فرنسا تهاجم الولايات المتحدة وتدعو الأوروبيين إلى “التفكير مليّا” بالتحالفات
وتعلن استضافتها لمؤتمر دولي حول ليبيا واجتماع مع إيران
ندّد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في نيويورك، الاثنين، بـ”عدم تشاور” الولايات المتحدة مع بلاده في قضية الغواصات الأسترالية و”بردود أفعال تنتمي إلى زمن كنا نأمل أن يكون قد انتهى”، داعياً شركاء بلاده الأوروبيين إلى “التفكير مليّا” بالتحالفات.
وقال لودريان: إن الولايات المتحدة تحتاج أيضا أن تأخذ في الاعتبار مصالح حلفائها الأوروبيين.
وصرح لودريان خلال مؤتمر صحافي عقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إن “الموضوع يتعلّق في المقام الأول بانهيار الثقة بين حلفاء” وهذا الأمر “يستدعي من الأوروبيين التفكير مليّا” بالتحالفات.
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى تقديم تفسيرات وإيضاحات إلى فرنسا عندما يتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
اجتماع مع إيران
من جهة ثانية، كشف لودريان، الاثنين، أن القوى العالمية وإيران ستجتمع على الأرجح على هامش الاجتماع السنوي لزعماء العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.
وأضاف لودريان، أن الاجتماع، الذي سيضم كل الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني عام 2015 باستثناء الولايات المتحدة التي انسحبت منه، سيهدف إلى بناء “قوة دفع إيجابية” لاستئناف المفاوضات بعد توقفها في يونيو.
وقال وزير خارجية فرنسا: “من الواضح أن الوقت ينفد أمام إبرام اتفاق بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني”.
وحث إيران على تعيين ممثلين للمحادثات النووية مع القوى العالمية في أقرب وقت.
وخطة العمل الشاملة المشتركة هي الاسم الرسمي للاتفاق الذي أبرمته في 2015 في فيينا الدول العظمى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) مع إيران حول برنامج طهران النووي قبل أن تنسحب واشنطن منه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وذكر الوزير الفرنسي أنه منذ انتُخب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في حزيران/يونيو “لم تُستأنف المفاوضات، وذلك بطلب من إيران”.
اجتماع في نيويورك
وشدّد لودريان على “أهمية أن نتمكّن خلال هذا الأسبوع من محاولة إطلاق ديناميكية إيجابية لاستئناف المحادثات في فيينا بشأن عودة إيران والولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة”.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن ما يهم هو “أن تُستأنف المفاوضات” حتى تعود الولايات المتّحدة طرفاً في الاتفاقية وتعود إيران إلى الالتزام الصارم بها.
من جهتهم، أفاد دبلوماسيون أن وزراء خارجية الدول المعنية يعتزمون من حيث المبدأ عقد اجتماع في نيويورك بعد ظهر الأربعاء، لكن “هذا الأمر لم يتأكّد بعد”.
ويشارك وزير الخارجية الإيراني الجديد حسين أمير عبد اللهيان في نيويورك هذا الأسبوع في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن المقرّر أن يعقد عبد اللهيان اجتماعات ثنائية مع نظرائه الألماني والصيني والفرنسي والبريطاني والروسي، وزراء خارجية الدول الخمس التي ما زالت أطرافاً في الاتفاق النووي الإيراني، لكن ما من اجتماع مرتقب بينه وبين نظيره الأميركي أنتوني بلينكن.
وفي نيسان/أبريل انطلقت في فيينا مباحثات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة من بقية الدول الأطراف في الاتفاق. لكنّ المحادثات توقفت منذ انتُخب المحافظ رئيسي، رئيساً لإيران.
وفي 2018 سحب الرئيس الأميركي في حينه ترامب بلاده من الاتفاق، وفرض على طهران مجدداً العقوبات التي كانت واشنطن قد رفعتها عنها. وردّاً على قرار ترامب حرّرت إيران نفسها تدريجياً من التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق.
لكنّ خلف ترامب الرئيس الديمقراطي جو بايدن أعرب عن استعداده للعودة إلى الاتفاق إذا ما عادت الجمهورية الإسلامية للالتزام به.
مؤتمر دولي حول ليبيا في باريس
وفي الملف الليبي، أعلن وزير خارجية فرنسا لودريان أن بلاده ستستضيف مؤتمرا دوليا عن ليبيا في نوفمبر، في سياق الاستعداد للانتخابات الليبية في نهاية ديسمبر.
وأوضح لودريان أن المؤتمر الذي ستشارك ألمانيا وإيطاليا في الإعداد له سيعقد في 12 نوفمبر بهدف ضمان تنفيذ جدول الانتخابات وبحث رحيل المقاتلين الأجانب عن ليبيا.
ويأتي ذلك وسط تنامي الحديث عن وجود محاولات من بعض الأطراف السياسية لعرقلة إجراء الانتخابات وتأجيلها لموعد آخر، حيث دعا المجلس الأعلى للدولة الذي يسيطر عليه تنظيم الإخونجية، الاثنين، إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية عاما آخر إلى ما بعد إجراء الاستفتاء على الدستور، وزعم أن إجراءها في موعدها المحدد لن يجلب الاستقرار إلى البلاد.
والسبت الماضي، اتّهمت فرنسا، أستراليا والولايات المتحدة بـ”الكذب والازدواجية”، واعتبرت بريطانيا “انتهازية”، على خلفية إلغاء كانبيرا عقداً ضخماً مع باريس لتسلّم غوّاصات منها، معتبرة أن ما حصل يمثّل “أزمة خطيرة” بين الحلفاء.
وأمر الرئيس الفرنسي ماكرون، الجمعة، باستدعاء سفيرَي بلاده في كانبيرا وواشنطن، في خطوة غير مسبوقة للتعبير عن غضبه حيال قرار أستراليا إلغاء صفقة ضخمة للحصول على غواصات من فرنسا واستبدالها بأخرى أميركية، وذلك في سياق إعلان تحالف أميركي بريطاني أسترالي في المحيط الهادئ، موجه في جانب منه لمواجهة الصين.
ويُحبط هذا الخلاف الآمال في إمكان النهوض بالعلاقات بين باريس وواشنطن في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن.