هانتر بايدن.. هل يكون اللعنة الأخيرة على عائلته؟
لطالما شكل الرقم 46 – (في مصادفة عجيبة) – تاريخا مفرحا ومزعجا في الوقت نفسه للرئيس بايدن فهو الرئيس الـ46 للولايات المتحدة وهو كذلك قد فقد ابنه الأكبر عند بلوغ ذلك الابن الـ46 ولم يتبقى من الأبناء له سوى هانتر الذي تطارده المشاكل أينما تواجد.
هانتر من مواليد العام 1970 وقد ارتبطت حياته منذ بلوغه السنتين بكثير من المآسي حيث فقد في العام 1972 والدته واخته نعومي في حادث مأساوي أصيب فيه أيضا هو وشقيقه بعد شهر من انتخاب والده في مجلس الشيوخ.
واليوم يحمل هانتر شهادة في الحقوق ولديه 3 أبناء وحتى العام 2013 كان يتعاطى الكوكايين والكحول جزءا من حياته اليومية إلى أن أدخل مركزا لإعادة التأهيل وبعد ذلك التحق بقوات الاحتياط في البحرية الأميركية والتي وللأسف فصل منها في اليوم الأول بسبب تعاطيه الكوكايين أيضا وبعدها أدمن شرب الفودكا بسبب تأثره بوفاة شقيقه الأكبر بو العام 2015 ليبدا علاقة غير شرعية بالراقصة ليوندن أليكسيس روبرتس وينجب منها طفلا وليقيم بعد ذلك علاقة مع أرملة شقيقه هالي ثم يتزوج المخرجة ميليسا كوهين وينجب منها في العام 2019 ثم يصدر مذكراته العام 2021 والتي حملت عنوانا لا يطابق ما تحمله من مآسي كثيرة حيث كان عنوان تلك المذكرات (أشياء جميلة).
كانت تلك مقدمة لا بد منها عن هذا الابن المزعج لوالده ذلك أنه ومنذ العام 2000 ومتاعب جو بايدن مع ولده الأصغر لا تنتهي حيث بدأت بتأسيس هانتر لمجموعة ضغط مكنته من الحصول على عملاء لديهم مصالح تتداخل مع مهام والده في لجان الكونغرس ثم اشترى هانتر العام 2006 (صندوق التحوط) والذي أجرى الكثير من عمليات الاحتيال إلى أن تمت تصفيته العام 2010 وفي العام 2017 دخل في شراكة مع قطب النفط الصيني بي جيان مينغ والذي تعتقله الصين حتى الآن بتهم فساد.
تاريخ هانتر لا يمكن تنظيفه فهو مزيج من الأمراض النفسية التي صاحبتها روح إجرامية ترى في العلاقة مع المجتمع فصولا من شهوة الانتقام من ظروف يرى أن مجتمعه تسبب فيها.
اليوم يسير المحقق ديفيد وايس في عمله كمحقق خاص في المزاعم الجنائية ضد هانتر بعد انهيار صفقة الإقرار بالذنب مع هانتر والتي كان هدفها حل تهمة التهرب الضريبي وامتلاك أسلحة والعلاقة بشركات أجنبية واليوم تتجه كل الأنظار إلى تركيز الإعلام على هذا التاريخ المخزي من الفساد لنجل الرئيس الأميركي والذي يطمح والده لولاية ثانية خصوصا أن لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي والتي يقودها الجمهوريون تحقق الآن فيما إذا كان الرئيس بايدن قد تورط ولو بشكل بسيط في تعاملات ابنه التجارية وهو الذي نفاه بايدن سابقا بشكل مطلق.
على مدى سنوات اتهم الجمهوريون هانتر بالاستفادة من سلطة والده وفي شهر يونيو الماضي استطاع هانتر التوصل إلى اتفاق مبدئي مع المدعي الفيدرالي ديفيد فايس كان سيسمح له بتجنب السجن لكن هذا الاتفاق لم يستمر أكثر من شهر.
خلال شهر سبتمبر الحالي يعود مجلس النواب للانعقاد وستكون هناك مناقشة لتحقيق محتمل لعزل الرئيس بايدن بعد إعداد الجمهوريين لملف جديد يرصد فساد هانتر مدعوما بشهادات جديدة مما يجعل شهر سبتمبر فترة شديدة الضجيج في شأن الانتخابات المقبلة تحمل كابوسا متجددا للحزب الديمقراطي قد يقضي على تاريخ الرئيس الحالي للأبد فقد كان الأمل أن يكون اتفاق الإقرار بالذنب يسمح لبايدن الرئيس بتجاوز المشاكل القانونية لهانتر، لكن القاضي الفيدرالي رفض تلك الصفقة.
وعموما فإن الزعم الذي يطلقه الجمهوريون تجاه الرئيس بايدن فيما خص قضايا ابنه ينطلق من الاتهام بالتربح من المشروعات التجارية لابنه في الصين وأوكرانيا.
وهنا يرد السؤال… كيف سيكون تأثير تلك الأحداث على الرئيس بايدن؟
بدايه يجب أن نقول إنه لطالما التزم الرئيس بايدن الصمت تجاه تحقيقات المدعي الخاص حول تصرفات نجله في الوقت الذي يسعى ترامب إلى استثمار تلك القضايا، ولكن هل سيؤثر كل ما سبق على تصويت الناخبين لأحد المرشحين؟
من نافلة القول إن الرئيس بايدن سيبقى خلال الحملة الرئاسية المقبلة في مرمى الانتقادات هو وأسرته وكيف استفاد ابنه هانتر من علاقات والده ولو عبر مكالمات هاتفية لا تحمل طابع الإلزام بعقود أو صفقات تجارية ناهيك عن أن هذه القضايا ستؤكد أن القضاء خلال حكم بايدن عامل الأخير معاملة تفضيلية وهو الأمر الذي سيركز عليه الجمهوريون إلى جانب التركيز بالطبع على الصحة العقلية والبدنية للرجل.
ومع ذلك فإن معظم الديمقراطيين يرون أن قضية هانتر لن تؤثر على احتمالية التصويت في الانتخابات المقبلة بل ربما يكون لها تأثير نسبي لا أكثر ولا أقل.
وتبقى تلك المسألة في خلاصتها إنما تذكرنا على الدوام بالمثل العربي القائل: “الولد الفاسد لا يأتي لأهله سوى بالمهانة”.