مخاوف أوروبية من عزم بريطانيا على تفعيل المادة 16 من بروتوكول أيرلندا الشمالية
تزداد المخاوف الأوروبية من إمكانية قيام بريطانيا بتفعيل المادة 16 من “بروتوكول أيرلندا الشمالية“، المتعلق باتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، ما قد يتسبب بانهيار العلاقات المتوترة بالفعل مع الاتحاد، على خلفية اعتراض لندن على فرض حدود جمركية بينها وبين أيرلندا الشمالية.
وينذر احتمال تفعيل المادة، التي تسمح بتعطيل أجزاء من البروتوكول في ظروف معينة، بمواجهة غير مسبوقة بين الكتلة الأوروبية ولندن، إذ إن بروتوكول أيرلندا الشمالية، كان الاتفاق الحاسم الذي تعتمد عليه صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأكملها.
تهديد ديفيد فروست
وتعززت تلك المخاوف، الجمعة، إذ هدد ديفيد فروست، وزير بريكست البريطاني، بأن المادة 16 “على الطاولة” بعد لقاء مع نظرائه الأوربيين في بروكسل. وقال فروست بعد ثلاثة أسابيع من المحادثات حول أيرلندا الشمالية، إن “الوقت ينفد”، فيما تحدثت مصادر أوروبية عن “تشاؤم عميق”، حيال فرص التوصل لنتيجة ناجحة، حسب ما ذكرت صحيفة “جادريان” البريطانية.
تملك أيرلندا الشمالية حدوداً مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، عبر حدودها من جمهورية أيرلندا، وتفاوضت بريطانيا أثناء خروجها من الاتحاد على بروتوكول يتيح بشكل ما، تفادي نشوء حدود مادية بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية، من خلال إبقاء الأخيرة عملياً، جزءاً من السوق الأوروبية الموحدة.
وتنص الاتفاقية على أن تظل جزيرة أيرلندا بأكملها في السوق الموحدة مع حدود جمركية في البحر الأيرلندي، لتحتفظ أيرلندا الشمالية عملياً بقدم في كلا النظامين، البريطاني والأوروبي.
حماية السوق التجارية الموحدة
لكن عدم إقامة حدود بين أيرلندا وجارتها الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، كان يعني أن على الاتحاد الأوروبي حماية سوقه التجارية الموحدة، عبر إقامة حدود جمركية بين أيرلندا الشمالية وبقية المملكة المتحدة، للسلع التي تعتبر “معرضة لخطر” الانتقال إلى سوق الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى زيادة التكاليف وأسعار المستهلكين، والغضب بين النقابيين “البروتستانت” في المنطقة.
ويقول وزير بريكست البريطاني، ديفيد فروست إن فرض الفحوص الجمركية على البضائع التي تدخل أيرلندا الشمالية من بريطانيا، قد تسبب في تراجع التجارة، وبالتالي يبرر تفعيل المادة “16”.
المادة 16 من بريكست
تسمح المادة 16 من “بريكست”، لكلا الطرفين (بريطانيا والاتحاد الأوروبي) باتخاذ خطوات، أو ضمانات، في سياق المعاهدة، في حال أدى البروتوكول إلى خلق صعوبات اقتصادية، أو اجتماعية، أو بيئية خطيرة يمكن أن تستمر، أو أن تؤدي إلى تحويل المسار التجاري، وطبقاً للمعاهدة فإن المادة 16، لا تسمح لأي طرف بإلغاء البروتوكول بالكامل.
وقد هددت المملكة المتحدة بأنه في حال فشل المحادثات في التوصل إلى حل، فستعلّق أجزاء من البروتوكول الحالي من طرف واحد، باستخدام الصلاحيات الممنوحة في المادة “16”، ولكنها لم تحدد بعد الخطوات “المناسبة” لمواجهة الضرر الذي يمكن أن يقع، حيث يمكن أن تشمل هذه الخطوات التعليق شبه الدائم لعمليات التفتيش على البضائع التي تعبر البحر الأيرلندي، بحسب صحيفة “جارديان”.
ويثير تفعيل المادة 16، عملية معالجة لنزاع رسمي تتطلب من كلا الجانبين، البريطاني والأيرلندي، الدخول في محادثات لحسم هذا النزاع.
ويقول وزير “بريكست” البريطاني ديفيد فروست، إن “شروط تفعيل المادة 16 قد تحققت بسبب تعطل تدفق التجارة بين بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية”، مشيراً إلى أنه “في حال عدم التوصل إلى اتفاق في الأسابيع المقبلة، فستكون لندن مستعدة لتفعيل المادة 16 التي تسمح أحادياً بتعليق بعض جوانب البروتوكول في حال حدوث اضطرابات كبيرة”.
القضاء الأوروبي
يكمن الخوف في إمكانية أن تعمق بريطانيا من هذا النزاع، مستغلة انهيار المحادثات للتحرك من خلال تشريعاتها المحلية لإلغاء دور محكمة العدل الأوروبية في عملية التحكيم، وهو ما لا يمكن لها تحقيقه من خلال المادة 16، بحسب صحيفة “جارديان”.
وجددت لندن تأكيداتها، في أكتوبر الماضي، بالمطالبة بإنهاء دور القضاء الأوروبي في حل نزاعات ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشأن أيرلندا الشمالية، مستبعدة أي تليين في موقفها حول نقطة الخلاف مع بروكسل.
وتريد المملكة المتحدة التوصل إلى إنشاء هيئة تحكيم دولية لإنفاذ قوانين السوق الموحدة في أيرلندا الشمالية، بدلاً من محكمة العدل الأوروبية.
وأضافت الصحيفة أنه “لطالما جعل وزير البريكست البريطاني محكمة العدل الأوربية، خطاً أحمر، لذا يتوقع كثيرون أن تفعيل المادة 16 سيتضمن العديد من الإجراءات ذات الصلة”.
وأوضحت “جارديان” أن فروست لا يملك القول الفصل في تفعيل المادة 16، إذ يعود القرار كلياً إلى رئيس الوزراء بوريس جونسون، فيما قال مصدر في الحكومة البريطانية لـ “جارديان” إن الخلاف حول الصيد مع فرنسا “جعل التركيز ينصب على التأثير على المستهلكين”، بعد أن هددت فرنسا بتفتيش جميع الشاحنات المتجهة إلى كاليه، وموانئ أخرى.
وفي حال قررت فرنسا وأيرلندا ودول “البنلوكس”، التي تضم بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ، إيقاف جميع الشاحنات لإتمام عمليات التفتيش المرتبطة بـ”بريكست”، فإن هذا سيعطل بشدة سلاسل التوريد التي كان مقرراً وصولها قبل عيد الميلاد، ما قد يكون وقعه ثقيلاً على كاهل رئيس الوزراء البريطاني.