محكمة العدل الدولية
أسامة سرايا
لن يستطيع العالم أن يبعد بعينيه عما يحدث اليوم ( ١١ يناير)، فهو يوم فارق فى حياة الإنسانية، إذ تُختبر فيه المنظمة الدولية التى يعلق عليها عالمنا المعاصر كل الآمال، حيث تنظر محكمة العدل الدولية الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا، الدولة الإفريقية التى اختبرت العنصرية ضد شعبها عقودا ضخمة، وانتصرت بزعامة نيلسون مانديلا على العنصر الأبيض، وأصبحت، تحكمها الآن الأغلبية الإفريقية، والمساواة بين (الأبيض والأسود).
إن جنوب إفريقيا تقود معركة من نوع جديد فى العالم ضد عنصرية غربية، وإسرائيلية مقيتة (أصبحت دينية) ضد أهل غزة وسكانها، حيث القتل الإسرائيلى هناك أصبح جماعيا، فحتى الأطفال، والمرضى، والمسنون، وذوو الاحتياجات لم يسلموا منه، ويتعرضون للإبادة التى لم تشهدها الإنسانية من قبل، وحرمان السكان من كل سبل الحياة من مياه، وطاقة، وأكل، وعلاج.. وغيرها، وتركهم فى العراء بلا مأوى، فغزة تم هدمها كاملة على رءوس سكانها من قبل الاحتلال الغاشم المدعوم أمريكيا، وغربيا، وكل ذلك يتم بحجج واهية هى مواجهة المقاومة، أو البحث عن بضع عشرات من الأسرى، فى حين أن سجون الاحتلال مكدسة بآلاف الفلسطينيين الأسرى، بمن فيهم من الأطفال! كما أن الصور والدعوى التى قدمتها جنوب إفريقيا عن حالة غزة الآن وسكانها واضحة للعالم ولا تحتاج إلى بيان، فالدعوى موثقة بالمعلومات التى قدمها الصحفيون، والإعلاميون الذين قتلت منهم إسرائيل أكثر من 100 صحفى حتى تتم جريمتها، أو الإبادة البشرية بعيدا عن أعين العالم، ولكنها نسيت، أو تناست، أننا نعيش فى عصر الصورة، ولم يعد من الممكن إخفاء الجريمة.
أعتقد أن محكمة العدل الدولية أمام منعطف تاريخى، فإما تعيد الاحترام إلى العالم ومنظماته، وإما تسقط فى براثن التبعية للعنصرية المقيتة التى تقودها إسرائيل ومن خلفها حلفاؤها الغربيون، وساعتها فإنه على كل دول العالم أن تأخذ احتياطاتها لأن الكبار سيصبحون صغارا، والمجتمع الدولى سوف ينهار، وستنتشر الحروب، والصراعات ولن تتوقف.
فالمحكمة الدولية فى مهمة قاسية، وشاقة لمواجهتها وحشية وحرب نيتانياهو وحكومته المتطرفة ضد الأبرياء الفلسطينيين الذين يعانون تحت نير الاحتلال الغاشم.