مستشار أردوغان يوجه انتقادات لاذعة لمصر
وجه ياسين اقطاي مستشار رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، انتقادات لاذعة لمصر على خلفية تثبيت محكمة مصرية أحكاما بالإعدام غير قابلة للنقض بحق 12 من القادة البارزين في تنظيم الإخونجية، فيما يأتي موقفه في خضم بوادر تقارب مصري تركي على طريق إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد نحو سبع سنوات من القطيعة.
وكتب أقطاي مقالا هاجم فيه بشدة القاهرة متسائلا “إلى أين تمضي مصر؟” علّق فيه على أحكام الإعدام سالفة الذكر، مستحضرا في الوقت ذاته تعبيرا دأبت الرئاسة التركية على استخدامه خلال السنوات الماضية في حديثها عن عزل الجيش المصري في العام 2013 الرئيس محمد مرسي المنتمي لتنظيم الإخونجية بوصفه بـ”الانقلاب العسكري”.
أبرز الملفات الخلافية
ويعتبر ملف تنظيم الإخونجية أحد أبرز الملفات الخلافية بين القاهرة وأنقرة وهو الملف الذي يثقل حتى الآن على جهود إعادة تطبيع العلاقات على الرغم من أن تركيا وجهت في الفترة الماضية وسائل إعلام مصرية معارضة مقرها إسطنبول بعضها تابع للإخونجية، بالتوقف عن بث برامج مسيئة لمصر ونظامها.
واستهل مستشار أردوغان في مقاله بـ “محكمة مصرية تصادق على قرار صدر مسبقا بإعدام 12 شخصا بينهم وزراء في الحكومة المنتخبة التي أطاح بها الانقلاب، فضلا عن شخصيات في حزب تلك الحكومة. من بين هؤلاء الـ12 شخصا، وزير الشباب والرياضة السابق أسامة ياسين والبروفسور د. عبدالرحمن البر وصفوت حجازي، إلى جانب محمد البلتاجي الأمين العام لحزب الحرية والعدالة (المنحل)، وهو والد الفتاة الشهيدة أسماء البلتاجي التي سقطت شهيدة برصاص القناصة في ميدان رابعة العدوية”.
وكانت تركيا قد أدانت بشدة فض اعتصام رابعة واتهمت النظام المصري الذي تصفه بـ”الانقلابي” بقتل المحتجين، فيما جاء الموقف التركي في ذروة أزمة في العلاقات بين البلدين.
وتوفر أنقرة ملاذا آمنا لقادة من الإخونجية فارين من أحكام قضائية ووفرت كذلك غطاء لمنصات إعلامية مرئية تبث من إسطنبول بعضها تابع للإخونجية ومناهضة لحكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ميدان رابعة العدوية
وعرض أقطاي لأحداث ميدان رابعة العدوية، حيث قامت قوات الأمن المصرية بإزالة خيم الاعتصام، لكن رافق عملية فض الاعتصام بالقوة موجة عنف اتهمت فيه السلطات المصرية أنصار الإخوان باستخدام السلاح، بينما حملت فيه جماعة الإخونجية وتركيا القوات المصرية المسؤولية عن مقتل المئات.
وقال المسؤول التركي وهو يعرض لتلك الأحداث نقلا عن بعض الأشخاص لم يسمهم “الرصاص الذي استهدف أسماء كان يبحث عن البلتاجي ويستهدفه بشكل مباشر عبر ابنته. وفي اليوم الذي قُتلت فيه أسماء قُتل أكثر من ألف إنسان بأقسى الطرق وحشية، بينما أصيب الآلاف أيضا”.
وأشار إلى أن “كل ذلك كان يحدث على مرأى ومسمع من العالم. كان بإمكان الجميع أن يتابع ويشهد على ذلك بشكل حي مباشر، حيث كانت العديد من القنوات التلفزيونية حول العالم تعرض مشاهد الاقتحام على الهواء مباشرة”.
وعاد أقطاي ليعلق على تثبيت أحكام الإعدام بحق الـ12 قياديا إخونجياً بالقول “إصدار قرار الإعدام بشكل جماعي بحق مئات الأشخاص لا يمكن تخيّله فضلا عن الإقرار به ولا يمكن أن يصدر كأي قرار عادي عن محكمة شفافة عادلة، مهما كانت مزاعم الاتهام مقنعة”.
وتابع متحدثا بلهجة الخصم اللدود لمصر تماما كما كان الحال قبل الخطوات الأخيرة التي قطعتها تركيا لجهة المصالحة مع القاهرة، أنه “لا يمكن وصف هؤلاء الذين يحاكمون بالإعدام على أنهم جناة أو مجرمون، بل هم مجرد ضحايا العنف الذي فُرض عليهم. لا يمكن أن يكون هناك إنصاف على الإطلاق في قيام الانقلابيين بشنّ انقلاب دموي وفوق ذلك بإعدام من تبقى بشكل جماعي”.
ومن المتوقع أن تثير تصريحات أقطاي وهي في كل الحالات تمثل موقفا رسميا حتى لو وردت على شكل مقال رأي ربما تقول أنقرة لاحقا إنه موقف يمثل صاحبه، غضب القيادة المصرية التي سبق أن أكدت أن إعادة تطبيع العلاقات مع تركيا يبقى رهين ما ستبديه أنقرة من مواقف وأفعال لا أقوال.
توقيت تصريحات أقطاي
وتأتي تصريحات مستشار أردوغان بعد أيام قليلة من إعلان وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو، عن احتمال تبادل قريب للسفراء بين أنقرة والقاهرة وتحسن العلاقات وهو ما علق عليه نظيره المصري سامح شكري بالقول إنها “تصريحات مقدرة”.
وقدم أقطاي تشخيصا للوضع في مصر أو توقعات هي أقرب في معناها ومضمونها وتوقيتها، للتحريض منها للتشخيص، مشيرا إلى أن “مصر معرضة لخطر الجفاف الشديد وبالتالي للمجاعة بسبب ملء سد النهضة”
وتابع “من المرجح جدّا أن يؤدي هذا الجفاف ومن بعده المجاعة إلى حالة انفجار اجتماعي بعيدا حتى عن الانفجارات السياسية. وحتى لا يعثر هذا الانفجار الاجتماعي على قائد أو زعيم سياسي ما، بدأت قرارات الإعدام من الآن كإجراء احترازي يهدف لردع الكيانات السياسية الموجودة ومواجهة أي تحرك اجتماعي محتمل”.
ولم يتضح بعد موقف القاهرة من تصريحات أقطاي، لكن هذا التصعيد ربما يعيد جهود تطبيع العلاقات إلى المربع الصفر، بينما تكابد تركيا لتصحيح مسار علاقاتها الخارجية مع مصر ودول الخليج بعد سنوات من التوتر والقطيعة.