كورونا يضع حكومات العالم بين مأزق الإقتصادي والأخلاقي
وسط تفشي فيروس كورونا، تتصارع الحكومات في جميع أنحاء العالم مع توقيت وكيفية رفع تدابير مكافحة الوباء المؤلمة اقتصادياً مع ارتفاع معدلات البطالة وتأخر مستحقات الإيجارات.
إذ فرض العديد من الدول قيوداً صارمة على الحركة في محاولة لوقف انتشار الفيروس التاجي الجديد الذي أصاب أكثر من 2.2 مليون شخص ولا يوجد له لقاح حتى الآن.
وبين خياري الصحة والمال يختار المرء بلا تردد الأولى، إلا أنه للحكومات معايير أخرى، فتردي الاقتصاد وشلله قد يسبب تبعات عنيفة ليس فقط على قوة الدولة السياسية والاقتصادية، إنما على المجتمع عامة، وقد يؤدي إلى أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل وربما الجائعين أيضاً في بعض المناطق حول العالم لاسيما في إفريقيا، بحسب تحذيرات سابقة لمنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة.
واتخذ الجدل في عدة دول، في مقدمتها الولايات المتحدة نبرة سياسية، بعد أن حثّ الرئيس الجمهوري، دونالد ترمب، أنصاره على “تحرير” ثلاث ولايات بقيادة حكام ديمقراطيين.
لكن الأمر أبعد من السياسة أيضاً، إذ تسعى عدة دول أوربية أيضاً إلى تخفيف القيود، مع ارتفاع الخسائر الاقتصادية.
في المقابل، يحذر خبراء الصحة العامة من أن تخفيف عمليات الإغلاق يجب أن يكون مصحوباً باختبارات وعمليات تتبع أوسع للأشخاص المصابين لمنع الفيروس من العودة.
وفي هذا السياق، قال وزير الصحة الكوري الجنوبي، كيم جانغ ليب، السبت، إنه يمكن إصدار إرشادات جديدة قريباً، تسمح للناس بالانخراط في “مستويات معينة من النشاط الاقتصادي والاجتماعي”.
في حين اتخذت ولايتا تكساس وفلوريدا الأميركيتان، اللتان لديهما حكام جمهوريون، الخطوات الأولى نحو تخفيف القيود.
بينما قال غافن نيوسوم، حاكم ولاية نيويورك، أكبر ولاية أميركية: “نحن الآن في ركود ناتج عن الجائحة”، وذلك بعد أن فقدت ولاية كاليفورنيا، أكبر ولاية أميركية، ما يقرب من مئة ألف وظيفة في مارس/ آذار.
إلى ذلك، خرج متظاهرون سئموا من القيود الاقتصادية الخانقة إلى الشوارع في العديد من الولايات الأميركية. ففي ولاية أيداهو، وقف عشرات المتظاهرين الذين لم يرتدوا كمامات يوم الجمعة.
أما في الصين، فقد دعا كبار قادة الحزب الشيوعي الصيني الحاكم إلى زيادة الإنفاق واتباع سياسة نقدية أكثر مرونة بعد تقلص الاقتصاد بنسبة 6.8% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
وكانت السلطات عمدت قبل أسبوع إلى رفع القيود تدريجيات عن إقليم هوباي، حيث فرض حجر عام لأكثر من شهرين على السكان.
وفي إسبانيا وهي واحدة من أكثر البلدان تضرراً من الجائحة، عاد بعض العاملين في بعض القطاعات غير الضرورية إلى وظائفهم الاثنين.
فسعياً لاستئناف التصنيع، سمحت الحكومة الإسبانية للعمال بالعودة إلى بعض وظائف في المصانع والبناء، بينما لا تزال متاجر وخدمات البيع بالتجزئة مغلقة، ويتم تشجيع العاملين في المكاتب بقوة على مواصلة العمل من المنزل.
وفي إيطاليا التي سجلت وفاة أكثر من 19800شخص بالفيروس المستجد، خفف المسؤولون في فينيتو، وهي واحدة من أكثر المناطق إصابة بالبلاد، بعض القيود على الحركة، بينما يدخلون مرحلة وصفها الحاكم لوكا زايا بـ “الإغلاق المخفف”.
وفي خضم معركة الاختيار تلك بين إنقاذ الاقتصاد وبالتالي مصير آلاف العمال، وبين الصحة، يواصل الفيروس حصاده. فقد سجل تفشي المرض وفاة أكثر من 150 ألف شخص في جميع أنحاء العالم، وفقًا لإحصاءات جامعة جونز هوبكنز استنادًا إلى الأرقام التي قدمتها السلطات الصحية الحكومية في جميع أنحاء العالم.
الأوبزرفر العربي