طرد الوفد الإسرائيلي من قمة الاتحاد الإفريقي المنعقدة في أديس أبابا
طرد وفد إسرائيلي ترأسه دبلوماسية رفيعة، من قاعة قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، التي انعقدت اليوم السبت في دورتها العادية 36 وتتواصل على مدى يومي 18 و19 فبراير/ شباط.
وانطلقت القمة في إثيوبيا، رافعة شعار “تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية”، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فيما نددت إسرائيل بطرد مندوبتها منحية باللائمة على “مؤامرة تقف ورائها الجزائر وجنوب إفريقيا”.
ويشكل ملفا التجارة الحرة والأمن خاصة في منطقة الساحل وجمهورية الكونغو الديموقراطية تحدياً كبيراً للقارة. ويتضمن جدول أعمال القمة التي تنعقد على مدار يومين، أيضاً أزمات الغذاء بينما تواجه القارة جفافاً تاريخياً في القرن الإفريقي.
وانتخب الاتحاد رئيس جزر القُمر غزالي عثمان رئيساً للقمة الإفريقية خلفاً للسنغالي ماكي سال.
وقال عثماني (64 عاماً) الذي دعا إلى “إلغاء كامل” للديون الإفريقية، إن “منظمتنا بينت للعالم قناعتها بأن جميع الدول تملك الحقوق نفسها”.
وقبل تسليم الرئاسة، قدم رئيس السنغال (الرئيس السابق للقمة) تقريراً عن أزمات الغذاء في قارة تضررت بشدة من عواقب الحرب في أوكرانيا لا سيما ارتفاع الأسعار.
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى تعزيز التعاون مع القارة الإفريقية، مشيراً إلى أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي العربي الإفريقي من خلال إنشاء وتطوير منطقة تجارة حرة بين الطرفين.
الإرهاب يتمدد في القارة
وقبل القمة جرت مناقشات الجمعة، حول الوضع في شرق الكونغو الديموقراطية حيث تنتشر مجموعات مسلحة لا سيما في المنطقة الحدودية مع رواندا، بحضور رئيس الدولة الكونغولي فيليكس تشيسكيدي ونظيره الرواندي بول كاجامي.
في هذا الاجتماع، دعا رؤساء دول مجموعة شرق إفريقيا التي تضم سبعة بلدان إلى “انسحاب جميع المجموعات المسلحة” بحلول 30 مارس.
وأفادت مصادر دبلوماسية إثيوبية أن اجتماعاً مغلقاً جمع أنطونيو غوتيريش ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بحثا فيه ضرورة انسحاب القوات الإريترية “بشكل كامل” من إقليم تيجراي لضمان تحقيق السلام بشكل كامل.
وناقش الطرفان العميلة السلمية بين الحكومة وجبهة تحرير شعب تيغراي، إضافة للأوضاع على الحدود بين السودان وإثيوبيا والجهود القائمة لتسوية الخلافات بين الخرطوم وأديس ابابا.
وفي كلمته أمام القمة قال غوتيريش إنه “يجب إعادة النظام المدني الديمقراطي في السودان ومالي وبوركينا فاسو.
وأضاف أن “الإرهاب يتمدد في القارة وحالة انعدام الأمن تعقد من مهام الأمم المتحدة، ونحن مع إسكات صوت البنادق في إفريقيا”.
وكان أحمد قد قال خلال القمة إن بلاده “لن تنتظر الحلول التي تأتي من الخارج”، مشيراً إلى أن الاقتصاد الإثيوبي “عانى من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية”
وأكد أن “مبدأ الحلول الإفريقية هي مفتاحنا لحل قضايانا داخلياً وإفريقياً”.
تعزيز التجارة الحرة
والقضية الأخرى على جدول الأعمال هي منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي يفترض أن تضم 1,3 مليار شخص وتصبح أكبر سوق في العالم في عدد السكان.
وسيركز قادة الدول على “تسريع” إنجاز المنطقة الحرة التي تهدف إلى تعزيز التجارة داخل القارة وجذب المستثمرين.
وتشكل التجارة بين الدول الإفريقية حاليا 15 بالمئة فقط من إجمالي تجارة القارة.
ويرى البنك الدولي أن الاتفاق سيسمح بإحداث 18 مليون وظيفة إضافية بحلول 2035 و”يمكن أن يساعد في انتشال ما يصل إلى خمسين مليون شخص من الفقر المدقع”.
وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن مجموع إجمالي الناتج الخام لهذه المنطقة سيبلغ 3,4 تريليونات دولار.
لكن القارة تشهد خلافات لم تحل.
ووقعت الاتفاق كل دول الاتحاد الأفريقي (55 دولة) باستثناء إريتريا، لكن المناقشات تتعثر بشأن الجدول الزمني لتخفيض الرسوم الجمركية وخصوصا بالنسبة للدول الأقل نموا.
جامعة الدول العربية
وقال أبو الغيط إننا “نعمل على التحضير للقمة العربية-الإفريقية الخامسة في هذا العام، والتنسيق جار مع الدولة المستضيفة وهي الملكة العربية السعودية”.
وفي الشأن الفلسطيني، شدد أمين عام الجامعة على أن “ليس من الحق منح حكومة إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد الإفريقي لمكافأة القوة القائمة بالاحتلال بالتطبيع، أو بإبرام اتفاقيات تعاون وشراكة تتعدى اتفاقيات السلام والتطبيع، مما سيزيد الوضع سوءا”.
وأكد على دعم الجامعة الاستقرار في الدول العربية خصوصا الصومال وجزر القمر.
وفيما يخص الأوضاع في السودان، شدد أبو غيط على أهمية الاستقرار عبر استكمال استحقاقات الفترة الانتقالية من خلال الاتفاق الإطاري الموقع في ديسمبر، ودعم دور الاتحاد الإفريقي من خلال آلية العمل الثلاثية.
وفي ليبيا، دعا جميع الأطراف الليبية للجوء للحل السياسي وإجراء الانتخابات وإنهاء الوجود المسلح وانسحاب القوات الأجنبية منها.
من جهته، قال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي إن القمة تعقد في ظروف “بـالغة التعقيد”، مشددا على ضرورة إصلاح الأمم المتحدة.
وأشار فكي إلى أن الإرهاب يتوسع في مالي وبوركينا فاسو و بحيرة تشاد، مؤكدا الحاجة إلى “انتفاضة دولية لمساعدة الدول المتضررة”، مطالبا بمنح إفريقيا العضوية الدائمة بمجلس الأمن.
طرد مندوبة إسرائيل
وندّدت إسرائيل، السبت، بطرد مبعوثتها من القمة متّهمة إيران، عدوها اللدود، بتدبير هذه الخطوة بمساعدة الجزائر وجنوب إفريقيا.
وأظهر مقطع فيديو جرى تداوله على الشبكات الاجتماعية حراساً يرافقون نائبة الشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية الإسرائيلية شارون بار-لي خارج قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا.
ووصف ناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية الحادث بأنه “خطير”، مشيراً إلى أن بار-لي “مراقبة معتمدة تحمل بطاقة دخول”.
وأضاف: “من المحزن رؤية الاتحاد الإفريقي رهينة عدد صغير من الدول المتطرفة مثل الجزائر وجنوب إفريقيا التي تحركها الكراهية وتتحكّم بها إيران”.
وتابع الناطق أنه ينبغي للدول الإفريقية “معارضة هذه الأعمال التي تضر بالاتحاد الإفريقي والقارة بكاملها”.
ولم يرد الاتحاد الإفريقي على طلب وكالة “فرانس برس” للتعليق على الحادث.
ورداً على سؤال حول اتهامات إسرائيل لجنوب إفريقيا والجزائر بالوقوف وراء ما حدث، قال فنسينت ماجوينيا، الناطق باسم رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، خلال القمة: “عليها تقديم أدلة تثبت صحة ادعاءاتها”.
عضوية إسرائيل
وحصلت إسرائيل على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي عام 2021 بعد عقود من الجهود الدبلوماسية، ما أثار احتجاجات من أعضاء نافذين في التكتل مثل جنوب إفريقيا والجزائر اللتين قالتا إن ذلك يتعارض مع مواقف الاتحاد الإفريقي الداعمة للفلسطينيين.
العام الماضي، سادت حالة من الاستياء بشأن اعتماد إسرائيل كمراقب في الاتحاد الإفريقي مع مطالبة الفلسطينيين بسحب الاعتماد منها.
وعلّقت قمة العام 2022 نقاشاً حول ما إذا كان سيسحب الاعتماد من إسرائيل وشكّلت لجنة لدراسة هذه المسألة.
وبدأ الجدال عندما وافق موسى فقي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي على اعتماد إسرائيل كمراقب ما أثار خلافاً داخل هذه الهيئة التي تقدّر أهمية التوافق في الآراء.
ولم يذكر الاتحاد الإفريقي ما إذا كانت صفة إسرائيل كمراقب ستطرح للنقاش في قمة هذا العام.