مفاوضات متعثرة على الاتفاق التجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي
باريس لن تقبل "باتفاق سيء لا يحترم مصالحها"
حثت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، الشركات على الاستعداد لنهاية الفترة الانتقالية لخروجها من الاتحاد الأوروبي، بينما يواصل كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا مفاوضاتهما للتوصل إلى اتفاق تجاري ينظم العلاقة بينهما بعد خروج بريطانيا.
ولا تزال المفاوضات التي انطلقت قبل أشهر وتعقد حالياً في لندن، متواصلة لكنها لم تحقق تقدماً، في حين أن مصادر أوروبية قالت الثلاثاء، إن الطرفين كثفا مفاوضتهما بهدف إنهائها قبل الخميس.
إلا أن التنازلات التي يبحث فيها المفاوضون قد تثير توترات بين الدول الأعضاء في الاتحاد، قبل شهر فقط من الموعد النهائي.
ومع نهاية الفترة الانتقالية، تتوقف بريطانيا عن تطبيق القواعد الأوروبية ولا تعود جزءاً من السوق الموحدة.
وأكدت مصادر سياسية، أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين “تريد اتفاقاً”، وأرسلت إلى لندن أحد أقرب معاونيها، الفرنسية ستيفاني ريسو، من أجل “تسريع المفاوضات، ومع تنازلات قد تكون أكثر مما ستقبل به الدول الأعضاء في الاتحاد”.
وحذرت باريس الثلاثاء من أنها لن تقبل “باتفاق سيء لا يحترم مصالحنا”، وفق بيان للإليزيه.
وأشار مصدر أوروبي آخر إلى “تزايد استياء الدول الأعضاء من فكرة أن فون دير لايين تفعل كل شيء للتوصل لاتفاق، ويوجد شعور بأن على ذلك أن يتوقف”.
ولم يحصل تقدم يذكر في المفاوضات خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلا أن وتيرتها تسرعت الاثنين وجرى اقتراح تنازلات، وفق مصادر عدة.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية “نعمل بجهد لتخطي الاختلافات وسنواصل التفاوض كل الأسبوع”.
ولا تزال حقوق الصيد تشكّل حجر عثرة رئيسي أمام التوصل إلى اتفاق في الوقت القليل المتبقي. ويعد الاتفاق على قواعد بشأن المعايير المشتركة وأنظمة المساعدة الحكومية أيضًا عائقاً طويل الأمد، إذ يبدو أن كلا الجانبين غير مستعدين لتقديم تنازلات في هذا المجال.
ووسط التعقيدات التي لا تزال تحيط بمصير الاتفاق، حذرت لندن من أن الوقت ينفد مع اقتراب الموعد النهائي، وأنه يتعين على الشركات إنهاء الاستعدادات لتجنب الاضطراب المحتمل مع سريان القواعد الجديدة في الأول من كانون الثاني/ يناير المقبل.
وغادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسمياً في 31 كانون الثاني/ يناير 2020، بعد ما يقارب أربع سنوات من الاستفتاء على العضوية الذي قسم الأمة وعرقل سياساتها.
وبموجب اتفاقية الانفصال المبرمة مع بروكسل، تظل بريطانيا ملزمة بقواعد الاتحاد الأوروبي لبقية هذا العام.
وتوجد تساؤلات كثيرة حول الحياة خارج الاتحاد وبعض القلق، بالنظر إلى المأزق الحالي في المفاوضات التجارية. لكن الحكومة البريطانية متفائلة وتقول إن بريطانيا ستزدهر مهما كانت نتيجة المحادثات.
وقال وزير شؤون مجلس الوزراء مايكل جوف إنه “بغض النظر عن نتيجة مفاوضاتنا مع الاتحاد الأوروبي، هناك تغييرات مضمونة يجب أن تُعدها الشركات في الوقت الحالي”، وأضاف “لا وقت لدينا لنضيعه”.
ويأتي النداء بضرورة الاستعداد بالتزامن مع إطلاق الحكومة مركزاً جديداً لعمليات الحدود يعمل على مدار الساعة بواسطة فريق من المسؤولين الخبراء لمراقبة حدود المملكة المتحدة. وسيعتمد المركز على البرامج التي تجمع معلومات حول تدفق البضائع والركاب في الواقع.
وبحسب الحكومة، ستسمح التكنولوجيا الجديدة للحكومة والشرطة باتخاذ “قرارات سريعة لضمان الحد من أي خلل”.
وربح مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016 بفارق ضئيل بحجة أن مغادرة الاتحاد ستعيد سيطرة بريطانيا على حدودها.
ولكن هناك مخاوف من أن خروج البلاد الوشيك من السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الجمركي بعد ما يقرب من 50 عامًا قد يتسبّب في حدوث فوضى في الموانئ والمراكز اللوجستية.
وقد اشتكت شركات من عدم كفاية الاستعدادات والتخطيط للطوارئ، مع إطلاق اتهامات بأن الوزراء يستخفون بالحجم الهائل للتحدي المقبل.
وفي حال تم الاتفاق ام لم يتم، ستزيد الإجراءات الروتينية لجهة التصاريح الجمركية لتحل محل عمليات نقل البضائع التي لم تكن تخضع لأي إجراء من وإلى الاتحاد الأوروبي.
و يواجه المصطافون البريطانيون والمسافرون من رجال الأعمال أيضاً احتمال حصول طوابير لختم جوازات السفر عند نقاط مراقبة الحدود على جانبي القناة وفي المطارات.
وأقر مكتب جوف المسؤول عن الاستعدادات لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الثلاثاء بأن التغييرات “تعني على الأرجح أنه سيكون هناك اضطراب قصير المدى على الحدود”.
لكن مركز عمليات الحدود الجديد الذي سيحلل التوجهات التاريخية ويصدر التوقعات والتوصيات، كان جزءاً من خطط “لتطوير أكثر حدود العالم فعالية بحلول عام 2025″، على حد تعبير مكتب جوف.
الأوبزرفر العربي