من الذي يتآمر ضد الرئيس التونسي قيس سعيد؟
بخطاب وصف بـ”الحماسي” في محافظة سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر/كانون الأول، حمل الرئيس التونسي قيس سعيد مسؤولية الفشل الاقتصادي والاجتماعي إلى الطبقة السياسية الموجودة حاليا في البلاد.
وقال سعيد في خطابه الأول أمام الجماهير بعد انتخابه رئيسا لتونس في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن “المؤسسات السياسية في تونس لا تعمل ويحملونني المسؤولية”.
وأضاف في كلمته أمام أهالي محافظة سيدي بوزيد التي تبعد نحو 300 كلم عن العاصمة تونس: “آثرت أن أكون بينكم اليوم كما كنت في السابق، وسوف أكون بينكم ما دام هناك قلب ينبض ونفس يتردد”، مشيرا إلى وجود مؤامرة ضده وأن الشعب التونسي سيتصدى لها، دون أن يحدد طبيعة المؤامرة وجهة تنفيذها.
كلمة سعيد الأولى بمناسبة ذكرى 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 (تاريخ إحراق محمد البوعزيزي لنفسه) يرى فيها مراقبون بمثابة الرسائل الخفية ضد حركة النهضة الإخونجية باعتبارها تمثل الجهة السياسية الحاكمة الوحيدة منذ سنة 2011.
ولم يخفِ قيس سعيد مشروعه السياسي الجديد المناقض للنظام السياسي الحالي الذي تحكمه مضامين دستور سنة 2014، مؤكدا أن الحل الأمثل من خلال خطابه هو الانطلاق من “القاعدة إلى القمة” في بناء الدولة التونسية.
هذا العنوان السياسي الجديد لقيس سعيد فسره المستشار الأول لحملته الانتخابية رضا شهاب المكي في تصريحات إعلامية بأن النظام السياسي في تونس لا يستجيب للقدرة على البناء وتطوير الاقتصاد والقضاء على البطالة.
وبين رضا شهاب الملقب في الأوساط السياسية التونسية برضا “لينين” (نسبةً إلى الزعيم الشيوعي الروسي لينين) أن الحل الأمثل لتونس هو إلغاء المنظومة السياسية الحالية التي تقوم على الديمقراطية التمثيلية وتعويضها بالديمقراطية المباشرة.
يقرأ منير الخليفي مدير دائرة الأبحاث السياسية في كلية الحقوق التونسية خطاب قيس سعيد في الجماهير عبارة عن “إعلان حرب سياسية تجاه الطبقة السياسية التي حكمت منذ سنة 2011 وعلى رأسها حركة النهضة الإخونجية”، رغم أنه لم يوضح معالم المشاريع السياسية التي يريد سعيد تنفيذها في تونس.
وبين الخليفي أن حديثه عن مؤامرة تحاك ضده كان القصد بها القصف العشوائي الذي أطلقه مستشار الإخوان السابق أبو يعرب المرزوقي الذي قلل من شأن قيس سعيد وعدّه أداة في يد المخابرات الخارجية.
وقد اتهم الوجه الإخواني أبو يعرب المرزوقي في نصٍ نشره على صفحة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” قيس سعيد بعدم القدرة على إدارة البلاد وأن سياساته مجرد شعارات مشبوهة وتثير القلق.
وتابع أن هذا “القلق” الإخونجي من الهوية السياسية لقيس سعيد يربك المشهد السياسي برمته، خصوصا العلاقة المستقبلية بين أجهزة الدولة في تونس ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة المتمثلة في الحبيب الجملي.
وبين منير الخليفي أن اللقاءات المقتضبة بين الجملي وقيس سعيد تعكس انقطاع جسور التواصل بين حركة النهضة ورئيس الجمهورية، مؤكدا أن الفترة الأخيرة لم تعرف لقاءات مكثفة كما تفرض “البروتوكولات” والمراسيم التونسية بين راشد الغنوشي رئيس البرلمان وقيس سعيد كقائم على رئاسة الجمهورية التونسية، وهذا ما سيجعل العلاقة المقبلة مفتوحة على صراعات مرتقبة.
ويعطي الدستور التونسي لسنة 2014 الصلاحيات الكاملة لرئيس الجمهورية لتحديد طبيعة العلاقات الخارجية ورسم السياسات الدبلوماسية مثلما يقتضيه الباب الدستوري المتعلق بصلاحيات رئاسة الدولة التونسية.
المحامية وعضوة حملة قيس سعيد الرئاسية رملة بن صوف ترى أن الحياة السياسية في الأيام المقبلة لا تبشر بعلاقة جيدة بين الرئيس قيس سعيد والأغلبية البرلمانية، وأكدت أن الكتلة الإخوانية تتوجس من الرصيد الشعبي لقيس سعيد، وهو ما سيطرح صراعا مباشرا بين الطرفين.
وأوضحت أن خطابه في الذكرى التاسعة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية في محافظة سيدي بوزيد هو إنذار للحركة الإسلامية في تونس وتمهيد لصراع سياسي في الصلاحيات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان.
وتابعت أن قيس سعيد يفكر في إنشاء حزب في الأشهر المقبلة قد يكون رهانا جديا وهو يواجه مؤامرة إخوانية لمنعه من ممارسة صلاحياته.
وينص الدستور التونسي على أنه في حال فشل رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي خلال الـ25 يوما المقبلة في تشكيل حكومته، فإن رئيس الجمهورية سيسحب البساط من حركة النهضة ويكون المسؤول الأول عن طرح رئيس جديد للحكومة.