فضيحة أخلاقية تهزّ أركان سلطة محمود عباس
منظمات مدنية وسياسية تطالب بالتحقيق ونشطاء يدعون لرحيل الحكومة
وسط دعوات لرحيل الحكومة الفلسطينية في رام الله، تواجه السلطة الفلسطينية فضيحة أخلاقية كبيرة بسبب توزيع لقاحات فيروس كورونا، حيث قام كبار المسؤولين فيها بتوزيع اللقاحات على المتنفذين في السلطة وأقاربهم والموظفين العاملين في مكتب رئيس السلطة وحرسه الرئيس.
واتهم الإئتلاف الفلسطيني من أجل النزاهة والشفافية (أمان)”، الحكومة الفلسطينية في رام الله بـ”المحسوبية” في توزيع لقاحات كورونا.
وقال إئتلاف (أمان)”، في بيان صدر عنه، إن توزيع لقاحات كورونا يتم “خارج إطار خطة واضحة ومنشورة، وفي إطار من المحسوبيات والعلاقات التي تسعى إلى المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة”.
وأضاف الإئتلاف “على الرغم من المراسلات العديدة لمجلس الوزراء حول ضرورة إعداد ونشر خطة توزيع لقاح فيروس كورونا، ما زالت المعلومات الواردة لائتلاف أمان، تشير إلى استمرار وجود حالات عديدة من الحصول على اللقاح، من قبل عدة أطراف (لم يسمها)”.
وأشار إلى تخطي مبدأ الأولوية في التوزيع “والمرتبط بالطاقم الصحي وكبار السن والمرضى”.
وطالب “جهات الاختصاص، وفي مقدمتها مجلس الوزراء” باتخاذ “إجراءات كفيلة بوقف عملية توزيع اللقاح على جهات ليست ضمن الأولوية القصوى، ومعاقبة من يسهل هذه العملية”.
بدوره دان تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، مساء الثلاثاء، إتاحة السلطة الفلسطينية تقديم لقاحات كورونا لأعضاء الحكومة والمقربين منهم.
وقال التيار في بيانٍ “نُدين الجريمة النكراء التي ارتكبتها حكومة المقاطعة في رام الله، عندما أتاحت حصول المتنفذين من أعضاء الحكومة وحراساتهم ومقربيهم على لقاح كورونا دون منح الأولوية للمرضى وكبار السن، متجاهلةً كل القيم لصالح حماية أرواح المسؤولين دون غيرهم، وبما يخالف تعليمات منظمة الصحة العالمية، ويتنافى مع كل القيم الأخلاقية”، وفق البيان.
وأضاف: “يرى تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح أن فشل حكومة المقاطعة في إدارة أزمة كورونا، وفشلها في توفير نظامٍ عادلٍ لتوزيع اللقاحات، وتلاعبها في عملية التوزيع لغايات منفعة المقربين وشراء الذمم، يوجب عليها الرحيل فوراً ومحاسبة المتورطين في هذه الجريمة”.
ودعا إلى إجراء تحقيقٍ نزيهٍ وشفافٍ في كل ما يتصل بسلوك الحكومة منذ بدء أزمة كورونا، بما في ذلك ما قامت به لجهة توزيع اللقاحات، ونشر نتائج التحقيق على الملأ، كي يدفع من ارتكبوا جريمة سوء الإدارة وفساد التوزيع ثمن ما اقترفوه بحق شعبهم ومواطنيهم، عندما تغلبت الأنا وحب الذات على مصالح الوطن والمواطنين.
المتحدث باسم شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، عصام عاروري، قال خلال مؤتمر صحافي في مدينة رام الله: “منذ اليوم الأول لتوزيع اللقاحات، دعونا إلى ضرورة تحميل الاحتلال مسؤولية توفير اللقاحات، لكن بما أن السلطة الفلسطينية حمّلت نفسها المسؤولية، فيجب عليها أن تكون على قدر المسؤولية، كما نحمّل وكالة (أونروا) المسؤولية عن اللاجئين، إذ لم تحرك ساكناً في هذا الشأن”.
وأضاف عاروري: “نشعر بقلق شديد بسبب تضارب المعلومات، وما نشر عن استخدام الواسطة في تلقّي التطعيم، ولا بد من توضيحات في هذا الشأن. كما أنه تم رصد تطعيمات مهربة من إسرائيل، ولا بد من توضيحات حول من هرّبها. يتم الحديث عن وصول 10 آلاف جرعة من اللقاح الروسي، وألفي جرعة من لقاح موديرنا، لكن أين ذهبت؟ هناك معايير لإعطاء اللقاحات، لذا نطالب بتشكيل لجنة تحقيق تسائل من تجاوز في التوزيع. هناك فساد، لكنه عندما يتعلق بالصحة فلا يمكن احتماله”.
وفي رده على أسئلة الصحافيين حول أنباء حصول وزراء في الحكومة على اللقاح، اضاف عاروري: “الأصل هو المكاشفة والشفافية من طرف الحكومة. هناك تضارب في المعلومات عن اللقاحات التي وصلت، ومعلومات عن تهريب اللقاح عبر سوق سوداء، ولا بد من توضيح من المسموح له بتهريب اللقاحات، خاصة مع وجود بروتوكولات لتداول اللقاح، ولا بد من وقف كل قنوات التهريب. حتى لو كانت الكميات قليلة، فيجب إعلان كيف تم التصرف فيها، وهناك بروتوكولات لمنظمة الصحة العالمية يجب أن تطبق، ومن واجبات هيئة مكافحة الفساد أن تبدأ التحقيق، والمفترض وجود سجلات رسمية تكششف كيف وصلت، ووزعت اللقاحات”.
بدوره، قال المدير التنفيذي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان”، عصام حج حسين: إن “الحكومة مطالبة بتوفير معلومات عن من تلقّوا اللقاح. ووردت إلينا العديد من البلاغات، وبعض من قاموا بالتواصل معنا كانوا من صانعي القرار الذين عُرض عليهم الحصول على اللقاح، ولكنهم رفضوا وأكدوا على توفيره لمن هم بحاجة إليه. كما أن من حق الإعلام الحصول على المعلومات، ومن واجب الحكومة توفير معلومات للمواطنين حول المعايير للحد من البلبلة. حصلنا على بعض المعلومات، وكانت عبارة عن بلاغات، ونطالب بتشكيل لجنة تحقيق، ونحن على استعداد للتعاون معها”.
إسلام التميمي، من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أكد أنه يتوجب على الحكومة أن تفصح عن آلية توزيع اللقاحات، مشيرًا إلى أن الهيئة خاطبت رئيس الوزراء بهذا الشأن.
وقالت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، في بيان تلاه المدير التنفيذي لـ”أمان” خلال مؤتمر صحافي: “ما زالت المعلومات الواردة والمشاهدات تشير إلى استمرار وجود حالات عديدة من الحصول على اللقاح من قبل عدة جهات، متخطية بذلك مبدأ الأولوية في التوزيع، والمرتبط بالطاقم الصحي وكبار السن والمرضى”.
واعتبرت المؤسسات أن إدارة ملف توزيع اللقاح بهذه الطريقة غير المنظمة، وفي غياب خطة واضحة، ستكون له انعكاسات شديدة الخطورة على المجتمع الفلسطيني، حيث تشير المعلومات الواردة والشهود، إلى أن العملية تتم في إطار من المحسوبيات والعلاقات التي تسعى إلى المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة، من دون الاكتراث بالواقع الوبائي الخطير، وطالبت رئيس الوزراء، بتشكيل لجنة من الخبراء لتطوير خطة توزيع اللقاح، بالاستناد إلى معايير واضحة وقواعد بيانات دقيقة، والإيعاز إلى وزارة الصحة بنشر الخطة الخاصة بعملية توزيع اللقاح، وكافة المعلومات ذات العلاقة.
كما طالبت المؤسسات نفسها، رئيس الوزراء الفلسطيني، بالإيعاز إلى جهات الاختصاص بنشر المعلومات الخاصة بالتعاقدات على اللقاح، والكميات المتفق عليها، وتشكيل لجنة تحقيق بمشاركة ممثلين عن المجتمع المدني، لفحص التجاوزات التي تمت أثناء توزيع الدفعة الأولى التي وصلت، ومحاسبة كل من تثبت إساءة استخدامه لموقعه، والإيعاز إلى وزارة الصحة بنشر قائمة بأسماء الأشخاص الذين تلقّوا اللقاح، وأماكن عملهم، تعزيزاً لمبدأ الشفافية، إضافة إلى تخصيص وحدات لاستقبال الشكاوى والاعتراضات من المواطنين حول توزيع اللقاح.
وزيرة الصحة مية الكيلة، قالت في تصريح مكتوب، الخميس، إن الوزارة تتبع في عملية التطعيم بروتوكول منظمة الصحة العالمية. وذكرت أن الأولوية للكادر الطبي، وكبار السن والمرضى، ثم القطاعات الأخرى بدءا بالأكثر تعرضا للجمهور كالمعلمين والأمن، ثم الأقل فالأقل.
وتلقت وزارة الصحة الفلسطينية منذ بداية الشهر الجاري، 2000 جرعة من لقاح “موديرنا” الأمريكي تسلمتها من إسرائيل. كما تلقت 10 آلاف جرعة من لقاح “سبوتينك V” الروسي، إضافة إلى 22 ألف جرعة من اللقاح نفسه قدمتها الإمارات، وصلت قطاع غزة.
وفي سياق متصل، أطلق ناشطون فلسطينيون هاشتاغ #الأرواح_قبل_الأرباح”، في إطار دعوات لتشديد الإجراءات والتعجيل بوفير اللقاح ودعا النشطاء لرحيل الحكومة الفلسطينية بسبب هذه الأزمة.
وفي وقت سابق من يوم السبت، قال رئيس الوزراء محمد اشتية، إن حكومته اشترت بما قيمته 10 ملايين دولار من لقاحات كورونا، “من المفترض أن تصل منتصف الشهر (المقبل)”.
وزعم اشتية أن “سبب التأخير هو الشركة المصنعة وليس لسبب آخر، ونتوقع وصول الدفعة الأولى خلال الشهر القادم (مارس) آذار”.