غوتيريش: سرعة ومعدل القتل والدمار في قطاع غزة لا مثيل لها
"يجب أن نشعر جميعاً بالفزع جراء التصعيد في غزة ولبنان"
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، إن “سرعة ومعدل القتل والدمار في قطاع غزة لا مثيل لها، ولا تشبه شيئاً حدث طوال السنوات التي جلست فيها على مقعد الأمين العام للأمم المتحدة”.
وأضاف في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال افتتاح أعمال الدورة الـ(79)، “لقد قُتل أكثر من 200 من موظفينا، كثير منهم رفقة أسرهم، ومع ذلك لا يزال نساء ورجال الأمم المتحدة يواصلون العمل”.
وطالب غوتيريش المجتمع الدولي بأن يحتشد من أجل “الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، والبدء في عملية لا رجعة فيها نحو حل الدولتين”.
كما أضاف: “بالنسبة لهؤلاء الذين يواصلون تقويض هذا الهدف ببناء المزيد من المستوطنات والسيطرة على المزيد من الأراضي وممارسة المزيد من التحريض، أتوجه بالسؤال: ما البديل؟ كيف يمكن للعالم أن يقبل مستقبل الدولة الواحدة التي تضم هذا العدد الهائل من الفلسطينيين الذين لا يتمتعون بالحرية، ولا ينعمون بأي حقوق، ولا يتحلون بأي كرامة؟”.
لا بد أن نشعر جميعاً بالفزع
وعن ما يجري في غزة ولبنان، قال غوتيريش، إن ” قطاع غزة يشكل كابوساً لا يتوقف يهدد باجتياح المنطقة بأكملها”.
وأضاف: “ما عليك إلّا أن تنظر إلى لبنان.. لا بد أننا نشعر جميعاً بالفزع جراء هذا التصعيد، فلبنان يقف على حافة الهاوية”.
وتابع غوتيريش: “شعب لبنان، ومعه شعب إسرائيل وشعوب العالم أجمع، لا يستطيعون أن يتحملوا أن تتحول لبنان إلى غزة أخرى.. لنكن واضحين.. لا شيء يبرر الأعمال التي ارتكبتها حماس في السابع من أكتوبر وأخذ الرهائن، وكلاهما أدنته مراراً وتكراراً، ولا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
مستويات مروعة من العنف والمعاناة الإنسانية
وأوضح غوتيريش في كلمته، إن “حالة عدم الاستقرار التي تعج بها الكثير من الأماكن حول العالم هي نتاج لحالة عدم الاستقرار في علاقات القوة والانقسامات الجيوسياسية”.
وأضاف: “من ميانمار إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومن هاييتي إلى اليمن، وما وراء ذلك، لا نزال نرى مستويات مروعة من العنف والمعاناة الإنسانية في مواجهة الفشل المزمن في إيجاد الحلول”.
وتابع، “في الوقت نفسه، تعمل بعثات السلام التابعة للأمم المتحدة في كثير من الأحيان بمناطق لا يوجد فيها سلام لتحافظ عليه”.
حرب أوكرانيا
وعن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قال غوتيريش، إن الحرب في أوكرانيا “تتسع دون أي بوادر على توقفها”.
وأضاف: “نرى هذا العصر من الإفلات من العقاب في كل مكان، في الشرق الأوسط، وفي قلب أوروبا، وفي منطقة القرن الإفريقي، وما وراء ذلك”.
وتابع: “فالحرب في أوكرانيا تتسع دون أي بوادر على توقفها، ويدفع المدنيون الثمن من خلال ارتفاع أعداد القتلى وتدمير الأرواح والمجتمعات”.
وأردف في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “لقد حان الوقت لإحلال السلام العادل على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.
وأضاف: “إننا في عصر التحول الملحمي، نواجه تحديات لم نواجهها من قبل، وتتطلب حلولاً عالمية، ورغم ذلك، لا تزال الانقسامات الجيوسياسية تزداد عمقاً، ولا يزال كوكبنا يزداد احتراراً، وتستعر الحروب دون أدنى إشارة إلى كيف ستكون نهايتها”.
الإفلات من العقاب
كما أشار غوتيريش في كلمته إن “عوالم الإفلات من العقاب وعدم المساواة وعدم اليقين تتسم بالترابط والتصادمية”.
وشدد على أن “ما وصل إليه مستوى الإفلات من العقاب لا يمكن الدفاع عنه سياسياً أو التسامح معه أخلاقياً”.
وأضاف: “اليوم، تشعر أعداد متزايدة من الحكومات وجهات أخرى بأنها تستحق الحصول على “بطاقة الخروج من السجن مجاناً”، وأن بوسعها أن تدهس القانون الدولي بأقدامها، وبإمكانها أيضاً انتهاك ميثاق الأمم المتحدة، وبإمكانها تجاهل اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية وقرارات المحاكم الدولية، وبوسعها أن تستخف وتزدري القانون الإنساني الدولي، وبوسعها غزو بلد آخر، وتدمير مجتمعات بأكملها، وتجاهل سلامة شعبها بالكلية.. كل ذلك دون أن يحدث شيء”.
نتحرك صوب عالم متعدد الأقطاب
وقال غوتيريش، إن الحرب الباردة، “رغم كل المخاطر التي رافقتها، احتفظت لنفسها بمصفوفة قواعد، وكانت هناك خطوط ساخنة وخطوط حمراء وسياج حماية”.
وأضاف: “لكن يبدو أننا لم نعد نمتلك ذلك اليوم، ولم يعد لدينا عالم أحادي القطب، فنحن نتحرك صوب عالم متعدد الأقطاب، لكننا لم نصل إلى هناك بعد، إذ لا نزال نقبع في مرحلة الاستقطاب”.
وتابع: “في هذه المرحلة تملأ المزيد والمزيد من الدول مساحات الانقسامات الجيوسياسية، وتفعل ما يحلو لها دونما محاسبة، ومن ثم، فقد أصبح من المهم، أكثر من أي وقت مضى، أن نعيد تأكيد ميثاق الأمم المتحدة واحترام القانون الدولي، وأن ندعم وننفذ قرارات المحاكم الدولية، وأن نعزز حقوق الإنسان في أي مكان وكل مكان”.
برميل بارود يهدد بابتلاع العالم
وحذّر غوتيريش، من سباق التسلح النووي، الذي وصفه بأنه “برميل بارود يهدد بابتلاع العالم”.
وقال، “في الوقت نفسه، سيكون 2024 هو العام الذي تتجه خلاله نصف البشرية إلى صناديق الاقتراع، التي سيتأثر بقراراتها كل البشر”.
وأضاف: “أقف أمامكم وسط هذه الحالة من الفوضى، مقتنعاً بحقيقتين أساسيتين، أولهما أن حالة عالمنا غير مستدامة، إذ لا يمكننا أن نستمر على هذا النحو، وثانيهما أن التحديات التي نواجهها قابلة للحل”.
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة قائلاً: “لكن هذا يتطلب منا أن نتأكد أن آليات حل المشاكل الدولية تحل المشاكل بالفعل، ورغم أن “قمة المستقبل” تمثل الخطوة الأولى، إلّا أن الطريق أمامنا طويل. والوصول إلى هناك يتطلب منا مواجهة 3 محركات رئيسية لعدم الاستدامة”.
وأوضح أن التحديات الثلاثة هي: “عالم الإفلات من العقاب، حيث تهدد الانتهاكات والتجاوزات الأساس الحقيقي للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعالم عدم المساواة، حيث تهدد المظالم بتقويض الدول أو حتى دفعها إلى حافة الهاوية، وعالم عدم اليقين، حيث تهدد المخاطر العالمية التي لا تخضع لإدارة حكيمة مستقبلنا بطرق غير معروفة”.