فشل المحادثات الأوروبية في تحديد سقف لسعر النفط الروسي
إسبانيا تتهم المفوضية الأوروبية بأنها "تهزأ من العالم"
فشلت المحادثات الأوروبية لتحديد سقف لسعر النفط الروسي، الذي اقترحته مجموعة السبع، بسبب انقسام بين الحكومات حول تفاصيل هذه الخطة.
واتّهمت الحكومة الإسبانية الأربعاء المفوضية الأوروبية بأنها “تهزأ من العالم” بمقترحها تحديد سقف موقت لسعر الغاز مؤكّدة أنها “ستعارض ذلك بشدة”.
وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريسا ريبيرا للصحافة “طلبنا من المفوضية الأوروبية وضع اقتراح، وفي اللحظة الأخيرة، قدّم لنا هذا الاقتراح، وهو ليس اقتراحا” واصفة الآلية التي ترغب بها بروكسل بأنها “مهزلة”.
وتابعت “ما سيولده هذا الاقتراح هو عكس التأثير المنشود: سيؤدي إلى زيادة أكبر في الأسعار ويعرّض للخطر كل سياسات السيطرة” على التضخم متّهمة المفوضية بأنها “تهزأ من العالم”.
مستوى 65 دولار
وقالت المصادر إن المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، اقترحت مستوى 65 دولاراً للبرميل لسعر النفط الروسي، وهو ما رفضته بولندا ودول البلطيق، باعتباره “سخياً للغاية تجاه موسكو”، ما أدى لتوقف المحادثات.
بدوره، قال رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز بعد لقاء مع نظيره الروماني نيكولاي تشيوكا في كاستيّون في شرق إسبانيا عن هذا الاقتراح “من الواضح أنه غير كاف” و”لا يسير في الاتجاه الصحيح”.
وأكدت ريبيرا “أعلم أن هناك استياء شديدا لدى غالبية الدول الأعضاء” تجاه هذا الاقتراح، مشيرة إلى أن مدريد ستعارض بشدة هذه الآلية خلال اجتماع وزراء الطاقة الأوروبي الخميس.
وأضافت أن “المفوضية ستستمع إلى أمور قاسية للغاية من الغالبية العظمى من الوزراء” داعية بروكسل إلى “تقديم اقتراح جاد … وإلا سنتوقف ببساطة عن دعم مقترحات المفوضية بشأن قضايا أخرى قد تكون مهمة بالنسبة إليها”.
لا تستجيب لواقع السوق
كذلك، انتقدت وزارة الانتقال الطاقي الفرنسية الآلية قائلة إنها “غير كافية” و”لا تستجيب لواقع السوق”.
وأضافت “يجب أن تقترح المفوّضية نصا تشغيليا وليس مجرد نص يقدّم موقفا سياسيا قد تكون له آثار سلبية أو قد لا يكون له أي تأثير”.
وتهدف الآلية إلى تحديد سقف اعتبارا من الاول من يناير، لأسعار العقود الشهرية (تسليم الشهر التالي) في السوق الهولندية، “بورصة الغاز” الأوروبية المستخدمة كمرجع في غالبية تعاملات المشغلين في الاتحاد الاوروبي.
ستشغل الآلية تلقائيا بمجرد تجاوز الأسعار 275 يورو/ميغاوات ساعة لمدة أسبوعين متتاليين، شرط أن تكون أعلى من 58 يورو على الاقل من “متوسط السعر المرجعي العالمي” للغاز الطبيعي المسال لمدة عشرة أيام.
وهو شرط يعتبر ضروريا لتبقى أوروبا مهمة بما يكفي للسفن التي تنقل الغاز الطبيعي المسال وقد تجد زبائن آخرين بسهولة في آسيا.
خسائر كبيرة
كانت صحيفة “فاينانشيال تايمز” قد قالت أن التجار الأوروبيين سيتكبدون خسائر تقدر بـ33 مليار دولار إذا تبنى الاتحاد الأوروبي خطة لتحديد سقف لأسعار الغاز.
وأشارت الصحيفة نقلا عن بورصة ICE إلى أن المنتجون والتجار الذين يعتمدون على مركز الغاز الهولندي “TTF” قد يواجهون زيادة بنسبة 80 بالمئة في مدفوعات التأمين لضمان صفقاتهم. وأكدت أن مثل هذه الزيادة الكبيرة يمكن أن “تزعزع استقرار السوق”.
وبحسب بورصة ICE فإن “تحديد سقف لسعر الغاز سيؤدي إلى زيادة مخاطر الصفقات مما سيجبرها على طلب المزيد من الأموال كضمانات مدفوعة مسبقا من التجار”.
وأشارت إلى أن تقييم البورصة البالغ 33 مليار دولار يغطي كلا من الهامش الأولي، والذي يحمي الأطراف المقابلة من مخاطر التخلف عن السداد، وهامش التغير، الذي يغطي التقلبات في أسعار السوق اليومية.
ومن المنتظر أن يجتمع الأعضاء الأوروبيون مرة أخرى في وقت مبكر الخميس، لمواصلة مناقشاتهم، إذا استمرت الخلافات.
وكان الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع يأملان في التوصل إلى مستوى الحد الأقصى للأسعار، الأربعاء. ويحتاج الحد الأقصى إلى دعم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لإقراره.
وفي حال توافقت الدول الأوروبية على خطة تحديد سقف السعر، فسيتم تطبيق القرار بدءاً من 5 ديسمبر المقبل.
وتستهدف الخطة تقليص عائدات موسكو النفطية إلى مستوياتها قبل عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، مع الحفاظ على استمرار وجود الخام الروسي في السوق العالمية، لتجنب المزيد من الارتفاع في الأسعار.
وبموجب الخطة، ستحظر مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا تقديم الخدمات البحرية لشحنات النفط الروسي، ما لم يتم بيع النفط بأقل من الحدِّ الأقصى المحدَّد.
وتأمل الدول الغربية الاستفادة من سيطرتها على كثير من خدمات التأمين البحري، والتمويل، والشحن البحري في العالم لإملاء شروط مبيعات النفط الروسية، وفق ما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” في وقت سابق.