27 عاماً.
ومن شأن التمويل الدولي أن يوفر دعماً محورياً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، بالتزامن مع الإصلاحات التي تنفذها الحكومة الانتقالية، التي تسعى لمعالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد، وتعزيز النمو وتشجيع الاستثمار وبناء اقتصاد مزدهر لجميع السودانيين، خاصةً الشباب والنساء والمجتمعات المتضررة من الحروب والتهميش.