مشهد أسير إسرائيلي مفرج عنه يقبل رأس مقاتل فلسطيني يشعل وسائط التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام

في مشهد أشعل وسائط التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام العبرية والعالمية، قَبَّلَ أسير إسرائيلي مفرج عنه، اليوم السبت، رأس مقاتلين من “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة حماس.

وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن ذلك جاء في أثناء مراسم تسليمه لطاقم الصليب الأحمر الدولي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وفي موقع تسليم ثلاثة أسرى إسرائيليين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وضعت كتائب القسام لافتة على المنصة الرئيسية للتسليم كتبت عليها باللغات الثلاث، العربية والعبرية والإنكليزية: “الأرض تعرف أهلها.. مِن الأغراب مزدوجي الجنسية”.

على يسار هذه اللافتة صورة لشجرة تظهر جذورها في الأرض وفي منتصفها يلتف العلم الفلسطيني. وشهد الموقع انتشاراً مكثفاً لعناصر “القسام”، من بينهم وُثِّق وجود اثنين أصيبا خلال حرب الإبادة الجماعية، الأول بُتر جزء من ساقه، فيما يقف مستنداً إلى عكازين، والثاني أصيب بعينه حيث يضع لاصقاً طبياً عليها.

وجاء ذلك في إطار ترتيبات تسليم الدفعة السابعة من صفقة التبادل المكونة من ستة أسرى إسرائيليين أحياء، بينهم اثنان أُسرا عام 2014، وذلك في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.

مليون إسرائيلي يحملون جنسيات أجنبية

وخلال عملية “طوفان الأقصى”، أسرت “القسام” عدداً من الإسرائيليين الذين يحملون جنسيات مزدوجة، دون معرفة عددهم.

هؤلاء الإسرائيليون الذين أُسروا مثلوا نموذجاً أو عيّنة للمجتمع الإسرائيلي الذي يحتفظ عدد كبير من مواطنيه بجنسيات أخرى إلى جانب الإسرائيلية. وبحسب تقديرات إسرائيلية نشرت العام الماضي، هناك أكثر من مليون إسرائيلي يحملون جنسيات أجنبية، معظمهم من المواطنين الأوروبيين أو الأميركيين.

وكان موقع “ماكور ريشون” العبري قد نقل عن أيالون كاسيف، الرئيس التنفيذي لشركة كامبوس باس، وهي شركة تساعد في الحصول على الجنسية الأوروبية قوله: “أكثر من نصف مليون إسرائيلي يحملون حالياً جنسية أوروبية مزدوجة بالإضافة إلى الجنسية الإسرائيلية”.

وأضاف: “يمتلك أكثر من مليون إسرائيلي جواز سفر أجنبياً، وإلى جانب نصف المليون إسرائيلي الذين يحملون الجنسية الأوروبية، هناك نحو نصف مليون إسرائيلي آخرين يحملون جنسيات أجنبية إضافية، نصفهم أميركيون”.

رسالة “القسام”

وترتبط هذه الرسالة بجوهر الصراع بين الفلسطينيين والصهيونية والأحقية في الأرض الفلسطينية.

وتعد رسالة “القسام” حلقة في سلسلة الرواية الفلسطينية التي ترى أن المجتمع الإسرائيلي “مخترع” ويفتقر إلى الأصالة والهوية القومية الراسخة، فيما يتكون من مجموعات وشرائح جُلبَت من جنسيات متعددة كي تشكل بصورة غير طبيعية مجتمعاً جديداً بهوية جديدة على الأرض الفلسطينية.

كذلك تهدف هذه الرسالة إلى دحض الرواية الصهيونية التي قدمت الإسرائيليين “يهوداً عادوا إلى أرض الميعاد (فلسطين)”، لكن مع أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وأسر عدد من الإسرائيليين مزدوجي الجنسية، قُدِّم هؤلاء للعالم على أنهم مواطنون روس وأميركيون وبريطانيون وغيرهم من الجنسيات.

في المقابل، يرفض الفلسطينيون خطط التهجير من أرضهم والتخلي عن هويتهم الفلسطينية الوحيدة، فيما يؤكدون حقهم في إقامة الدولة المستقلة وتقرير المصير، رغم أن المأساة التي تعرضوا لها مضاعفة بمئات المرات مقارنة بما واجهه الإسرائيليون.

ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.

“نستطيع أن نغير مجرى التاريخ”

إلى ذلك، تصدرت صورة القائد العام السابق لـ”كتائب القسام” الشهيد محمد الضيف مرفقة بعبارته الشهيرة “نستطيع أن نغير مجرى التاريخ”، إضافة إلى أسلحة إسرائيلية منكسة، منصة تسليم الأسرى الإسرائيليين بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

ورفعت القسام صورة الضيف وعبارته التي أعلنها خلال بداية “طوفان الأقصى”، إلى يمين المنصة الرئيسية التي سُلِّم عليها محتجزان إسرائيليان في رفح، أحدهما أُسر عام 2014.

وتحدث الضيف بتلك العبارة خلال لقطات بثتها قناة الجزيرة القطرية في برنامج “ما خفي أعظم”، حيث قال وهو يقف مع عسكريين آخرين أمام خريطة كبيرة لقطاع غزة والمستوطنات الإسرائيلية بمحيطه: “ممكن أن نتقدم، ويكون في نوع من المبادرة، بحيث نستطيع أن نغير في مجرى التاريخ كله”.

جاء ذلك خلال وضع الضيف اللمسات الأخيرة على تنفيذ خطة “طوفان الأقصى” قبل أيام من انطلاقها، وفق ما أفاد به مقدم البرنامج تامر المسحال. بينما حملت اللافتة الرئيسية التي رفعت على المنصة عبارة “نحن الطوفان.. نحن البأس الشديد”.

هذه اللافتة حملت صوراً أيضاً لموقع كرم أبو سالم العسكري حيث أُسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط منه بعملية أطلقت عليها اسم “الوهم المتبدد” عام 2006، بجانبه صورة للأسير الإسرائيلي هدار غولدن الذي أسرته “القسام” في حرب صيف 2014.

“وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق”

وفي أسفل المنصة، وضعت القسام لافتة كتب عليها “وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق”، وهي من قصيدة للشاعر المصري أحمد شوقي، كان قد ظهر رئيس المكتب السياسي السابق للحركة الشهيد يحيى السنوار وهو يرددها في برنامج “ما خفي أعظم” أيضاً، مرفقة بصور لعمليات نفذتها فصائل فلسطينية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.

واستعرضت “القسام” أيضاً أسلحة إسرائيلية اغتنمتها خلال عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، حيث جعلت فوهاتها للأسفل، وكأنها رسالة لإسرائيل بتنكيس أسلحتهم، والأسيران هما تال شوهام الذي قال متحدث من كتائب القسام، عند تلاوته قرار الإفراج عنهما من على منصة التسليم بمدينة رفح، إنه يعمل ضمن وحدة العمليات في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، والثاني أفيرا منغستو الذي احتُجِز عام 2014 في ظروف غامضة.

وفي موقعي تسليم الأسرى الإسرائيليين برفح والنصيرات، انتشرت عناصر “القسام” ضمن إجراءات عملية التسليم. وبهذا الخصوص، قالت صحيفة معاريف العبرية: “لأول مرة منذ بدء الاتفاق سيُطلَق سراح الأسرى، في رفح والنصيرات”.

وأضافت: “على مسرح إطلاق سراح الأسرى في رفح، وفي تحدٍّ، عُرضَت أسلحة استولت عليها حماس من بلدات بمحيط غزة، بما في ذلك أسلحة تابعة لقوات حماية تلك البلدات”، على حد تعبيرها.

والجمعة، أعلنت “القسام” أسماء الأسرى الإسرائيليين الستة الذين ستفرج عنهم السبت ضمن الدفعة السابعة، وهم إيليا كوهن، وعمر شيم توف، وعومر فنكرت، وتال شوهام، وأفيرا منغستو، وهشام السيد.

ومن المقرر أن تفرج إسرائيل عن 620 فلسطينياً بينهم 50 من ذوي أحكام المؤبدات، و60 من ذوي الأحكام العالية، و47 من أسرى صفقة وفاء الأحرار عام 2011 المعاد اعتقالهم، و445 أسيراً من غزة اعتُقِلوا بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى يشمل 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوماً، على أن يجري التفاوض في الأولى لبدء الثانية.

وفي المرحلة الأولى من الاتفاق تنص البنود على الإفراج تدريجياً عن 33 إسرائيلياً أسيرا في غزة، سواء الأحياء، أو جثامين الأموات، مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين والعرب يُقدر بين 1700 و2000.

وارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025 مدعومة أمريكياً، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى