ليبيا: صراع الميليشيات ينزع ورقة الاستقرار من يد الدبيبة
رغم إعلان حكومة الدبيبة التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في العاصمة طرابلس بعد اشتباكات دامية بين الميليشيات المسلحة راح ضحيتها 27 قتيلا إلى جانب عشرات الجرحى، إلّا أن تلك الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام الماضية، أفقدت حكومة عبد الحميد الدبيبة منتهية الولاية ورقة الاستقرار. إحدى أهم الأوراق التي ظل يحتفظ بها منذ وصوله إلى السلطة عام 2021.
وسجلت طرابلس والمنطقة الغربية بشكل عام في عهد الدبيبة استقرارا أمنيا؛ حيث تراجعت حروب النفوذ بين الميليشيات المسلحة، كما تراجعت معدلات جرائم الخطف للفدية التي انتشرت على نطاق واسع في الغرب خلال عهد حكومة فايز السراج.
ويأتي هذا التوتر الأمني متزامنا مع المساعي الحثيثة الداخلية والخارجية لإزاحة الدبيبة وتشكيل حكومة جديدة.
ومؤخرا انضمت بريطانيا إلى الأصوات الداعية لتغيير حكومة الدبيبة وسط أنباء عن تفاهمات أميركية – إيطالية لإزاحته، في حين يظل موقف تركيا التي تسيطر على المنطقة الغربية غامضا.
سبب الاشتباكات
وبدأت الاشتباكات بعد أن قبضت ميليشيا الردع السلفية التابعة للمجلس الرئاسي على آمر اللواء 444 محمود حمزة، قبل أن تطلق سراحه مساء الثلاثاء.
واللواء 444 ميليشيا عسكرية حديثة التشكيل نسبيا وتابعة لوزارة الدفاع التي يتولاها الدبيبة، ويعد مقاتلوها بالآلاف وينتشرون في العاصمة وبعض المدن الأخرى كترهونة وبني وليد. وكان اللواء محسوبا على تركيا التي شاركت في تدريبه.
وقال مصدر في اللواء 444 إن ميليشا الردع الخاصة، التي تسيطر على مطار معيتيقة في العاصمة، ألقت القبض الاثنين على قائد اللواء أثناء محاولته السفر.
ولئن لم يُعلن رسميا عن سبب اعتقال قوة الردع لحمزة فإن مواقع محلية قالت إن الاعتقال تم بقرار من المدعي العام العسكري بعد ورود أنباء تفيد بتخطيطه لتنفيذ انقلاب ضد الدبيبة بالتعاون مع قائد الجيش المشير خليفة حفتر.
وقوة الردع الخاصة هي أحد الميليشيات المسلحة الرئيسية في طرابلس منذ سنوات، وتسيطر على منطقة معيتيقة والمنطقة الساحلية المحيطة بها، ومن ضمْن ذلك جزء من الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى الشرق.
ويسيطر اللواء 444 على قطاعات كبيرة من العاصمة ومناطق في جنوب طرابلس. ولعب حمزة، وهو ضابط سابق في قوة الردع، دورا رئيسيا في التوسط لإنهاء التوتر بين فصائل مسلحة أخرى.
ونشر جهاز دعم الاستقرار بقيادة عبدالغني الككلي مقاتلين ومركبات في الشوارع ضمن مناطق يسيطر عليها لكنه لم يشارك في الاشتباكات، في حين أشارت تقارير إلى أن قوة جهاز دعم الاستقرار وسيط محايد سيتسلم حمزة من قوة الردع.
مبادرة المنفي
ونقل موقع بوابة الوسط عن مصدر مقرب من المجلس الرئاسي في طرابلس قوله إن رئيس المجلس محمد المنفي قدم مبادرة من ثلاث خطوات لاحتواء الوضع المتوتر جراء واقعة احتجاز آمر اللواء 444 خلال وجوده في مطار معيتيقة والتداعيات الأمنية التي أعقبتها.
وأوضح المصدر، الذي لم يذكره الموقع، أن الخطوة الأولى من المبادرة تقوم على ضمان أعيان وقيادات منطقة سوق الجمعة الاجتماعية تسليم العقيد محمود حمزة إلى رئيس الأركان في حكومة الوحدة الوطنية، محمد الحداد، داخل نطاق قاعدة معيتيقة ضمن تدابير تتعلق ببناء الثقة بين الأطراف المختلفة.
وتنص الخطوة الثانية على أن يجري نقل حمزة بتأمين من رئاسة الأركان، مع بقائه تحت طائلة الإيقاف المؤقت، فيما نصت الخطوة الثالثة على انتظار انتهاء أعمال لجنة التحقيق المشكلة لهذا الغرض، وتسوية موضوع أوامر القبض السابقة الصادرة عن المدعي العام في حق العقيد محمود حمزة.
وقال عبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، لتلفزيون، الثلاثاء، إن هناك بوادر استجابة من طرفي النزاع في طرابلس، لإنهاء الاشتباكات الجارية منذ أمس.
ونقلت قناة “ليبيا الأحرار” عن اللافي قوله “بدأنا في التواصل مع طرفي النزاع، وهناك بوادر استجابة من كليهما لإنهاء الإشكال القائم”.
يأتي هذا بينما عبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اليوم، عن قلقها من الأحداث التي تشهدها العاصمة طرابلس، داعية إلى الوقف الفوري للتصعيد ووضع حد للاشتباكات المسلحة.
وحذرت البعثة الأممية في بيان من التأثيرات “الوخيمة” للاشتباكات الجارية في طرابلس على المدنيين، مؤكدةً على مسؤولية جميع الأطراف المعنية عن حماية المدنيين بموجب القانون الدولي.
كما أبدت البعثة قلقها من “التأثير المحتمل لهذه التطورات على الجهود الجارية لتهيئة بيئة أمنية مواتية للنهوض بالعملية السياسية، بما في ذلك الاستعدادات للانتخابات الوطنية”.
وأضاف البيان “العنف ليس وسيلة مقبولة لحل الخلافات، ويجب على جميع الأطراف الحفاظ على المكاسب الأمنية التي تحققت في السنوات الأخيرة ومعالجة الخلافات من خلال الحوار”.