عشر ملاحظات حول الانتخابات الفلسطينية
ماجد كيالي
حسنا، فإن الطبقة السياسية الفلسطينية السائدة والمتمحورة حول سلطتي “فتح” و”حماس”، مشغولة اليوم بالعملية الانتخابية التي يفترض أن تبدأ بالانتخابات التشريعية في 22 مايو 2021، ثم الانتخابات الرئاسية في 31 يوليو 2021، وصولا إلى المجلس الوطني في 31 أغسطس من نفس العام.
بيد أن تلك العملية التي تأخّرت أصلا خمسة عشر عاما، تبدو كأنها سلقت على عجل أو كأن المطلوب فقط مجرد تعويم النظام السياسي السائد، أو مجرد تجديد شرعيته بانتخابات شكلية، بالنظر إلى الكثير من المشكلات التي تعتري تلك العملية وأهمها مثلا:
أولا، افتقاد تلك الانتخابات إلى مرجعية قانونية، بحكم هيمنة الرئيس أو القيادة الفلسطينية على القرارات، ولاسيما على السلطة التشريعية – القضائية، التي يفترض أنها المعنية بالأمر، وأيضا باعتبار أن قيادة المنظمة هي المرجعية للسلطة، على الرغم من أن السلطة هي مركز ثقل المنظمة التي تم تهميشها منذ زمن، فقط الفكرة هنا أن كل شيء بيد الرئيس ذاته، وهو رئيس المنظمة والسلطة و”فتح”.
ثانيا، لا أحد يفهم ماذا تعني جملة أن الانتخابات ستجري لـ”دولة فلسطين” وليس للسلطة الوطنية الفلسطينية، ولـ”رئيس دولة فلسطين”، وليس لرئيس السلطة الوطنية. فهل تظن القيادة الفلسطينية بأن مجرد تغيير عبارة في ورقة كافيا؟ أو أنه دلالة على تغيير في الواقع حقا؟ ثم هل بتنا في واقع دولة بكل معنى الكلمة؟
ثالثا، كل الحديث عن المتابعة إلى حد الوصول لانتخاب المجلس الوطني لمنظمة التحرير جاء عاما، فالمقصود أن أعضاء المجلس التشريعي، المنتخبين، هم أعضاء طبيعيون في المجلس الوطني القادم، وأن ما سيجري مجرد استكمال باقي الأعضاء، لا غير، وهي كلمة تفيد بتعيين الباقين، وهو أمر يتحكم به الرئيس أو القيادة الفلسطينية (العدد والحصص والأسماء)، وهي ذاتها قيادة المنظمة والسلطة وفتح.
رابعا، لا أحد يعرف، أو يمكن أن يجزم، إن كانت تلك الانتخابات ستجري حقا، ولا إن كانت الانتخابات الرئاسية ستجري في حال جرت الانتخابات التشريعية، وبالتأكيد لا أحد يضمن عملية استكمال ذلك بالنسبة إلى المجلس الوطني، وتاليا بالنسبة إلى إعادة بناء منظمة التحرير.
خامسا، الفكرة الأساسية هنا أن تلك الانتخابات صممت بحيث تبقي على النظام السياسي القديم، وهي في أحسن الحال تفيد بنوع من الشراكة بين الحركتين المهيمنتين على النظام السياسي الفلسطيني، حيث فتح سلطة في الضفة، وحماس سلطة في غزة، سواء تم الأمر عبر قائمة مشتركة تجمع مرشحي فتح وحماس أو عبر قائمتين منفصلتين، لكن متكاملتين.
سادسا، لا توجد أي ضمانات بخصوص إقرار أي من الحركتين الكبيرتين بنتائج الانتخابات في حال جاءت النتيجة بما يضعف مكانة أي منهما في الضفة أو في غزة، لأي سبب كان.
سابعا، واضح من كل التسريبات أو التصريحات من بعض قياديي الحركتين أن تلك العملية لا تحظى بإجماع داخلي، لا في فتح، ولا في حماس، وأن ثمة الكثير من الغموض يكتنف إجراءها أو التحكم في نتيجتها.
ثامنا، في الانتخابات الرئيسية ثمة انطباع سائد بأن المرشح الوحيد لفتح ولحماس أيضا، سيكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبومازن”، هذا يعزز الانطباع عن التواطؤ المباشر بين الحركتين على الشراكة، وعلى الحفاظ على الواقع الفلسطيني الراهن، دون مراعاة لا لعمر الرئيس (85) ولا لأهليته في هذا العمر للاستمرار في موقع الرئاسة.
تاسعا، منذ البداية ثمة تحكّم بطبيعة المرشحين، لاسيما مع قانون يحول دون تقدم أي من العاملين في الوظيفة العمومية (حوالي 200 ألف) للترشح إلى الانتخابات، إذ أن ذلك يتطلب استقالتهم من وظائفهم قبل الترشح وليس بعد صدور نتيجة الانتخابات، وهو قرار مجحف وغير معقول.
عاشرا، تلك العملية، على أهميتها وضرورتها، وكونها مدخلا لتحديد التوازنات لتحديد مكانة كل فصيل، لا يستشف منها أنها تأتي كجزء من محاولة فلسطينية لإعادة بناء البيت الفلسطيني، واستنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية، باعتبار أن أي عملية انتخابية من دون رؤية تضمن ذلك لن تقدم شيئا جديدا في الواقع الراهن والمعطيات السائدة.
هذه مجرد ملاحظات أولية، وكل انتخابات والشعب الفلسطيني بخير…