موافقة إسرائيلية أولية على مقترح أمريكي لترسيم الحدود البحرية مع لبنان
نتيناهو يتهم لابيد بالإستسلام ل"حزب الله"
أعلن رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلية يائير لبيد، الأحد، موافقة حكومته “بشكل أولي”، على مسودة مقترح أمريكي لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، في حين اتهم رئيس المعارضة ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، لبيد “بالإستسلام لحزب الله”، مشدداً على أن هذا الاتفاق “غير ملزم” في حال وصوله إلى السلطة في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.
وقال لبيد أمام اجتماع الحكومة الأسبوعي في القدس، إن المسودة “ستصون مصالح إسرائيل الأمنية والتجارية بشكل كامل”، معرباً عن “انفتاحه” على فكرة إنتاج لبنان للغاز الطبيعي من حقل متنازع عليه في البحر المتوسط، حال حصلت إسرائيل على رسوم منه.
وأضاف لبيد عبر تويتر: “عرض الوسيط الآن قيد المراجعة القانونية، بعد الانتهاء من المراجعة، سنطرح القرار، مع وزير الدفاع بيني جانتس ورئيس الوزراء (السابق) نفتالي بينيت، بالتنسيق مع المستشار القانوني للحكومة، لمناقشته والموافقة عليه”.
وتابع: “لا اعتراض من جانبنا على فكرة إنتاج لبنان للغاز من حقل سنحصل منه بالطبع على العائدات التي نستحقها. مثل هذا المخزون سيضعف اعتماد لبنان على إيران ويحد من حزب الله ويجلب الاستقرار الإقليمي للمنطقة”.
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن بلاده “تحاول الوصول إلى هذه الصفقة منذ أكثر من 10 سنوات، سيتم تعزيز أمن الشمال وسيعمل جهاز الحفر في حقل كاريش وينتج الغاز، وستدخل الأموال إلى خزائن الدولة، ما يضمن استقلال الطاقة لدينا، هذه صفقة تعزز الأمن والاقتصاد الإسرائيلي”.
لبيد استسلم لتهديدات حزب الله
من جانبه، علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، الأحد، على موافقة إسرائيل الأولية على المسودة، قائلاً إن “لبيد ليس لديه تفويض لتسليم أراضٍ ذات سيادة لدولة معادية وأصول سيادية تخصنا جميعاً”.
وأضاف في تصريحات أوردتها صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”: “لبيد استسلم لتهديدات حزب الله”، ليرد لبيد في تغريدة مخاطباً نتنياهو: “لمدة 10 سنوات فشلت في محاولة تحقيق هذا الاتفاق”.
وتابع: “على الأقل لا تضر بمصالح إسرائيل الأمنية وتساعد حزب الله برسائل غير مسؤولة”. ويشار إلى أن المناقشات بين إسرائيل ولبنان بدأت برعاية نتنياهو الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك.
وتأتي الموافقة الأولية لإسرائيل، بعدما تسلم الرئيس اللبناني ميشال عون، السبت، مقترحاً خطياً من الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية آموس هوكستاين، نقلته إليه سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا.
المقترح لا يتضمن خرائط
وأوردت الرئاسة اللبنانية عبر تويتر، أن عون “استقبل سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا وتسلم منها رسالة خطية من هوكستاين بشأن الاقتراحات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية”.
من جانبه، قال مصدر رسمي لبناني، إن المقترح الأميركي “يتضمن 10 صفحات مليئة بالأرقام والإحداثيات ولا يتضمن خرائط بل إشارات ونقاط لتحديد الأمكنة”.
وكشف المصدر أن اجتماعاً سيعقد بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي “للبحث في المقترح”، دون تحديد موعد لهذا الاجتماع.
وأفاد المصدر بأنه “إلى جانب الشق التقني والعسكري الذي يحتاج مناقشة مفصلة، هناك جانب سياسي يتعلق بشرح الاتفاق للبنانيين، خصوصاً وأن هناك الكثير من الأصوات السياسية التي يتوقع أن تخرج للمزايدة قبل عقد الاتفاق وللتحدث عن تنازلات، مقابل أطراف أخرى ستتحدث عن إيجابيات”.
وأشار المصدر إلى أن الجانب الأميركي “طلب رداً سريعاً، تمهيداً لتسريع إنجاز الاتفاق”.
ورداً على سؤال بشأن مضمون الرسالة، اكتفى مصدر في الرئاسة بالقول لوكالة “فرانس برس” إنها “تتضمن عرضاً للمفاوضات التي جرت مع اقتراحات” دون أن يفصح عن ماهيتها. وأضاف أن “الردّ اللبناني سيتمّ في أسرع وقت ممكن تمهيداً للانتقال إلى الخطوة المقبلة”.
تقديرات خاطئة
وانطلقت المفاوضات بين لبنان وإسرائيل عام 2020، ثم توقفت في مايو 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعة تُعرف حدودها بالخط 23، بناءً على خريطة أرسلها لبنان في عام 2011 إلى الأمم المتحدة.
لكن بيروت اعتبرت لاحقاً أن الخريطة استندت إلى “تقديرات خاطئة”، وطالبت بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش” وتُعرف بالخط 29.
وتسارعت التطورات المرتبطة بالملف في مطلع يوليو الماضي، بعد توقف لأشهر، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه، إذ تعتبر بيروت أن الحقل المذكور يقع في منطقة متنازع عليها، بينما تقول إسرائيل إنه ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.
وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية، دعا لبنان المبعوث الأميركي هوكستاين لاستئناف المفاوضات، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق إلى كاريش، بل يشمل ما يُعرف بحقل “قانا” الواقع في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتد أبعد من الخط 23.
وزار هوكستاين بيروت مراراً خلال الأشهر القليلة الماضية، وقال في ختام زيارته لها الشهر الماضي: “أشعر فعلاً بأننا أحرزنا تقدماً في الأسابيع الأخيرة”، لافتاً في الوقت ذاته الى أنّ “الأمر يتطلب مزيداً من العمل”، كما أبلغ عون، في 19 سبتمبر الماضي، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونيسكا أن “المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية باتت في مراحلها الأخيرة”.