ما الحل للمعضلة اليمنية؟
مصطفى النعمان
المعضلة اليمنية لها أوجه حل متعددة. الوجه الأول أن يبقى الحال على ما هو عليه، حيث تسيطر الشرعية على أجزاء من البلاد ويظل “أنصار الله” (الحوثيون) متحكمين في الجزء المتبقي. غير أن المشكلة في هذا الحل أنه يضع حياة الناس المعيشية ضحية صراع حول السلطة لا حول اليمن، ويفاقم من المأساة الإنسانية التي تعصف بحياة الملايين.
وفي مناطق الشرعية هناك قوى كثيرة تتنازع السلطة داخلها، ما يعقّد عملية التوصل إلى موقف موحّد بإمكانه بلورة رؤية جامعة للحل. فيما يعاني الحوثيون من الانقسامات والارتهان لقرارات إيران. وعليه فإن الطرفين مسؤولان كليا عن هذا الحال، ولا يمكن تصديق أيّ مبررات يقدمها هذا الطرف أو ذاك.
الوجه الثاني هو أن الرئيس عبدربه منصور هادي وعبدالملك الحوثي هما السبب الحقيقي لهذه الحرب وأن ما يجري هو صراع من أجل السلطة لا من أجل اليمن، لذلك لا أتوقع أن أحدهما سيمد يده دون شروط للآخر من أجل اليمن، كما أنهما لم يعودا في وضع يؤهلهما لخوض صراع سياسي تحسمه الجماهير لأن ليس لهادي أيّ قاعدة شعبية تقف معه بينما الحوثي نفوذه محصور بالقوة المسلحة داخل جزء من طائفته وفي المساحة المذهبية – الجغرافية التي يتحكم بها.
الوجه الثالث يكمن في أن الحرب الدائرة قد أفرزت خطابا إعلاميا ركز مفرداته علـى غرس هويات متعددة داخل المجتمع منها المذهبي والمناطقي والطائفي، ولم يعد يجمع أغلب اليمنيين إلا حالة الجوع والعوز والمرض، وهي حالة سيكون من غير الهين تجاوزها سريعا، وأن استمرار الحرب يعمقها ويزيد من جراحها النازفة.
الوجه الرابع هو أن التدخلات الخارجية قد أنتجت هي الأخرى مصالح من المنطقي أن يحاول كل من يديرها الاستفادة من نتائج الحرب التي خاضها وما يزال، وجعلت من “يمنية القرار” مسألة غاية في الصعوبة دون موافقة الشركاء الخارجيين.
الوجه الخامس، هو أن فترة الحرب الطويلة أنتجت جماعات مسلحة في كل مناطق الشرعية بالذات، ورغم أن كلها يعلن أن هدفه متوافق مع مشروع “استعادة الدولة” إلا أن نشأة عدد منها مثل ما يسمى “حراس الجمهورية” (التي يرأسها طارق صالح) تم تكوينها دون قبول وعلم “الشرعية”، ولا يقع ضمن إطار مؤسسات الدولة كما المجلس الانتقالي الجنوبي الذي استولى علـى مساحة من الأرض وبسط نفوذه عليها، وارتبط وجوده بمقتل الرئيس علي عبدالله صالح مما يعطي انطباعا قويا بـأن غرضه هو الانتقام من شريك سابق، وليس للضغط كي نصل إلى وقف للحرب بشروط سياسية.
كما أن الانتقالي الجنوبي لا يعترف بشرعية عبدربه منصور هادي، حيث هناك أيضا تجمعات مناطقية مثل المقاومة التهامية ومقاومة تعز ومقاومة إب ومقاومة البيضاء وكل هذه المجاميع لا يعلم أحد من المحرك الحقيقي لها وما هو هدفها النهائي والحقيقي بغض النظر عن البيانات التي تصدرها لتبرير ولادتها.
الفكرة، أن غالبية المواطنين غير مقتنعين بأيّ من السلطتين ولا بالبدائل الموجودة على الساحة، والكل يبحث عن تكتل يمكن أن يتخذ مسارا مختلفا يكون هدفه هو السعي أولا لوقف الحرب وتشكيل ضغط على كل الأطراف. وهو أمر قد يبدو مثاليا في ظل الاستقطاب السائد والمستمر والتمويل المستدام، وفي ظل عمل إعلامي يركز على المزيد من الشقاق والدعوة إلى ديمومة الحرب.
ليس الأمر سهلا ولكنه غير مستحيل ويحتاج إلى لقاءات وبحث عاجلين بين من يقتنعون بالفكرة، فلا يجب أن يكون البحث حاليا عن موقع في أيّ من السلطتين وإنما دفعهما نحو وقف الحرب وعودة النازحين واستعادة عمل المؤسسات كي تعود الحياة الطبيعية تدريجيا.
وبالنتيجة، لم يعد أمام اليمنيين فرص أكثر مما مرّ.