ناشطة حقوقية تركية: مئات الصحافيين والمحامين والقضاة في تركيا يواجهون دعاوى قضائية
يمكن تقديم أي شخص للمحاكمة أو زجه في السجن لمجرد تعبيره عن رأيه المعارض للحكومة
يواصل النظام التركي ضغوطه على الأكاديميين والصحافيين والمدونين المنتقدين لسياساتها، وسط معارضة شديدة من قبل محامين ومدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد خاصة مع محاولات السلطات الأمنية معاقبة كل صوت يعارض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويتهم أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في تركيا، الحكومة بمعاقبة أعداد مضاعفة من معارضيها وكتم أصواتهم منذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشل منتصف يوليو/تموز من العام 2016.
وقالت المدافعة التركية عن حقوق الإنسان، افين بارش آلتنطاش إن “تركيا لم تتمتع في أي وقت من الأوقات عبر التاريخ بحرية تعبير كاملة وقد تعرضت شرائح مختلفة من المجتمع التركي لمضايقات نتيجة أفكارهم ومعتقداتهم كالأكراد والأقليات الدينية غير المسلمة”.
وأضافت آلتنطاش، التي عملت كصحافية لنحو 15 عاماً قبل أن ترأس منصب مساعد مدير في “جمعية الدراسات القانونية والإعلامية” والمعروفة اختصاراً بـ MLSA، أن “حرية التعبير في البلاد بدأت تتراجع بشكل متسارع منذ عقدين حين استحوذت حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم على وسائل الإعلام من خلال تمويل مؤسسات غير حكومية مؤيدة للحكومة ونتيجة ذلك حصلت تغييرات مهمة في البلاد”.
وتابعت أنه “رغم محاولة الحكومة حينها التراجع عن فكرة وجود جيش تركي قوي وانتهاج سياسة أكثر ليبرالية، كانت في المقابل تشن حرباً ثقافية على بعض أقليات البلاد قبل أن تتراجع الحكومة عن إجراء تغييرات إيجابية وتقدمية مثل إبقاء الضباط العسكريين المسؤولين عن جرائم مرتكبة ضد الأكراد في تركيا، في مناصبهم، مع حظر مناقشة المسألة الأرمنية، ووصولاً لتعهدات أنقرة تجاه الاتحاد الأوروبي”.
كما أكدت أن “كل هذه الممارسات كانت سبباً لإحباط المنتقدين للحكومة، حيث بدأت حملتها ضد التظاهرات والمتظاهرين المعارضين لها في أعقاب احتجاجات غيزي حين أرادت السلطات التركية تحويل حديقة غيزي إلى ثكنة عسكرية في العام 2013، لكن سرعان ما تضاعفت هذه الحملات بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في العام 2016”.
وأشارت المدافعة عن حقوق الإنسان إلى أن “حالة الطوارئ التي أعقبت محاولة الانقلاب، مع تحول نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي دون ضوابط، أدت لتفاقم الوضع أكثر والآن يمكن تقديم أي شخص للمحاكمة أو زجه في السجن لمجرد تعبيره عن رأيه المعارض للحكومة بصرف النظر عن الشريحة الاجتماعية التي ينتمي إليها”.
ولفتت إلى أن “الحكومة وضعت خطوطاً حمراء صارمة للغاية، وهنا تكمن المشكلة، فهي عدوانية مع من يتجاوز تلك الخطوط، حتى لو كانت الآراء المطروحة غير شعبية، بمعنى أنها لن تتلقى على الأرجح دعماً من المجتمع”.
وبحسب المدافعة التركية، فإن الجمعية الحقوقية والتي تساهم في إدارتها دافعت عن 56 شخصاً معظمهم صحافيين أدينوا نتيجة تقاريرهم الإخبارية أو منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك من بينهم أكاديميون ومدونون بعضهم خارج السجون، لكنهم يخضعون لمحاكمات.
وشددت في هذا الصدد على أن “الأشخاص الّذين ندافع عنهم من خلال محامي جمعيتنا، يتعرضون لمضايقات في المحاكم، رغم أنهم يلتزمون بضوابط حرية التعبير وفق اتفاقيات دولية توافق عليها أنقرة بموجب التشريع التركي”.
ووفق المدافعة التركية، فإن مئات الصحافيين في تركيا يواجهون دعاوى قضائية منذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشل منتصف العام 2016 إلى جانب 605 محامين ونحو 3000 من القضاة والمدعين العامين.
ونوّهت إلى أن “هذه الأرقام تعود للعام 2016 ومنذ ذلك الحين لا تشاركنا السلطات الحكومية الإحصاءات الجديدة، ولذلك من الصعب معرفة الأعداد الحقيقية للمعتقلين”.
وكشفت عن أن “الضغوط في تركيا، لا تقتصر على ناشطي المجتمع المدني والصحافيين، بل تصل إلى حد ما للأشخاص العاديين وعلى سبيل المثال سجنوا ذات مرة امرأة تبلغ من العمر 65 عاماً نتيجة شكواها من الأسعار في السوق”.
ويوم أمس، طالب أحد ممثلي الادعاء التركي بإصدار حكم بالسجن لما يصل إلى 16 عاما بحق الصحافي التركي الألماني دنيز يوجيل بناء على مزاعم بالترويج للإرهاب وإهانة الرئيس أردوغان، وهي تهمة يواجهها آلاف الأتراك.
وقال محامي يوجيل لوسائل الإعلام إن موكله متهم بالترويج لحزب العمال الكردستاني المحظور وكذلك بالتحريض على الكراهية والعداء بين الشعب وسوف تتواصل المحاكمة غيابياً بحقه في إسطنبول في الثاني من نيسان/أبريل القادم.
وقضى يوجيل، مراسل صحيفة “دي فيلت” الألمانية، أكثر من عام في السجون التركية قبل أن يطلق سراحه ويغادر إلى ألمانيا في شباط/فبراير من العام 2018.