كتاب عن “المرتزقة السوريين” في ليبيا يكشف الدور الخطير لأردوغان في الأزمة الليبية
استعرض موقع “نيويورك تايمز بوك رفيو” كتاباً بعنوان “بين المقاتلين السوريين في ليبيا” يروي فيه الكاتب فردريك ويري، الذي يغطي الحرب الأهلية الليبية منذ سنوات، كيف التقى المرتزقة الموالين لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، على خط الاشتباكات في ليبيا.
وأشار الكاتب إلى أنه التقى قائد وحدة المرتزقة السوريين ويدعى (أحمد)، وكان ضابطاً سابقاً في الجيش السوري، وأشار إلى أن عدد الأفراد معه يبلغ نحو 500 مسلح في هذا القطاع من الجبهة.
وأوضح الضابط أنهم وصلوا إلى ليبيا قبل عدة أيام، ويشكلون جزءاً من فرقة تضم نحو ألفي مرتزق، إلى جانب عدد من الجنود الأتراك. وأن هناك خططاً لاستقدام 6 آلاف مسلح سوري آخرين.
الكاتب أكد أن “التدخل العسكري التركي في ليبيا، الذي يتضمن نشر مرتزقة سوريين، هو أحدث خطوة في لعبة الشطرنج في الحرب الأهلية طويلة الأمد التي أعقبت أحداث 2011”.
وأشار إلى أن تركيا أرسلت سراً في شهر مايو/أيار من العام الماضي، طائرات بدون طيار مسلحة، لدعم ما يعرف بحكومة السراج، كما أرسلت أعداداً من المستشارين والفنيين العسكريين.
وتابع فريدريك “يبدو أن إحجامها (تركيا) عن نشر القوات البرية قد تغير في أوائل يناير/كانون الثاني، عندما صدّق البرلمان التركي على اتفاقية دفاعية مع حكومة الوفاق”.
وسعياً وراء انتشار عسكري أكبر في ليبيا، أشار رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إلى العلاقات التاريخية بين ليبيا وتركيا. لكن الدوافع الاقتصادية – وفق الكاتب – كانت الباعث الرئيسي لهذه الخطوة أيضاً، واستند إلى أن الاتفاق الذي وقّعته أنقرة في نوفمبر/تشرين الثاني مع حكومة السراج، يمنحها حقوق استكشاف حقول النفط والغاز البحرية في البحر المتوسط، فضلاً عن إبرام عقود البنية التحتية وعقود الأسلحة في ليبيا.
وهنا، يؤكد الكاتب أن التحرك التركي في ليبيا يأتي ضمن خطة أردوغان توسيع قوة تركيا الجيوسياسية في عهده، لكنها تنطوي على مخاطر سياسية داخلية، وهو ما يفسر اعتماده على المرتزقة السوريين، الذين اعتمد عليهم في هجومه على شمال سوريا.
منذ أواخر 2018، جندت الحكومة التركية هذه المليشيات السورية للقتال في ليبيا مع وعود براتب شهري كبير (قيل إنه يصل إلى ألفي دولار في الشهر) وعروض بالحصول على الجنسية التركية (على الرغم من أن أحمد قال إنه حصل عليها قبل أكثر من 5 سنوات).
وأشار أحمد إلى أن الانتماء إلى تركيا له جذور عميقة: من الناحية العرقية، فهم تركمان سوريون، كما أن عناصره جزء من مليشيا سورية أكبر مدعومة من تركيا تسمى “فرقة السلطان مراد”.
وقال “أنا أنتمي إلى الجيش التركي. لدينا جميعاً منازل في إسطنبول أو غازي عنتاب جنوبي تركيا”.
وقبل مجيئه إلى ليبيا، حارب أحمد فيما يعرف بـ”الجيش السوري الحر” ضد النظام السوري والرئيس بشار الأسد في الحرب الأهلية الدامية في ذلك البلد.
وأشار الضابط السوري إلى أنهم يعملون مع قوات ما يعرف بحكومة السراج في حماية المناطق المحيطة بالعاصمة طرابلس. لكنه أشار إلى أن وجودهم لا يحظى بموافقة جميع الليبيين، إذ يرى البعض أن وصولهم إلى الجبهة يمثل إهانة للجيش الليبي، ومصدراً لإحراج حكومة السراج.
التدخل التركي في ليبيا لم تكن له تبعاته على الشأن الليبي وفقط، بل على صعيد المعارضة السورية أيضاً، فيقول أحد المحللين في تركيا والمقرب من المعارضة السورية إن عملية ليبيا “أحدثت شقاقاً واضحاً بين الفصائل المسلحة المعارضة”.
علاوة على ذلك، تشير بعض الروايات إلى أن الحرمان الاقتصادي في سوريا والوعود التركية بمنحهم رواتب ضخمة وامتيازات كبيرة كانت عوامل رئيسية وراء موافقة السوريين على الذهاب إلى ليبيا.
وكشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، في تقرير الشهر الجاري، أن نحو 2000 مرتزق سوري سافروا من تركيا إلى ساحات القتال في ليبيا، مؤكدة أن ذلك “تطور مفاجئ يزيد من تعقيد الحرب داخل ليبيا”.
فيما قال سراج عبدالقادر الفيتوري، مدير شركة الخطوط الجوية الأفريقية بالمنطقة الشرقية في ليبيا، إن الشركة استغلت طائراتها في نقل المرتزقة السوريين الموالين لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إلى ليبيا.
أقر فايز السراج، الإثنين، باستقدام مرتزقة سوريين من تركيا، للقتال إلى جانب مليشياته في المعارك الدائرة مع الجيش الليبي بالعاصمة طرابلس.
واستضافت العاصمة الألمانية برلين، الأحد، مؤتمراً دولياً حول الأزمة الليبية؛ حيث دعا إلى تثبيت وقف إطلاق النار ونزع سلاح مليشيات حكومة الوفاق والعودة للعملية السياسية بين الفرقاء الليبيين.
وانتهى مؤتمر برلين بإعلان المشاركين التزامهم بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، ووقف تقديم الدعم العسكري لأطرافها.