نائب تونسي يدعو إلى التصدي لمخطط تركي خطير في البلاد
دعا النائب عن حزب تحيا تونس، مبروك كرشيد، الذي كان قد تعرض منذ أيام إلى تهديد بالسحل من أحد المحسوبين على حركة النهضة الإخونجية، إلى التصدي للمخطط التركي الذي وصفه بالخطير ويهدد الأمن القومي التونسي.
واعتبر أن “هبوط طائرة تركية في مطار جربة جرجيس الدولي كان بغاية التحرش بالسياسة الدبلوماسية التونسية وتمريغ أنف تونس في الوحل الليبي وإدخالها قسراً إلى بيت الطاعة التركي بإدراجها في سياسة المحاور”.
وقال كرشيد، في فيديو على صفحته على فيسبوك، الأحد، إن “تقديري لاختيار مطار جربة جرجيس لهبوط الطائرة التركية وليس مطار مصراتة الليبي أو مطار تونس قرطاج الدولي هو أن النظام التركي يريد تبليغ رسالة ضمنية مفادها أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، لا يحكم وأنها قادرة على فرض الأمر الواقع عليه متى شاءت، وأن تونس مرغمة على أن تكون في الحلف القطري التركي لليبيا”.
كما أوضح أن “إرسال رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان رسالة رسمية إلى الرئيس قيس سعيد عبر طائرة شحن مع المساعدات أمر يتناقض مع الأعراف الدبلوماسية”، معتبراً ذلك “إهانة للدبلوماسية السياسية لتونس”.
يذكر أن الرئاسة التونسية كانت أكدت السماح لطائرة تركية بالنزول في مطار جربة جرجيس الدولي جنوب البلاد، مشترطة أن تتولى السلطات التونسية من أمن وجمارك تسلم ما بها من مساعدات لتتولى وحدها دون غيرها تسليمها إلى الطرف الليبي عبر المعبر الحدودي رأس جدير، وفق ما ورد في بيانها فجر الجمعة.
وأثار الموقف الرسمي التونسي عاصفة من الأسئلة والجدل المتصاعد في مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أجواء مُلتبسة، تنازعت فيها الأولويات، وتعددت فيها الاتهامات المشحونة بالتوتر، ما فتح الباب أمام خشية مشروعة من تحول تونس إلى جسر لتغذية الاقتتال الليبي، بحجة السماح بمرور مساعدات طبية تركية إلى ليبيا عبر أراضيها، ما يجعلها قاعدة لوجستية للمحور التركي – القطري الإخونجي من أجل تقديم الإمدادات إلى ميليشيات حكومة السراج.
ومع ذلك، التزمت الرئاسة التونسية الصمت، فيما تكفل نوفل سعيد، شقيق الرئيس قيس سعيد، بالرد على تلك المخاوف، حيث قال على فيسبوك “إزاء الجدل القائم حول الطائرة التركية المحملة بالأدوية والمساعدات الطبية الموجهة إلى ليبيا والتي حطت في مطار جربة الليلة (قبل) الماضية، نقول إن تونس تُطبق القانون الدولي الإنساني لا أكثر ولا أقل”.
وأمام هذا الوضع، حذر منجي الحرباوي، القيادي بحركة نداء تونس، من تداعيات هذه الخطوة التي تتناقض مع ما كانت وزارة الدفاع التونسية قد أكدته في وقت سابق عندما أكدت أن تونس “ليست منطلقا لعمليات عسكرية في المنطقة”، وذلك ردا على تقارير أشارت إلى أن تركيا تستخدم الأراضي التونسية لضرب مواقع الجيش الليبي في غرب ليبيا.
وقال الحرباوي لـ”الأوبزرفر العربي” إن “هناك شبهة في هذه الإمدادات؛ وخاصة أن مطارات ليبيا، مثل معيتيقة ومصراتة، تعمل. وكان بإمكان طائرات تركيا استخدامها”، مُعتبرا في الوقت نفسه أن “تكفل تونس بإيصال الشحنة إلى جماعة السراج يعني اصطفاف تونس وانخراطها المباشر في الحلف التركي – القطري – الإخونجي الليبي”.
ولم يُخف الحرباوي تخوّفه من وجود أجندات خفية لا تبعث على الارتياح وراء هذه الخطوة، قائلا إن “تركيا تريد توريط تونس في الحلف الإخونجي الداعم للسراج من خلال هذه المساعدات المشبوهة”، وداعيا في الوقت نفسه الرئاسة التونسية إلى “توضيح طبيعة هذه الشحنة، حتى لا نقول إنها مورّطة”.
ومن جهته، لم يتردد محسن النابتي، الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي التونسي، في القول إن هبوط الطائرة التركية في جنح الظلام في مطار جربة جرجيس “كشف المستور، وأكد النشاط التركي المشبوه في تونس لاستهداف الشعب الليبي”.
وقال النابتي لـ”الأوبزرفر العربي” إن ما حصل يؤكد شكوكنا ومخاوفنا من النشاط التركي في تونس، وخطورته على الأمن القومي التونسي قبل غيره، ناهيك عن كونه تسهيلات لدولة معتدية لاحتلال دولة شقيقة وتدمير مقدراتها وإغراقها في الفوضى، ذلك أن تلك ‘المساعدات’ موجهة إلى المرتزقة والتكفيريين الذين تكبدوا هزيمة نكراء على أسوار قاعدة الوطية في غرب ليبيا”.
وشدد على أن الرئاسة التونسية “مطالبة بالوضوح وبمراجعة الموقف بشكل جذري حول ما يجري في ليبيا، لأنه ليس مقبولا أن تعترف تونس وتدعم ميليشيات إرهابية مدعومة تركيًّا وقطريّا وإخونجياً، وأن تتحول إلى ممر للمساعدات المشبوهة التي يقدمها أردوغان إلى مرتزقته وإرهابييه”.
ووسط هذا الجدل المُرشح للمزيد من التفاعلات، يرتقي السماح بهبوط الطائرة التركية في مطار جربة، إلى درجة التحول النوعي في الموقف التونسي، وهو ما من شأنه أن يعيد ترتيب عناصر المعادلات بما يتناسب مع المشهد الميداني في غرب ليبيا، وخاصة أن توقيته ترافق مع إعلان الجيش الليبي عن عملية عسكرية جديدة تحت اسم “طيور أبابيل” لمواجهة العدوان التركي في ليبيا.
تونس- الأوبزرفر العربي