مخاوف ليبية من الدور الذي تلعبه البعثة الأممية في البلاد
إصرار بعثة الأمم المتحدة في ليبيا على فتح باب التفاوض حول القاعدة الدستورية قبل الانتهاء الأزمة بين الحكومة المنتهية الولاية والحكومة المكلفة من مجلس النواب، أثار مخاوف الليبيين من إطالة أزمة بلادهم ودخولها مرحلة انتقالية جديدة.
وقد أجرت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي، ستيفاني ويليامز، ما وصفته بـ”النقاش المميز” مع مرشحين لرئاسة البلاد، حول مبادرة اللجنة المشتركة التي تيسرها الأمم المتحدة بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة، للتوافق على قاعدة دستورية تمهد للانتخابات.
وقالت على حسابها بموقع “تويتر”، إن المشاركين “طرحوا مبادرة أخرى في حال عدم نجاح مباحثات المجلسين”، غير أنها لم تشر لتفاصيل هذه المبادرة، ولم تذكر أسماء المرشحين.
لكن من خلال الصور التي نشرتها، ظهر 4 أشخاص هم أكرم الفكحال، وليلي بن خليفة، وزايد الخطابي، وجمعة محمد بوعوينة، وهم من المغمورين في قوائم المرشحين التي وصلت للمئات.
وأعلن المجلس الرئاسي، برئاسة محمد المنفي، في بيان دعمه لمبادرة المستشارة الأممية، قائلا إنه “لن يسمح بالعودة للانقسام المؤسسي والصدام المسلح”، معتبرا أن “المشكلة سياسية أكثر منها قانونية”.
إطالة الأزمة
ويرى المحلل السياسي، سلطان بن محمود، أن “عدم وضوح الرؤية لدى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشأن ليبيا يزيد حدة الأزمة”، معتبرا أن مناقشات وليامز والسفراء الأجانب “تختلف مع ما يأمله الليبيون، وأن الموقف الدولي لا يلتقي إطلاقا مع أي حل ليبي ليبي”.
وضرب بن محمود مثالاً بالقول: إن “ضغوطا تُمارس على مجلس النواب للرضوخ للتحفظات الأجنبية بشأن الحكومة الجديدة، وألا يساعدها على ممارسة مهامها من طرابلس، بحجة إعطاء فرصة للعودة للمفاوضات والوصول لخريطة طريق جديدة”.
وتوقع أن “الهدف هو إيجاد سلطة لينة تحت إدارة دول ومنظمات دولية، خاصة أن دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، تتبنى رأي التيارات المتشددة، على رأسها خالد المشري، رئيس ما يعرف بمجلس الدولة، الذي يصر على ألا تخرج قاعدة دستورية إلا بالتوافق مع مجلسه الذي جاء بمقترحات دولية (اتفاق الصخيرات 2015)، ولم يوافق على أية نقطة أقرها البرلمان؛ مما يعني أن اشتراط التوافق هدفه إضاعة الوقت، وحين يحل موعد الانتخابات يصعب إجراؤها، فنضطر لقبول حكومة مؤقتة جديدة، وهكذا”.
ويوافق المتخصص في الشؤون الدولية، سليمان الهادي، هذا الرأي، مشيرا إلى أن “بعض العواصم تسير في اتجاه العودة للمفاوضات بين شخصيات تختارها الأمم المتحدة بعيدا عن إرادة الليبيين، وغرض المفاوضات أحد أمرين، الأول الوصول لاتفاق يفرز حكومة للفصائل المسلحة في غرب ليبيا حصة واضحة فيها، والثاني، العودة لمناقشات بشأن خارطة طريق جديدة”.
عراقيل
ووصف الهادي، “هذه التوجهات بأنها “عراقيل”، معتبرا أنها “تهدف لاستمرار الأزمة بما يسمح بتدخل أجنبي في صياغة الدستور قبل الانتخابات، وهو ما يتفق مع طموح تيار الإسلام السياسي”.
من جانبه، أعلن رئيس الحكومة المنتهية الولاية الرافض لتسليم السلطة، عبد الحميد الدبيبة، أمام مجلس الوزراء السابق، الأحد، أنه وجه بتشكيل “لجنة وطنية موسعة، تقود حوارا وطنيا حول قانون الانتخابات والقاعدة الدستورية”.
وفي موقف مغاير، قال المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب، فتحي المريمي، إن “انتهاء حكومة الدبيبة مسألة وقت، حتى دون تسليم مهامها إلى حكومة فتحي باشاغا”.
ولفت المريمي إلى أن “عددا كبيرا من وزراء حكومة الدبيبة ووكلاء الوزارات استقالوا، في اعتراف منهم بحكومة باشأغا”.
ولم يلتق حتى الآن باشاغا والدبيبة، رغم ما أعلنته وليامز حول التجهيز للقاء، وتأكيدها أن الأمم المتحدة “لا تميل لأحد الجانبين”.