طرد المشري… رسالة الشعب الليبي إلى تنظيم الإخونجية
حادثة طرد خالد المشري رئيس مجلس الدولة الليبي المحسوب على تنظيم الإخونجية، من ساحة الاحتفالات بالذكرى الـ11 لأحداث فبراير، تؤكد أن الشعب الليبي قد ضاق ذرعاً بممارسات الإخونجية وميليشياتهم التي لم تتوقف يوماً واحداً عن صناعة الفوضى والانقسامات في ليبيا.
وبحسب شهود عيان، فقد طرد المشري وحصلت واشتباكات بالأيدي بين الجماهير وحرّاسه، خلال الاحتفال في مدينة الزاوية بالعاصمة طرابلس، وأشارت الشهود إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال التي سحب منها البرلمان الثقة، عبد الحميد الدبيبة، غادر الاحتفال احتجاجًا على طرد المشري.
غضب الليبيون على المشري وطرده من الاحتفال جاء بعد اتهامات المجلس وتنظيم الإخونجية من جانب الشارع الليبي بتعطيل أي مسار سياسي والعمل على نشر الفوضى، أخرها بحسب الخبراء افتعال الأزمات مع الحكومة المرتقبة ورئيس الوزراء الجديد فتحي باشاغا، الذي اختاره مجلس النواب لقيادة السلطة التنفيذية خلال المرحلة الانتقالية وحتى عقد الانتخابات.
الانقسامات والفوضى
يسعى التنظيم بحسب الخبراء خلال تلك الفترة إلى استخدام سيناريو التلويح بالعنف من خلال الميليشيات المسلحة والتحريض لشق أي تلاحق في مصلحة البلاد، وهنا أكد السياسي الليبي محمود الدوري، خطوات التنظيم الأيام الماضية تؤكد أنها تسعى للفوضى.
واتهم السياسي الليبي محمود الدوري، ما يسمى المجلس الأعلى للدولة الذي يسيطر عليه تنظيم الإخونجية بخلق انقسام بأي شكل.
رغم أن المشري، لم يعارض تولي باشاغا رئاسة الحكومة، بعد توافق مع مجلس النواب حول المسار الدستوري، إلا أن التحركات والتصريحات جاءت عكس ذلك لخلق نوع من البلبلة والانقسام والضبابية أيضًا.
وتابع،الدوري: “التنظيم يعلم جيدًا أن نهايته اقتربت ووجه انكشف أمام الشارع، ولذلك يسعون جاهدين لبقاء مفاصل الدولة تحت سيطرتهم.
يتمسّك إخونجية ليبيا بوجوده في المشهد السياسي وتحارب من أجله، وهذا وضح جليًّا حسب الحقوقية حرية بويمامة في استماتة التنظيم لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ديسمبر الماضي ودخول البلاد في متاهة جديدة، لأنها تعرف جيدًا أنها ستكون نهاية مشروعها لأن الشارع كشف وجه التنظيم الحقيقي.
وأكدت الناشطة الحقوقية حرية بويمامة، أن الإخونجية يدركون بشكل جيّد أن ضياع التنظيم سياسيًّا أصبح قريبًا للغاية فهو لا ينشط سوى في مناخ الفوضى ويدمّر أي فرص للاستقرار.
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى دعوات التنظيم خلال الفترة الماضية من قادتها وجميعها تحريضية تسعى لإشعال فتيل الاقتتال والصراع، حيث هدّد التنظيم المفوضية العليا للانتخابات حتى تم تأجيل الاستحقاق.
السلطة وتدمير الجيش
قفز إخونجية ليبيا كالعادة في صدارة المشهد بعد سقوط القذافي، وعمل التنظيم على التغلغل في مؤسسات الدولة السيادية والهيمنة على المؤسسات الاقتصادية، وحتى إعداد الأذرع العسكرية الموالية “المليشيات” لاستخدامها للوصول إلى السلطة إذا ما دعت الحاجة، وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل.
“الهدف كان واحدًا وهو السلطة وثروة البلاد وتدمير الجيش”، هكذا أوضح الأكاديمي الليبي محمد الهلاوي دور التنظيم الخبيث في تدمير البلاد وخطتهم من التغلغل والسيطرة بقوة السلاح.
وأضاف الأكاديمي الليبي، أن التنظيم استخدم حيلًا خبيثةً من البداية للسيطرة على مفاصل الدولة والبرلمان لتمرير قوانين تخدمهم وتمكّنهم مِن فرض السيطرة، وبالتوازي مع تلك الحيل كان يبني التنظيم مليشيات مسلحة بدعم خارجي.
وكشف الهلاوي خطورة تلك القوانين التي دفع ثمنها الشعب والتي استمرت حتى 2014، وسقطت في الانتخابات البرلمانية الوحيدة التي شهدتها البلاد ونتج عنها لفظ الشارع للتنظيم وخططه وتحركاته المشبوهة.
استخدام الميليشيات
لم يحصل التنظيم إلا على 20 مقعدًا من مجموع 200 في البرلمان خلال انتخابات 2014، وهنا بدأت الخطة في الانكشاف، حسب الأكاديمي الليبي محمد الهلاوي الذي أكّد أن التنظيم في تلك الفترة بدأ في استخدام مخالبه الإرهابية “المليشيات”.
ففي 13 يوليو من العام نفسه، استيقظ الليبيون على أصوات انفجارات ضخمة وطلقات نار لا تتوقف، لتعلن وسائل إعلام الإخونجية أن عملية تسمى “فجر ليبيا” انطلقت بحجة حماية الثورة، وأعلن التنظيم عدم اعترافه بالانتخابات وأن أعضاءه في المجلس لن يذهبوا لحضور الجلسات.
وبدأت مليشيات التنظيم تنفيذ هجوم واسع على الجيش الليبي المتمركز في مطار طرابلس الدولي وكل معسكراته جنوبي العاصمة وحرق الممتلكات في باقي العاصمة.
وهنا أوضح الهلاوي أن تلك الفوضى التي صدمت الشعب الليبي بأكمله، حازت مباركة كل قادة التنظيم الإخونجي في مقدمتهم الصادق الغرياني وخالد المشري رئيس ما يسمى بـ”مجلس الدولة الليبي” حاليًّا.
تواصلت المعارك التي استعان فيها تنظيم الإخوان بالعديد من المليشيات التابعة إلى تنظيمات إرهابية كالقاعدة طيلة 47 يومًا، وأدّت إلى تدمير المطار بشكل شبه كامل جرّاء القصف العشوائي وتشريد عشرات العائلات التي تقيم في محيطه ومئات العائلات الأخرى من وسط طرابلس.
ومن المتوقع أن تصل تكاليف إعمار مطار طرابلس لأكثر من مليار دولار حتى يعود للخدمة؛ حيث يشمل بناء المدرجات والصالات الأساسية والفرعية وأبراج المراقبة والتي لم يتبقَّ منها شيء إثر تلك الهجمة البربرية التي نالت أيضًا خزانات النفط وأبراج الكهرباء، فضلًا عن اقتحام كل الوسائل الإعلامية الداعمة للجيش والشرطة والرافضة للإخونجية.
تدمير الجيش الليبي
من جانبه، قال الدبلوماسي الليبي سالم الورفلي، إنه منذ عملية فجر ليبيا الإرهابية ونحن نعيش أسرى لفوضى تنظيم الإخونجية ومليشياته، واختطاف العاصمة بشكل كامل فهي رهينة لذلك اليوم المشؤوم.
وأوضح الدبلوماسي الليبي سالم الورفلي، أنه منذ اللحظة الأولى لتولي الإخونجية مناصب قيادية في الدولة أدركوا أن وجودهم مرهون بتدمير الجيش الوطني الليبي، لذا حرصوا على انشقاقه.
فعقب هجوم الإخونجية وانقلابهم، أطلق الجيش الليبي عملية “الكرامة” بقيادة المشير خليفة حفتر للتصدي للتنظيمات الإرهابية؛ أبرزها “أنصار الشريعة” و”شورى ثوار بنغازي” و”بوسليم” و”القاعدة” و”داعش”.
وخاض الجيش الليبي، خلال السنوات الماضية، عدة معارك عسكرية ضمن عملية الكرامة، تضمنت تحرير بنغازي وأجدابيا والهلال النفطي ودرنة وجميع المدن الشرقية، ثم انتقل الجيش الليبي إلى الجنوب ليبسط سيطرته هناك.
وتمكّن الجيش الليبي خلال المعارك من القضاء على عددٍ من التنظيمات الإرهابية نهائيًّا، وأجبر بعضها على الاختفاء والتخلي عن أفكارها المتطرفة وترك السلاح، وهنا أكد الورفلي أن الجيش استطاع من خلال عملية الكرامة اجتثاث جذور الإرهاب في ليبيا رغم تعقد وتشابك الأحداث.
وتابع الدبلوماسي الليبي، قائلًا: “تحرّك الجيش في ذلك التوقيت كان بداية جرس الإنذار والإدراك الشعبي لخطر مشروع التنظيم وأهدافه الحقيقة تجاه البلاد التي تعاني من فوضى السلاح في العاصمة”.