عباس ينقض خطابه الحماسي أمام البرلمان التركي
ويطلب من الاحتلال الإسرائيلي تنسيق مروره إلى قطاع غزة
بعد أيام قليلة على خطابه الحماسي الذي ألقاه أمام البرلمان التركي، وهدد فيه بالذهاب إلى قطاع غزة برفقة “القيادة الفلسطينية”، طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي كي يمكنه من الذهاب إلى القطاع، في خطوة تعكس التناقض بين الخطاب والممارسة.
وأكد موقع “والا” العبري الاثنين، بأن السلطة الفلسطينية قدمت إلى إسرائيل طلبا من أجل تنسيق زيارة الرئيس عباس إلى قطاع غزة.
وقال الموقع نقلا عن مصدرين مطلعين على التفاصيل إن “حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية الفلسطيني، بعث برسالة الأحد إلى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، طلب فيها تنسيق زيارة عباس إلى قطاع غزة، عبر الأراضي الإسرائيلية؛ وليس عبر معبر رفح الحدودي مع مصر”.
ويكشف طلب التنسيق مع إسرائيل حقيقة التصريح الذي صدر عن عباس قبل أيام أمام البرلمان التركي، ولوح فيه بالتحدي حتى لو كلفه حياته، بأن الأمر كان يتعلق برد فعل على التهميش الذي قوبل به إقليميا ودوليا وتغييبه عن مفاوضات الهدنة في غزة.
لكن توتر علاقته مع إسرائيل وبرود علاقته مع الولايات المتحدة وتراجع دور السلطة سياسيا وأمنيا وعجزها عن ملء مكانها كقوة في مواجهة حركة حماس، كل ذلك دفع إلى عزلة عباس. ولم تكن فكرة الذهاب إلى غزة دون أي اتفاق مسبق سوى إشارة إلى لفت الانتباه وعرض المشاركة في التفاوض.
حتى لو كلفنا ذلك حياتنا
وكان عباس قد قال الخميس “أعلن أمامكم وأمام العالم أجمع، لأنه لم تعد أمامنا حلول، فالحل الأمثل أمامنا وأمام شعبنا الفلسطيني، أنني قررت التوجه مع جميع أعضاء القيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة”.
وأضاف “سوف أعمل بكل طاقتي لكي نكون جميعا مع شعبنا لوقف هذا العدوان الهمجي حتى لو كلفنا ذلك حياتنا، فحياتنا ليست أغلى من حياة أصغر طفل من قطاع غزة أو من الشعب الفلسطيني”.
ودعا عباس “قادة دول العالم والأمين العام للأمم المتحدة لمشاركتنا في هذا القرار، وتأمين وصولنا إلى قطاع غزة، وستكون وجهتي بعدها إلى القدس الشريف، عاصمة دولتنا الفلسطينية”.
ويظهر تغيير الموقف من النقيض إلى النقيض في أقل من أسبوع أن عباس بات مقتنعا بأن الجميع قد اتخذ قرار تحييده وأن لا دور له في مرحلة ما بعد الحرب، والدليل على ذلك أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث فقط عن حماس كشريك فلسطيني في الحوار مع إسرائيل، فلماذا يتغاضى عن دور عباس والسلطة الفلسطينية لو كان لهما مكان أو دور ولو ضئيل.
تحركات واتصالات
وقال موقع “والا” إن “الشيخ أرسل نسخة أيضا إلى الإدارة الأميركية وحثها على أن تطلب من إسرائيل السماح بالزيارة”.
وأضاف “التقدير في إسرائيل هو أن عباس قدم الطلب على أمل أن يحصل على رد سلبي، وبالتالي يتمكن من مهاجمة إسرائيل لمنعه من دخول غزة”.
وتابع “إذا تلقى عباس ردا إيجابيا وقام بزيارة إلى غزة، فإن ذلك سيكون بمثابة انتصار سياسي كبير له على حماس، وسيسمح له بالإشارة إلى احتمال عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة”.
وبحسب الموقع، فإن قرار السماح لعباس بدخول قطاع غزة (آخر زيارة له عام 2006) هو في يد رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو، الذي لم يصدر أي رد حتى كتابة هذه الأسطر.
والأحد قالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن “القيادة الفلسطينية شرعت بتحركاتها واتصالاتها على مستوى العالم، للتحضير لتوجه الرئيس عباس وأعضاء القيادة الفلسطينية إلى غزة”.
ومنذ بدء الحرب على غزة برزت أحاديث عن شكل إدارة القطاع في اليوم التالي للحرب، حيث طُرحت خلال اللقاءات خطط لإدارة دولية، في وقت أعلن فيه مسؤولون إسرائيليون مرارا رفضهم تولي السلطة الفلسطينية إدارته.
ومنذ 2007 تعاني الأراضي الفلسطينية انقساما سياسيا وجغرافيا، حيث تسيطر حماس وحكومة شكلتها على قطاع غزة، بينما تدير حكومات تشكلها حركة فتح، بزعامة عباس، الضفة الغربية المحتلة.
وعقدت لقاءات وحوارات عديدة أسفرت عن توقيع اتفاقيات لإنهاء الانقسام الفلسطيني، لكنها لم تنفذ، وأحدثها “إعلان بكين” في 22 يوليو الماضي، الذي اتفقت فيه الفصائل على الوصول إلى “وحدة وطنية فلسطينية شاملة تضم القوى والفصائل كافة في إطار منظمة التحرير، وتشكيل حكومة توافق وطني مؤقتة”.