طهران تستضيف قمة تجمع بوتين ورئيسي وأردوغان
تبحث أزمة الحبوب والاتفاق النووي الإيراني والتهديد التركي لسوريا
تستضيف طهران الثلاثاء، قمة تجمع كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في أول لقاء يجمعهم منذ ثلاث سنوات. يأتي هذا اللقاء في إطار “عملية أستانا للسلام” التي تهدف إلى إنهاء النزاع السوري.
وستتيح اللقاءات الثنائية التي ستعقد في طهران على هامش القمة الثلاثية، الثلاثاء، ويجمع أحدها بين بوتين وأردوغان للمرة الأولى منذ العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا في فبراير الماضي، للبحث في ملفات شائكة مثل تداعيات هذه الحرب والاتفاق النووي الإيراني والأزمة السورية.
أزمة الحبوب
ومن المتوقع أن يبحث الرئيس الروسي ونظيره التركي في طهران آليات تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ أوكرانيا بسبب الغزو الروسي، خشية نشوب أزمة غذائية عالمية، بحسب وكالة “فرانس برس”.
ومن المقرر أن تجري في تركيا محادثات بين موسكو وكييف وأنقرة والأمم المتحدة هذا الأسبوع بعد تقدّم سُجل خلال مفاوضات الأسبوع الماضي.
وقال المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف، الاثنين، حسبما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية، “أولاً، نحن مستعدون لمواصلة العمل في هذا الاتجاه، ثانياً، سيتمّ بحث هذه المسألة بين الرئيسين” بوتين وأردوغان.
وفي المقابل، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الاثنين، “التوصل إلى اتفاق مبدئي” مع أوكرانيا وروسيا لإنشاء ممر بحري آمن يسمح بنقل الحبوب.
وبحسب مصدر رسمي طلب عدم الكشف عن هويته، قد يُعقد اجتماع جديد “الأربعاء أو الخميس” بعد قمة طهران، بحسب وكالة “فرانس برس”.
التهديد التركي لسوريا
كما ستتضمن اللقاءات الحديث عن تطورات الأزمة في سوريا، وذلك في ظل تلويح أردوغان منذ شهرين بشن عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، تنطلق من الحدود التركية وتمتد إلى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب في شمال سوريا.
وتخشى أنقرة وجوداً قوياً لأكراد سوريا عند حدودها، ما قد يعزّز موقع حزب العمال الكردستاني المتمرد داخلها والذي تصنفه “منظمة إرهابية”.
وسبق لموسكو أن أعربت عن أملها في أن “تُحجِم” أنقرة عن شنّ الهجوم، بينما حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من أن عملية مماثلة قد تؤدي إلى “زعزعة أمن المنطقة”.
وأوضح عبد اللهيان، الاثنين، أن القمة في طهران “تعقد في ظروف، نأمل من خلالها بأن نتمكن من تكريس الهدف المهم لصيغة أستانا، والذي تمثل في خفض التوتر بمناطق الاشتباك”.
وأضاف: “خلال الزيارة التي قمت بها مؤخراً إلى أنقرة ودمشق، كنت أحمل رسالة من رئيس الجمهورية، لنتمكن من إدارة الازمة التي برزت الآن في المجال الأمني بين تركيا وسوريا”.
ولفت إلى أن تركيا “تتحدث عن احتمال تنفيذ عمليات عسكرية إلى عمق 30 كيلومتراً في الحدود السورية، ونحن بذلنا جهودنا وعبر المسار السياسي لحلحلة هذه الأزمة ورفع المخاوف الأمنية التركية”.
بدوره، اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن “عملية التسوية السورية صيغة مهمة للغاية أظهرت قابليتها للتطبيق وهي الصيغة الدولية الوحيدة التي تسهم بالفعل في التسوية السورية الآن”.
وذكر أن “قضايا التعاون الثنائي مع إيران وتركيا، بما في ذلك الحوار السياسي، ستكون في صميم المفاوضات مع رئيسي البلدين”.
وقال: “بالطبع، ستتاح لنا الفرصة لمناقشة العلاقات الثنائية، وفي مقدمتها العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران وتركيا، وآفاق وسبل استمرار الحوار السياسي مع كل من إيران وتركيا”.
الشراكة الاستراتيجية
وتخطط روسيا، التي تعاني اقتصادياً في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب الأوكرانية، إلى رفع مستوى علاقاتها مع إيران إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بحسب يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي.
وتشترك إيران وروسيا في موقفهما السياسي المناهض للغرب، ولكنهما تضررتا من العقوبات الغربية لأسباب مختلفة، حيث تضررت طهران بسبب برنامجها النووي، أما موسكو فبسبب “أفعالها” في أوكرانيا.
وعلى مدى العقد الماضي حاولت إيران إيجاد طرق لتجنب العقوبات عن طريق بيع النفط إلى الصين، التي لم تنفذ العقوبات الأميركية بشكل كامل، وإرسال الوقود الأحفوري المُعالَج مثل الأسفلت والبتروكيماويات والبنزين وغاز البترول المُسال إلى الأسواق في الهند وتركيا وأفغانستان، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وهذه الاستراتيجية آتت ثمارها، إذ قفزت قيمة مبيعات النفط الإيرانية الدولية بنسبة 91% خلال الأشهر التسعة المنتهية في ديسمبر الماضي، إلى 27.9 مليار دولار، أي نصف دخل صادرات البلاد، حسب بيانات البنك المركزي الإيراني.
قطاع الطاقة
وتتربع روسيا على عرش الغاز بامتلاكها أكبر احتياطي في العالم، فيما تعد ثاني أكبر منتج عالمياً بعد الولايات المتحدة، حيث بلغ إنتاجها خلال العام الماضي نحو 762 مليار متر مكعب.
أما في قطاع النفط، فتستحوذ روسيا على 14% من إجمالي المعروض العالمي، فيما بلغ إنتاجها خلال عام 2021 حوالي 10.5 مليون برميل يومياً.
وإلى جانب روسيا، تأتي إيران كأحد كبار المنتجين في قطاع الطاقة، فهي تمتلك ثاني أكبر احتياطات من الغاز الطبيعي بعد روسيا بإجمالي احتياطيات يقارب 34 تريليون متر مكعب، بحسب بيانات منظمة أوبك.
فيما تجاوز إنتاج طهران من الغاز خلال العام الماضي الـ 18 مليار متر مكعب، في حين تحول العقوبات دون ضخ إيران مزيداً من الخام في أسواق النفط، حيث بلغ إجمال الإنتاج من الخام نحو 2.4 مليون برميل يومياً خلال 2021.
وعلى عكس روسيا وإيران، فإن تركيا لا تمتلك قدرات إنتاجية تضاهي البلدين في قطاعات الوقود الأحفوري، إلا أنها تعتمد بشكل كبير على الواردات لتأمين احتياجاتها من الطاقة، وفقاً لإدارة التجارة الدولية الأميركية التي أشارت إلى أن أنقرة تنفق أكثر من 40 مليار دولار سنوياً على واردات موارد الطاقة.
ويلبي إنتاج النفط المحلي 7٪ فقط من الطلب، لذلك تستورد تركيا ما يقرب من 260 مليون برميل من النفط. فيما بلغ إجمالي واردات البلاد من الغاز في عام 2021 نحو 61.6 مليار متر مكعب، بزيادة سنوية قدرها 23%، وفقاً لبيانات شركة خطوط أنابيب البترول التركية “بوتاس”.
وتعد كل من روسيا وإيران مصدران هامان لموارد الطاقة التركية، بحسب وزير الطاقة التركي الذي قال إن بلاده “تعتمد على موسكو بنسبة 45% في إمداداتها من الغاز الطبيعي و15% في احتياجاتها من النفط”.
وتمد إيران تركيا بالغاز عبر خط أنابيب تبريز-أنقرة، لتقدم طهران إلى أنقرة نحو 16% من احتياجاتها من الغاز في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021، وفقاً بيانات رسمية إيرانية.