ما الذي تحمله زيارة رئيسة الحكومة التونسية إلى الجزائر؟
قالت مصادر سياسية تونسية مطلعة ، أن “زيارة رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن إلى الجزائر تتم بعنوان واضح، وهو معرفة مدى قدرة الجزائر على تقديم الدعم المالي والاستثماري لتونس للخروج من الأزمة الظرفية التي تعيشها، بعد إشارات وتصريحات من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون”.
وأضافت المصادر، إن الرئيس قيس سعيد يريد تمتين العلاقات مع الجزائر، لكنه لا يقبل بأي شكل محاولة جر تونس إلى تحالفات إقليمية لحساب أي جهة أخرى ولو كانت الجزائر، مشيرة إلى أن تونس تعمل على البقاء في وضع محايد تجاه مختلف الأزمات الإقليمية، وهي لن تغير موقفها تحت أي ظروف.
وأشارت هذه المصادر إلى وجود قلق تونسي من محاولات جزائرية للإيحاء بأن تونس باتت في صفها في ملف الصحراء، ما قد يمس العلاقة مع المغرب، وهذا ما لن يقبل به قيس سعيد.
وقال مصدر تونسي، إن تونس ستبلغ الجزائريين بضرورة الكف عن التحدث باسمها والإيحاء بسهولة احتوائها واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها لجرها إلى مربعات لا تقبل بها.
وأشار إلى أن نجلاء بودن غير مكلّفة بالخوض في أي موضوع خارج ملف التعاون الاقتصادي والاستثماري، وأن الهدف هو اختبار الوعود التي قدمتها الجزائر على مستوى عال لمساعدة تونس.
وعود الرئيس الجزائري
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أوحى في تصريحات سابقة بأن بلاده حريصة على “تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات”. لكن مراقبين سياسيين يقللون من قيمة هذه الوعود، متسائلين عن قدرة الجزائر، التي تعيش بدورها أوضاعا صعبة، على تمكين تونس من دعم مباشر وعاجل لتسوية أوضاعها.
وأشار المراقبون إلى أن تونس قلقة من غموض تصريحات الرئيس الجزائري، التي تظهر فيها بلاده كأنها حامية لتونس، أو أن الأوضاع في تونس منفلتة، أو أنها واقعة تحت تأثير جهات خارجية، في الوقت الذي يقول فيه التونسيون إن قيس سعيد نجح منذ توليه السلطة -وخاصة بعد إجراءاته الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي- في أن يبعد تونس عن الصراعات الخارجية ويجنبها سياسة الأحلاف التي اتبعتها حكومات سابقة بعد الثورة.
وقال تبون “الجزائر لن تسمح لأي كان أن يهدد تونس أمنيا، ولن تبقى في موقف المتفرج في حال وقوعه”، في إشارة إلى استعداد بلاده لمساعدة تونس وتأمينها من ضغوط أمنية واقتصادية محتملة.
لن أقبل بالضغط على تونس
وأضاف “لن أقبل بالضغط على تونس، لا دخل لكم في تونس، لها دستورها ورئيسها ويمكنها تدبير أمورها بنفسها، الجزائر لن تتدخل في شؤون تونس الداخلية لأنها دولة مستقلة ويمكنها تسيير أمورها جيدا”.
ومنذ وصوله إلى السلطة في نهاية 2019 دأب الرئيس الجزائري على التلويح بزيارة تونس، ووعد بأن يكون جل الطاقم الحكومي مرافقا له، في إشارة إلى ثراء الاتفاقيات المرتقب التداول بشأنها خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة الجزائرية – التونسية المزمع عقدها قريبا، وخلال اجتماع اللجان القطاعية الثنائية المشتركة.
لكن إلى حد الآن وبعد سنتين من إقرار هذه الزيارة بقي كل شيء في حدود الوعود الجزائرية.
ويفرق التونسيون بين العلاقات المتينة بين الشعبين وخيارات النظام الجزائري، وخاصة ما تعلق بالصراعات الإقليمية، وهناك توجس في تونس من ميل الجزائر إلى تحالف يجمعها بتركيا ومنظمات إخونجية متمركزة في ليبيا، وتأثيره على تونس التي تخلصت منذ أشهر فقط من حكم الإخونجية وتعمل على تجاوز مخلفاته التي رهنت البلاد لمصالح خارجية وأخرجت تونس من دائرة دبلوماسيتها الهادئة والمحايدة.
زيارة بودن الأولى من نوعها
وحلت نجلاء بودن الخميس بالجزائر في زيارة هي الأولى من نوعها منذ تعيينها، واستقبلت في مطار الجزائر الدولي من طرف نظيرها الجزائري أيمن بن عبدالرحمن.
وذكر بيان للحكومة الجزائرية أن “الزيارة تندرج في سياق التأكيد على جودة العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين الشقيقين، وعلى الإرادة المشتركة التي تحدو الجانبين لتعزيز وتنويع التعاون، لاسيما التحضير للاستحقاقات الثنائية الهامة المقبلة”.
وصرحت نجلاء بودن للتلفزيون الحكومي الجزائري لدى وصولها بأن “الزيارة تأتي في إطار التشاور المتواصل بين البلدين من أجل رفع العلاقات إلى المستوى الاستراتيجي، وأنه ستتم خلال الزيارة التي تستمر يوما واحدا دراسة التحديات الراهنة التي تهم البلدين”.
وجاء في بيان لرئاسة الحكومة التونسية أنه سيجري خلال الزيارة الإعداد لاجتماعات اللجنة العليا المشتركة التونسية – الجزائرية المزمع عقدها قريبا، إضافة إلى بقية اللجان القطاعية الثنائية المشتركة.
وجاء في تدوينة في الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية على فيسبوك أن الزيارة تأتي “تأكيدا للعلاقات التونسية – الجزائرية المتينة وترجمة لإرادة قيادتي البلدين للارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية المتضامنة والمستديمة، استجابة لتطلعات الشعبين الشقيقين”.