هاريس.. وأصداء اختيار «والز» نائباً
في السادس من أغسطس الجاري، اختارت كامالا هاريس حاكمَ ولاية مينيسوتا تيم والز ليكون رفيقها في سباق نوفمبر الرئاسي. وقد كان لديها أسبوعان لاتخاذ هذا الاختيار الحاسم عوضاً عن الأشهر التي يستغرقها عادة العثور على المرشح المناسب. ولكن هاريس في عجلة من أمرها لأن مؤتمر الحزب «الديمقراطي» في شيكاغو سيبدأ أشغاله في 19 أغسطس، ومن الضروري أن يكون مرشحها حاضراً في هذا الحدث الذي سيستمر أربعة أيام.
ومع ذلك، فإن أحد المتطلبات الرئيسية لمنصب نائب الرئيس، هو أن يتم فحص المرشح بدقة للتأكد من عدم وجود «هياكل عظمية في الخزانة» قد تتحول إلى قصص سلبية وتشكّل مصدر إلهاء كبير للحملة الانتخابية.
ففي عام 1972، مثلا، اختار المرشحُ «الديمقراطي» للرئاسة السيناتورُ جورج ماكغفرن السيناتورَ توماس إيغلتون من ولاية ميسوري ليكتشف أن إيغلتون كان يعاني من الاكتئاب وخضع للعلاج بالصدمات الكهربائية، ثم سرعان ما استُبعد واستُبدل بالسفير سارجنت شرايفر الذي ينتمي إلى عائلة كينيدي. وفي 2008، اختار السيناتور جون ماكين حاكمةَ ألاسكا سارة بالين بعد تدقيق قصير وسريع جداً. والحق أن بالين أضفت على التذكرة «الجمهورية» بريقاً وإثارة، ولكن جهلها غير العادي بالسياسة الخارجية جعلها مادة للتندر وموضوع نكات لا نهاية لها، فخسرت وماكين الانتخابات لصالح باراك أوباما وجو بايدن.
ولكن، هل سيتمكن «والز» من النجاح في التدقيق الذي سيواجهه الآن؟ الواقع أنه في غياب أي أسرار مخفية، يُعد «والز» خياراً آمنا. ذلك أنه كان عضواً في الكونجرس لمدة 12 عاماً، وهو حالياً في ولايته الثانية كحاكم لولاية تقع في وسط الغرب ويتمتع بشعبية واسعة. كما أن لديه خلفية واضحة لشخص من الطبقة المتوسطة. وهو من قدامى المحاربين، ويعمل مدرساً في مدرسة ثانوية ومدرباً لكرة القدم. ولديه وزوجته جوين ابنتان ولدتا باستخدام الإخصاب في المختبر، وهي عملية يحاول بعض «الجمهوريين» حظرها في إطار محاولاتهم الرامية إلى فرض قيود متزايدة على اختيارات النساء في الإنجاب.
سجلّه كحاكم كان تقدمياً، وهو ما سيجرّ عليه هجمات شرسة من فريق ترامب، إذ سيحاججون بأن كلا من والز وهاريس يمثّلان جناحاً إيديولوجياً يسارياً متطرفاً يتساهل مع الجريمة والهجرة غير الشرعية ولكنه يؤيد قوانين أكثر صرامة بشأن حيازة الأسلحة.
وإذا تبيّن أن والز يحظى بشعبية واسعة بين معظم «الديمقراطيين» كما هو متوقع، فإن ذلك سيساعد هاريس في الحفاظ على الزخم الذي اكتسبته منذ أن قرر جو بايدن مغادرة السباق. وتُظهر استطلاعات الرأي الحالية أن هاريس تعمل حالياً على تضييق الفارق مع ترامب على الصعيد الوطني وفي الولايات التي ستشكّل ساحات لمعارك كبيرة. ولهذا، يمكن القول في هذه المرحلة من الحملة الانتخابية، إن السباق الرئاسي جد متقارب بحيث يستحيل التنبؤ بالفائز فيه. غير أنه يجب التأكيد باستمرار على أن أحداثاً غير متوقعة يمكن أن تغيّر ديناميكيات السباق بين عشية وضحاها.
ومن المفارقات أنه في اليوم السابق لإعلان هاريس عن اختيارها لوالز نائباً لها، تكبّدت الأسواق المالية العالمية خسائر فادحة بسبب المخاوف بشأن قوة الاقتصاد الأميركي وقيمة أسهم التكنولوجيا الفائقة التي شهدت نمواً كبيراً العام الماضي. والواقع أنه ما زال من السابق لأوانه معرفة ما إن كانت الأسواق ستعيد التكيف مع هذه الخسائر المفاجئة وستستمر في إظهار مرونة على المدى الطويل وانخفاض محتمل في أسعار الفائدة. غير أنه إذا استمرت الأسواق في الانخفاض، فإنه سيكون هناك حديث متزايد في تلك الحالة عن ركود عالمي قد يتزامن مع الأشهر الأخيرة من الحملة الانتخابية الأميركية.
وهذا هو الاحتمال الذي يجب أن يقلق «الديمقراطيين» أكثر من غيرهم، وخاصة إذا تزامن مع أزمة موسعة في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى زيادة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة. ولكن وكما أظهر هذا السباق من قبل، فإن أي شيء يمكن أن يحدث. واستطلاعات الرأي تُظهر الآن أن الرأي العام الأميركي قلقٌ من أن دونالد ترامب أكبر سناً من أن يترشح للرئاسة!