مسؤولون أمريكيون يتهمون إدارة بايدن بتشجيع المتطرفين في إسرائيل
الإدارة الأميركية متواطئة في قتل وتجويع السكان الفلسطينيين
وجه 12 مسؤولاً حكومياً أميركياً سابقاً، استقالوا احتجاجاً على الدعم الأميركي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، اتهامات لإدارة الرئيس جو بايدن “بتشجيع المتطرفين في إسرائيل وبالتواطؤ الذي لا يمكن إنكاره” في قتل الفلسطينيين بالقطاع.
وحذر المسؤولون السابقون في بيان مشترك، من أن هذه السياسات تهدد الأمن القومي الأميركي وتتعارض مع القيم الإنسانية والدولية.
وقالوا في البيان، إن إدارة بايدن تنتهك القوانين الأميركية من خلال دعمها لإسرائيل وإيجاد ثغرات لمواصلة شحن الأسلحة إلى حليفتها.
وأصدر المسؤولون السابقون في الحكومة الأميركية، الثلاثاء، بياناً مشتركاً يشرح أسباب استقالاتهم خلال الأشهر الـ 9 الماضية، احتجاجاً على السياسات الأميركية تجاه الحرب على غزة، والسياسات الأوسع تجاه فلسطين وإسرائيل، مؤكدين أن هذه السياسات تشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي، وتتعارض مع القيم الإنسانية والدولية.
وأشار المسؤولون السابقون الـ 12 الموقعون على البيان، والذين شغلوا مناصب مختلفة في الخدمة المدنية ووزارة الخارجية والقوات المسلحة، إلى أن استقالاتهم جاءت نتيجة مخاوفهم العميقة من فشل السياسة الأميركية في غزة، وتداعياتها السلبية على الأمن والمصالح الأميركية في المنطقة.
وأكدوا أن الإدارة الأميركية وفرت غطاء دبلوماسياً وأسلحة لإسرائيل، مما جعل الولايات المتحدة متواطئة في قتل وتجويع السكان الفلسطينيين المحاصرين في غزة.
ودفع دعم الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة على غزة، منذ 7 أكتوبر، وأودت بحياة نحو 38 ألف فلسطيني، 12 مسؤولاً على الأقل في إدارته إلى الاستقالة، واتهمه بعضهم بغض الطرف عن الفظائع الإسرائيلية في القطاع الفلسطيني.
وتنفي إدارة بايدن ذلك مستشهدة بانتقادها سقوط ضحايا مدنيين في غزة وجهودها لتعزيز المساعدات الإنسانية للقطاع.
شجعت المتطرفين في إسرائيل
ولفت المستقيلون، في البيان، إلى أن هذه السياسة تهدد الأمن القومي الأميركي، كما تهدد حياة جنود ودبلوماسيي الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن ذلك اتضح بالفعل من خلال قتل 3 من أفراد الخدمة الأميركية في الأردن، في يناير، وإخلاء منشآت دبلوماسية في الشرق الأوسط، فضلاً عما يشكله ذلك من خطر أمني على المواطنين الأميركيين في الداخل والخارج.
واشار البيان إلى أن “هذه السياسة الفاشلة لم تحقق أهدافها المعلنة، ولم تجعل الإسرائيليين أكثر أمناً، بل شجعت المتطرفين في إسرائيل، بينما كانت (سياسة) مدمرة للشعب الفلسطيني، وضمان وجوده في حلقة مفرغة من الفقر واليأس، مع كل الآثار المترتبة على ذلك للأجيال القادمة”.
وجاء في البيان أن “السياسة الأميركية أسفرت عن كارثة، أولاً وقبل كل شيء الأزمة الإنسانية الكارثية المتفاقمة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني الذي دفع أخطاء البيروقراطية الأميركية بدم الرجال والنساء والأطفال الأبرياء”.
وأشار الموقعون إلى سقوط آلاف الفلسطينيين و”تدمير غالبة البنية التحتية المدنية والإنسانية، وما زال آلاف الأبرياء يرقدون تحت الأنقاض، فيما يعاني ملايين من مجاعة مدبرة بسبب قيود إسرائيل التعسفية على دخول الطعام والمياه والدواء والسلع الإنسانية الأخرى الحرجة، وبدلاً من أن تعمل الحكومة الأميركية على تحميل إسرائيل المسوؤلية عن كل ذلك، سارعت إلى قطع المعونة عن (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة) الأونروا”.
الأكاذيب على حساب الحقائق
وأدان البيان ما وصفه بـ”النفاق الأميركي” الذي يتبدى في إدانة إدارة بايدن لجرائم الحرب الروسية في أوكرانيا بينما تقوم بتسليح إسرائيل والدفاع عنها دون قيد أو شرط.
وقال الموقعون على البيان إن تجاربهم الفردية والمشتركة “تكشف عن إدارة أعطت الأولوية للسياسة على صنع السياسات العادلة والنزيهة، والربح على حساب الأمن القومي، والأكاذيب على حساب الحقائق، والتوجيهات على النقاش، والأيديولوجية على الخبرة.
وأضافوا أن “تأثير هذه المظالم أدى إلى إزهاق عشرات الآلاف من أرواح الفلسطينيين الأبرياء، مما يعكس صورة واضحة للعالم حول من تعتبر حياته مهمة ومن لا تعتبر حياته كذلك بالنسبة لصانعي السياسة في الولايات المتحدة. وباعتبارنا أعضاء في حكومة الولايات المتحدة، شهد كل منا هذا الإلغاء للقيم الأميركية، مما دفعنا إلى الاستقالة”.
تصحيح السياسات الأميركية
ودعا الموقعون على البيان إلى اتخاذ إجراءات فورية لتصحيح السياسات الأميركية، بما في ذلك تنفيذ القوانين الأميركية، واحترام حقوق الإنسان، واستخدام جميع الوسائل المتاحة لإنهاء الصراع، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وتوسيع المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار غزة، ودعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وإنهاء الاحتلال والمستوطنات، وتعزيز الشفافية والمساءلة داخل الإدارة الأميركية، وحماية حرية التعبير، ومنع التدخل السياسي في الجامعات، والشجاعة الأخلاقية والتحدث علانية لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر عدالة للجميع.
المستقيلون من إدارة بايدن
وتضم قائمة المسؤولين الذين قدموا استقالاتهم من الإدارة الأميركية، مريم حسنين التي كانت تعمل مساعدة خاصة بوزارة الداخلية، ومختصة بالموارد الطبيعية والإرث الثقافي، واستقالت، الثلاثاء، وانتقدت سياسة بايدن الخارجية ووصفتها بأنها “تسمح بالإبادة الجماعية” وتجرد العرب والمسلمين من إنسانيتهم.
وأنهى محمد أبو هاشم، وهو أميركي من أصل فلسطيني، الشهر الماضي، مسيرة مهنية استمرت 22 عاماً في سلاح الجو الأميركي، وقال إنه فقد أقارب له في غزة بسبب الحرب، بينهم عمته التي قتلتها إسرائيل في غارة جوية في أكتوبر الماضي.
وقرر رايلي ليفرمور، الذي كان مهندساً بسلاح الجو الأميركي، ترك منصبه في منتصف يونيو، وقال لموقع “إنترسبت” الإخباري: “لا أريد أن أعمل على شيء يمكن أن يتغير الهدف منه ويستخدم لقتل الأبرياء”.
وغادرت ستايسي جيلبرت، التي عملت في مكتب السكان واللاجئين والهجرة بوزارة الخارجية، منصبها في أواخر مايو، وقالت إنها استقالت بسبب تقرير إلى الكونجرس قالت فيه الإدارة كذباً إن إسرائيل لا تمنع المساعدات الإنسانية عن غزة.
واستقال ألكسندر سميث، وهو متعاقد مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، في أواخر مايو، بعد أن ألغت الوكالة نشر عرض له عن وفيات الأمهات والأطفال بين الفلسطينيين، بدعوى أن العرض لم يخضع للمراجعة والموافقة المناسبة.
“الدعم الأعمى”
وفي مايو، أصبحت ليلي جرينبيرج كول، أول شخصية سياسية يهودية معينة تستقيل، بعد أن عملت مساعدة خاصة لكبير موظفي وزارة الداخلية.
وكتبت في صحيفة الغارديان: “باعتباري يهودية، لا أستطيع أن أؤيد كارثة غزة”.
وتركت آنا ديل كاستيلو، نائب مدير مكتب الإدارة والميزانية بالبيت الأبيض، منصبها في أبريل، وأصبحت أول مسؤولة معروفة في البيت الأبيض تترك الإدارة بسبب السياسة تجاه غزة.
وغادرت هالة راريت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية باللغة العربية، منصبها في أبريل، احتجاجاً على سياسة الولايات المتحدة في غزة، حسبما كتبت على صفحتها على موقع “لينكد إن”.
واستقالت أنيل شيلين، من مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية، في أواخر مارس، وكتبت في مقال نشرته شبكة “CNN” أنها لا تستطيع خدمة حكومة “تسمح بمثل هذه الفظائع”.