مصير التحالف الإخونجي في البرلمان التونسي بعد توقيف القروي
السياسيون والمراقبون يتحدثون عن مستقبل التحالفات
الخميس الماضي، أوقف القضاء التونسي نبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس ورجل الأعمال والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي، في ملف غسيل أموال وتهرب ضريبي، حسب ما أفاد به الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية محسن الدالي.
القرار القضائي بإيقاف رئيس حزب “قلب تونس”، نبيل القروي، هزّ التحالف البرلماني الإخونجي الداعم للحكومة التونسية ويطرح التساؤلات ما إذا كانت حركة النهضة الإخونجية يمكن أن تستمر في التحالف مع الحزب أم أنها ستدفع باتجاه تحالف جديد لتلافي الإحراج الذي سببه إيقاف القروي في قضية فساد.
وكان القروي قد سراحه مطلع أكتوبر 2019 قبل أيام قليلة من انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية.
وأسس القروي حزب “قلب تونس” الليبرالي، الذي حلّ ثانيا في الانتخابات النيابية عام 2019 وجمع 38 مقعدا من أصل 217. لكن إثر استقالة بعض نواب الحزب، بات يملك حاليا ثلاثين مقعدا في البرلمان.
ولا يستبعد مراقبون محليون أن يؤثر هذا الإيقاف على مصير “قلب تونس” الذي عاش أزمة حادة بسبب غياب رئيسه. لكن صادق جبنون، الناطق باسم الحزب، قال إن “قلب تونس” يواصل مسيرته السياسية، مستبعدا أن يؤثر غياب القروي على أداء الحزب وتماسكه.
وأضاف جبنون في تصريحات صحافية أن “قلب تونس لديه ثقة في القضاء التونسي وفي براءة رئيسه”.
وأظهر إيقاف القروي أن القضاء التونسي بدأ يتعافى من التأثيرات السياسية على عمله، وأن نجاحه في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة بعد الإضراب الذي استمر لأسابيع لا يعني التستر على أنشطة الأحزاب المشاركة فيها.
واعتبر صحبي بن فرج، الناشط السياسي والنائب السابق في البرلمان، أن إيقاف القروي سيؤثر على كتلة حزبه في البرلمان، رغم أن أعضاء الكتلة يقولون إنهم متماسكون.
وتوقع أن تضعف كتلة “قلب تونس” ويتراجع موقعها في الحزام السياسي، والأمر نفسه بالنسبة إلى الترويكا الحاكمة، وقال “من المنطقي أن يضعف حزام الحكومة وتتغير التحالفات والخارطة ككل”.
وأشار بن فرج إلى أن هذا “الوضع سيدفع النهضة إلى إعادة حساباتها”، في إشارة إلى البحث عن تحالفات جديدة.
وفيما يتفق المراقبون على أن إيقاف القروي سيضعف “قلب تونس” ويهز التحالف الحكومي، تعتبر المعارضة أن النهضة الإخونجية حين تحالفت مع القروي كانت تعرف وضعه القانوني والشكوك التي تحيط به في ملفات الفساد، لكنها تحالفت معه لاعتبارات تتعلق بالتحكم في الحكومة والسيطرة على أدائها.
وقال عربي الجلاصي من التيار الديمقراطي في تصريح صحافي إن “حركة النهضة أطاحت بالحكومة السابقة التي كان يرأسها إلياس الفخفاخ بحجة الفساد لأنها فشلت في السيطرة عليها، لكنها تكتمت على وضع القروي وتحالفت معه للحفاظ على مصالحها السياسية”.
وشهدت تونس خلال الأشهر الأخيرة جدلا كبيرا بشأن مصير حكومة الفخفاخ، وفيما تقول النهضة الإخونجية إن السبب هو شبهة الفساد، يقول خصومها إن السبب هو اقتراب الحكومة من الرئيس قيس سعيد وتشكل “حزام ثوري” مقرب منه بدأ بفتح ملفات الفساد على نطاق واسع.
ويستبعد متابعون للشأن التونسي أن تكون وراء قضية القروي أياد سياسية، مشيرين إلى أنها قضية قانونية تمت إثارتها قبل نتائج انتخابات 2019 وقبل وصوله إلى الدور الثاني ومنافسة الرئيس قيس سعيد في السباق الرئاسي.
وقلل أحمد نجيب الشابي، المعارض السياسي البارز، من التوقعات التي يمكن أن يفرزها إيقاف القروي سواء على حزبه أو على التحالف مع حركة النهضة الإخونجية.
وقال الشابي إن “الحدث هام من حيث تداعياته على تماسك حزب قلب تونس في غياب رئيسه، وكذلك على التحالف الحكومي وربما على الحياة السياسية، لكن هذا كله سابق لأوانه”.
وهو ما أكده عبدالحميد الجلاصي، القيادي المستقيل من النهضة، الذي أشار إلى أنه “من المبكر الحديث عن مستقبل الاستقرار الحكومي، فهذا مرتبط بعدة معطيات من بينها حقيقة الإدانة وحرفية التعامل مع الملف والعلاقة بين رؤوس السلطة”.
ويمكن أن تحقق تداعيات هذا الإيقاف نتائج عكسية على التحالف الحكومي ومصداقيته، وخاصة رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي يسعى لفتح ملفات الفساد حتى لو طالت أحد وزرائه (وزير البيئة)، أو أحد أضلاع تحالفه الحكومي.
ويقول المحلل السياسي فريد العليبي إن الخطوة القضائية بإيقاف القروي ستؤدي إلى خلخلة الترويكا الحاكمة، وسيطال تأثيرها قصر القصبة (مقر حكومة المشيشي) وقصر باردو (رئيس البرلمان راشد الغنوشي). وفي المقابل، يشير العليبي إلى أن هذا سيقوي موقع الرئيس سعيد وحلفائه وخاصة اتحاد الشغل.
الأوبزرفر العربي