مسؤولة أمريكية تستقيل من منصبها بسبب دعم بلادها لإسرائيل
أنيل شيلين تتهم إدارة بايدن بدعم جرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة
قررت أنيل شيلين، مسؤولة الشؤون الخارجية بمكتب شؤون الشرق الأدنى للديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية الأميركية، الاستقالة من منصبها احتجاجاً على سياسة الإدارة الأميركية تجاه حرب غزة.
وقالت شيلين في مقال رأي نشرته شبكة CNN، الأربعاء، إن الولايات المتحدة تلاشت مصداقيتها عبر موقفها من الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، من خلال استخدام تل أبيب للأسلحة الأميركية في الحرب، بالإضافة إلى إصرارها على اجتياح مدينة رفح التي تأوي نحو 1.5 مليون شخص، والنهج الإسرائيلي في تجويع أكثر من مليوني شخص داخل القطاع.
وأضافت شيلين، الحاصلة على درجة الدكتوراه، والتي عملت لمدة عام في منصبها داخل وزارة الخارجية، أن تل أبيب استخدمت قنابل أميركية قتلت أكثر من 32 ألف فلسطيني، بينهم 13 ألف طفل، إلى جانب عدد لا يحصى من المفقودين تحت الأنقاض، وفقاً لوزارة الصحة في قطاع غزة.
كما اتهمت إسرائيل بتجويع مليوني شخص لا يزالون داخل القطاع “عن عمد”، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة المعنية بالغذاء، محذّرةً الجمعيات والمنظمات الخيرية أنه في حال التراجع عن تقديم المساعدات، سينضم مئات الآلاف إلى الضحايا “قريباً”.
وأوضحت شيلين أنه “بعد كل ذلك (التجويع والقصف المستمر)، إسرائيل لا تزال تخطط لاجتياح مدينة رفح، حيث نزح غالبية سكان القطاع، رغم التحذيرات الأممية التي تشير إلى أنه في حال اجتياح تل أبيب للمدينة في جنوب القطاع، ستقع مذبحة تفوق الخيال”.
وأشارت إلى أنه “في الضفة الغربية، قتل مستوطنون مسلحون وجنود إسرائيليون، العديد من الفلسطينيين، بينهم مواطنون أميركيون”.
دعم جرائم الإبادة
وذكرت أن “كل هذه الأفعال التي شهد خبراء بأنها ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية، تتم بدعم دبلوماسي وعسكري من حكومة الولايات المتحدة”.
وكتبت شيلين في مقالها: “خلال العام الماضي، عملتُ في المكتب المكرّس لتعزيز حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، وأؤمن إيماناً قوياً بهذه المهمة.. ومع ذلك، كممثلة لحكومة تُمكّن على نحو مباشر ما قالت محكمة العدل الدولية إنه يمكن أن يكون إبادة جماعية في غزة، أصبح مثل هذا العمل شبه مستحيل، ًونظراً لعدم قدرتي على خدمة إدارة تُمكّن من مثل هذه الفظائع، فقد قررت الاستقالة من منصبي في وزارة الخارجية”.
وأضافت: “لقد تلاشت تقريباً كل مصداقية كانت لدى الولايات المتحدة كمدافعة عن حقوق الإنسان منذ بدء الحرب”.
وأوضحت أن “أبرز مهام المكتب (الذي تعمل به)، كانت دعم الصحافيين في الشرق الأوسط، ومع ذلك، عندما سألتني منظمات غير حكومية عما إذا كان بإمكان واشنطن المساعدة عندما يتم احتجاز الصحافيين الفلسطينيين أو قتلهم في غزة، شعرت بخيبة أمل، لأن حكومتي لم تفعل المزيد لحمايتهم”.
وأشارت إلى أن “أكثر من 90 صحافياً فلسطينياً قتلوا خلال 5 أشهر من هذه الحرب، وفقاً للجنة حماية الصحافيين، وهذا أكبر عدد يتم تسجيله في أي نزاع منذ أن بدأت اللجنة بجمع البيانات عام 1992”.
وتابعت شيلين: “استقالتي العلنية، قد تمنعني من العمل في وزارة الخارجية مستقبلاً، ولأن الوقت الذي قضيته في الوزارة كان قصيراً جداً، ولم أكن أعتقد أنني مهمة بما يكفي لإعلان استقالتي علناً لإحداث تغيير. ومع ذلك، عندما بدأت أخبر زملائي بقرار الاستقالة، كان الرد الذي سمعته بشكل متكرر، يرجى التحدث نيابة عنا”.
شرعية نقل الأسلحة الأميركية
وانتقدت شيلين في مقالها تجاوز إدارة الرئيس جو بايدن للكونغرس في تقديم آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل والأسلحة ومساعدات قاتلة أخرى إلى إسرائيل، مشيرة إلى أن الأميركيين يشعرون بالاستياء من تجاهل الإدارة المعلن للقوانين الأميركية التي تمنع تقديم المساعدة للجيوش الأجنبية التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو التي تقيد تقديم المساعدة الإنسانية.
وتنص سياسة إدارة الرئيس جو بايدن نفسها على أن “شرعية نقل الأسلحة الأميركية والدعم العام لها، تعتمد على حماية المدنيين من الأذى، وتميز الولايات المتحدة نفسها عن الدول الأخرى المصدرة للأسلحة عبر هذا الشرط”. الأمر الذي أكدت شيلين أنه يتناقض على نحو مباشر مع تصرفات بايدن.
وأشارت إلى أن بايدن نفسه يعترف بشكل غير مباشر بأن إسرائيل لا تحمي المدنيين الفلسطينيين من الأذى، وأن إدارته أصدرت تحت ضغط من بعض الديمقراطيين في الكونغرس، سياسة جديدة لضمان أن عمليات نقل الأسلحة لجهات خارجية لا تنتهك القوانين المحلية والدولية ذات الصلة.
ولفتت شيلين في مقالها، إلى أن “وزارة الخارجية زعمت أخيراً، أن إسرائيل تمتثل للقانون الدولي في إدارة الحرب، وتقديم المساعدة الإنسانية، ولكن على أرض الواقع تمنع تل أبيب دخول المساعدات الإنسانية، وتضطر الولايات المتحدة إلى إسقاط الطعام جواً على سكان غزة الذين يتضورون جوعاً، هذه الأفعال تسخر من ادعاءات الإدارة بأنها تهتم بالقانون أو بمصير الفلسطينيين الأبرياء”.
وأشارت إلى أن “بعض الأشخاص يقولون إن الولايات المتحدة تفتقر إلى التأثير في إسرائيل، ومع ذلك، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك، قال في نوفمبر الماضي، إن صواريخ إسرائيل وقنابلها وطائراتها تأتي كلها من واشنطن، وفي اللحظة التي يغلقون فيها الصنبور، لا يمكننا مواصلة القتال”.
من أجل حياة مليوني فلسطيني
وأضافت شيلين أن إسرائيل تفكر حتى الآن في غزو لبنان، ما يهدد بخطر متزايد بنشوب صراع إقليمي من شأنه أن يكون “كارثياً”.
وأوضحت أن واشنطن سعت إلى منع هذه النتيجة، ولكنها لا تبدي أي رغبة في حجب الأسلحة الهجومية عن إسرائيل من أجل فرض قدر أكبر من ضبط النفس هناك، أو في غزة. ومن ثم فإن دعم بايدن للحكومة اليمينية المتطرفة في تل أبيب يخاطر بإشعال حرب أوسع في المنطقة، ما قد يعرض القوات الأميركية للخطر، وفق تعبيرها.
وتابعت: “يشعر الكثير من زملائي بالخيانة، أكتب لنفسي ولكني أتحدث باسم كثيرين آخرين، بما في ذلك الفيدراليون المتحدون من أجل السلام (مجموعة تحشد من أجل وقف دائم لإطلاق النار في غزة تمثل الموظفين الفيدراليين بصفتهم الشخصية في أنحاء البلاد، وعبر 30 وكالة ووزارة اتحادية)”.
وأضافت شيلين: “بعد 4 سنوات من سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب التي شلت الوزارة، تبنى الموظفون تعهُد بايدن بإعادة بناء الدبلوماسية الأميركية.. بالنسبة للبعض، بدا الأمر وكأن دعم واشنطن لأوكرانيا ضد الغزو الروسي يعيد تأسيس زعامة أميركا الأخلاقية، ومع ذلك، تواصل الإدارة تمكين الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وتدمير غزة”.
وأشارت إلى أن منشور جندي سلاح الجو الأميركي، آرون بوشنيل (25 عاماً)، والذي أضرم النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن في 25 فبراير، يطاردها، حين قال: “يحب الكثير منا أن يسأل نفسه، ماذا سأفعل لو كنت على قيد الحياة أثناء العبودية؟ أو الفصل العنصري؟ ماذا سأفعل إذا كان بلدي يرتكب إبادة جماعية؟ الجواب هو، أن تفعل ذلك في الوقت الحالي”.
واختتمت شيلين مقالها قائلة: “لم يعد بإمكاني مواصلة ما كنت أفعله. آمل أن تساهم استقالتي في الجهود العديدة لدفع الإدارة إلى سحب دعمها للحرب الإسرائيلية، من أجل مليوني فلسطيني تتعرض حياتهم للخطر، ومن أجل مكانة أميركا الأخلاقية في العالم”.