فوز جونسون يهدد بريطانيا بالتفكك
فوز ساحق لحزب المحافظين البريطاني بالانتخابات البرلمانية المبكرة التي أسدل فيها الستار عن أزمة “بريكست” داخل البرلمان، ما منح رئيس الوزراء بوريس جونسون تفويضا شعبيا للمضي قدما في تنفيذ اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل.
فوز صدّر موقفا شبه جماعي أكد فيه البريطانيون رغبتهم في الانفصال عن تكتل القارة العجوز، ليكسب بذلك جونسون الرهان بعد 3 سنوات ونصف السنة من تصويت البريطانيين لصالح الخروج من التكتل في استفتاء جرى في يونيو/ حزيران 2016.
وبحصول حزبه على أكثرية مريحة في مجلس العموم البالغ عدد مقاعده 650، وفق نتائج رسمية، يحصل جونسون على تأشيرة التقدم عمليا في تفعيل نتيجة استفتاء لم يحقق في السابق تقدما عمليا لتعذر الحصول على موافقة مجلس العموم على اتفاق للخروج عقدته رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مع بروكسل.
الفوز بالأغلبية سمح لرئيس الوزراء التأكيد على أن فوزه يشكل “تفويضا ضخما ورائعا” من أجل تفعيل شعار حملته الانتخابية “لنحقق الخروج من الاتحاد الأوروبي”، مستندا إلى 364 مقعدا التي حصل عليها حزبه مقابل 203 لحزب العمال، في أكبر أغلبية يحصدها المحافظون منذ مارجريت تاتشر في عام 1987.
وبعد شهور من التأخير والمأزق المزعج في برلمان وستمنستر، سيتمكن جونسون قريبا من الحصول على مصادقة أعضاء البرلمان على الصفقة الجديدة التي تفاوض عليها مع دول الاتحاد الأوروبي الـ27.
وبناء على وعده، فمن المتوقع الانتهاء من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 يناير/كانون الثاني المقبل، وفي حال تجسد ذلك، فسيعني أن جونسون تمكن في أقل من خمسة أشهر في داوننج ستريت من تحقيق ما عجزت عنه سلفه ماي في 3 سنوات.
وبالنسبة للحياة السياسية البريطانية، يبدو اقتراع الخميس الماضي شبيها بالإعصار، ففي حين اصطف المحافظون وراء “بريكست”، عجز حزب العمال عن الاختيار بين أعضائه المؤيدين لأوروبا وبين ناخبيه المؤيدين للخروج من التكتل، ما جعله يتكبد أسوأ نتائجه منذ عام 1935.
هزيمة مدوية في الانتخابات لحزب العمال وزعيمه اليساري الراديكالي جيريمي كوربين، خصوصا أن الحزب خسر دوائر انتخابية لطالما كانت تاريخيا معقله شمالي إنجلترا، ما فجر مسألة خلافته على رأس الحزب وسط أزمة داخلية محتملة.
يبدو أن عجز الأوروبيين المؤيدين لتشكيل جبهة واحدة يبدو أكثر دراماتيكية، حيث إن نسبة الناخبين المؤيدين لـ”بريكست” (47 %) كان أقل من مجموع الأصوات التي صوتت لصالح أحد الأحزاب المؤيدة لإجراء استفتاء ثان على الخروج (53 %).
غير أن الاختلاف الذي حسم المعادلة يكمن في أن الشق الأول صوت بأغلبية ساحقة لصالح المحافظين، في حين انقسمت أصوات المعسكر الثاني بين حزب الليبراليين والديمقراطيين، والحزب الوطني الاسكتلندي، والخضر.
إجمالا، يرى متابعون أن الإعصار السياسي الذي تشهده بريطانيا يهددها بالتفكك، فلقد فتح فوز القوميين الاسكتلنديين الطريق أمام استفتاء جديد حول الانفصال، وهذا ما طالب به على الفور رئيس الوزراء الاسكتلندي نيكولا ستورجيون، ويلقى حتى الآن الرفض من جونسون.
وفي أيرلندا الشمالية، تؤكد هزيمة النقابيين التابعين للاتحاد الديمقراطي باستراتيجية رئيس الوزراء، لكنها تعزز أنصار إعادة توحيد جزيرة سيعزلها الخروج من الاتحاد الأوروبي عن بريطانيا العظمى، ما قد يطرح مخاوف من أن يجد جونسون نفسه رئيس وزراء مملكة مفككة.