هجوم عسكري ضد طالبان الإرهابية وطرد عناصرها من ثلاث مناطق أفغانية
في أول هجوم عسكري ضد حركة طالبان الإرهابية منذ أن اجتاحت العاصمة كابول الأسبوع الماضي وسيطرت على البلاد، هاجم مجموعة من الأفغان المسلحين حركة طالبان الإرهابية، الجمعة، وطردوا عناصرها من ثلاث مناطق في شمال أفغانستان، بحسب ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، السبت، إلى أنها أجرت مقابلات مع قياديين محليين مناهضين لطالبان، قالوا إنهم قتلوا ما يصل إلى 30 من مسلحي الحركة الإرهابية وأسروا 20 آخرين أثناء سيطرتهم على المناطق الثلاث في ولاية بغلان، شمال العاصمة، وإن مدنيين محليين انضموا إلى أفراد سابقين من القوات الأفغانية في القتال.
وأظهرت صور متداولة عبر الإنترنت احتفالات، ورفع العلم الوطني الأفغاني فوق المباني الحكومية بدلاً من راية طالبان.
وقال صديق الله شجاع، وهو جندي أفغاني سابق شارك فيما وصفته الصحيفة بـ”انتفاضة الجمعة”: “أطلقنا شرارة تحركات تاريخية في أفغانستان… كان مقاتلو طالبان يمتلكون عربات مدرعة، لكن الناس رشقوها بالحجارة وطردوهم من المكان”.
وأضاف شجاع الذي يبلغ من العمر 28 عاماً “لن نقبل بحكم طالبان ما دمنا على قيد الحياة”.
جبهة عسكرية جديدة ضد طالبان
“واشنطن بوست” اعتبرت أن هجوم، الجمعة، يمثل أحدث مؤشر على “تحدّي حكم طالبان”، بدءاً من رفض الأفغان رفع راية طالبان، مروراً باحتجاج النساء للحفاظ على حقوقهن، لافتة إلى أن هذه الأمور تسلط الضوء على بعض العقبات التي تواجهها طالبان في سعيها لتشكيل حكومة مقبولة من قبل طيف واسع من الأفغان والمجتمع الدولي، وخاصة المانحين.
لكن الصحيفة قالت إنه لم يتبين بعد ما إذا كان “هجوم الجمعة” علامة على ظهور ما وصفته بـ”جبهة عسكرية جديدة ضد طالبان”.
وأشارت إلى أنه لم يتسنَّ الاتصال بمسؤولي طالبان على الفور للتعليق على الأحداث في بغلان، لكن تغريدة من حساب مؤيد لطالبان زعمت أن “الاشتباكات أسفرت عن مقتل 15 من طالبان وجرح 15شخصاً”، وأن طالبان “تعرّضت للخيانة بعدما عرضت عفواً عن السكان المحليين”.
وقالت التغريدة التي لم تُشر الصحيفة إلى الحساب الذي نشرها أو هوية مالكه، “يجب قتل كل من ارتكب هذه الجريمة، وإغلاق أبواب المحادثات”.
طردوا طالبان في أقل من يوم
وقال قادة محليون إن “هجوم الجمعة” لاستعادة مناطق “بولي حصار” و”ديه صلاح” و”بانو” في بغلان جاء بعدما أجرى مسلحو طالبان الإرهابية عمليات تفتيش من منزل إلى آخر في وادي أندراب بالإقليم، من دون الكشف عن غرضهم من وراء ذلك.
لكن صديق الله شجاع، الجندي السابق، قال إن سكاناً محليين أبلغوا عناصر طالبان أنهم “يستطيعون الحكم طالما لم يدخلوا قراهم ومنازلهم”.
وأشار شجاع إلى أنه عندما جاءت عناصر طالبان لإجراء عمليات تفتيش، قرر عسكريون أفغان سابقون، إلى جانب المدنيين، “التمرد على الحركة”، قائلاً: “لقد طردوا طالبان في أقل من يوم”.
وأضاف شجاع الذي ترك الخدمة العسكرية في ولاية هلمند عندما سمع أن الوحدات العسكرية كانت تستسلم بشكل جماعي لطالبان، “لم يستمع إلينا مقاتلو طالبان. لقد جاؤوا إلى منازلنا وضايقوا الناس. الجميع في قرانا تقليديون للغاية ومسلمون. لا يوجد سبب يدعو طالبان لكي تأتي وتعلمنا الإسلام”.
بدوره، قال عبد الرحمن، وهو قائد سابق في سجن بغلان، إنه حشد المئات من القوات المحلية وطرد طالبان، مضيفاً أن “الانتفاضة أسفرت عن سقوط 30 قتيلاً من مقاتلي طالبان واعتقال 20″، لكن هذه الأنباء لا يمكن التحقق منها بشكل مستقل بحسب الصحيفة.
عبد الرحمن الذي يبلغ من العمر 53 عاماً مضى قائلاً:”كل أهل الوادي انتفضوا ضد طالبان. نحن لا نخاف من مقاتلي طالبان. يمكننا قتال أكبر عدد ممكن منهم”.
المقاومة استعادت ثلاث مناطق في ولاية بغلان
من جانبه، أكد بسم الله خان محمدي، وزير الدفاع السابق الذي دعا إلى اعتقال الرئيس السابق أشرف غني، في تغريدة على تويتر، أن القوات المحلية استعادت ثلاث مناطق في ولاية بغلان.
وقال محمدي الذي كان قائداً مناهضاً لطالبان، خلال الفترة الأولى التي قضاها في السلطة، “المقاومة لا تزال حية”.
ونشر مواطنون أفغان على تويتر صوراً ومقاطع فيديو من المناطق التي تم الاستيلاء عليها، بما في ذلك صور لمقاتلين يحملون بنادق يهنئون بعضهم بعضاً على انتصارهم ويهتفون “الله أكبر”.
انتفاضة الجمعة
“واشنطن بوست” أشارت إلى أن “انتفاضة الجمعة” لا ترتبط على ما يبدو بقوة أخرى مناهضة لطالبان، ظهرت هذا الأسبوع في شمال البلاد، وهي جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية بقيادة أحمد مسعود، نجل القائد الأفغاني الراحل أحمد شاه مسعود.
وحارب شاه مسعود طالبان أواخر التسعينات من معقله في وادي بنجشير، شمال شرقي كابول،ولكنه قتل قبل يومين من هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، على يد عنصرين من تنظيم القاعدة.
وأضافت الصحيفة أن جبهة المقاومة الوطنية تدعم نائب الرئيس السابق أمر الله صالح، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه موجود في وادي بنجشير، المنطقة الوحيدة في البلاد التي لا تخضع لسيطرة طالبان.
ويقول صالح، إنه المسؤول الشرعي عن أفغانستان بعدما سافر غني إلى دولة الإمارات قبل ساعات من دخول طالبان كابول في نهاية الأسبوع الماضي.
طلب الدعم
والأربعاء، نشر أحمد مسعود مقال رأي في صحيفة “واشنطن بوست” يطلب الدعم الأميركي والغربي، ويطالب بأسلحة وذخيرة وإمدادات. وكتب يقول “مستعد للسير على خطى والدي مع المقاتلين المجاهدين المستعدين لمواجهة طالبان مرة أخرى”.
وقال مسعود إن قواته تضم جنوداً سابقين في الجيش النظامي الأفغاني وقوات أفغانية خاصة، بالإضافة إلى أفغان عاديين استجابوا لدعوته للانضمام إلى المقاومة.
وأضاف:”لدينا مخازن من الذخيرة والأسلحة جمعناها بصبر منذ عهد والدي لأننا علمنا أن هذا اليوم قد يأتي”.
في المقابل، اختار كثيرون بدلاً من ذلك العمل مع طالبان على أمل تشكيل حكومة انتقالية شاملة. وشكل الزعيم السابق لمجلس المصالحة، عبد الله عبد الله، والرئيس السابق حامد كرزاي، وقائد الحرب القوي قلب الدين حكمتيار مجلساً يسعى إلى تسوية سياسية مع طالبان بدلاً من الانضمام إلى التمرد الناشئ.
وفي حين تؤكد طالبان أنها “تغيّرت عن سابق عهدها”، توقعت الصحيفة أن مستقبل أفغانستان يتوقف على ما إذا كان ما تقوله طالبان صحيحاً.
وبعد أقل من أسبوع على سيطرتها بشكل مفاجئ على كابول، وفرار الرئيس أشرف غني من البلاد، ظهرت اتهامات لحركة طالبان بارتكاب جرائم وفظائع بحق المدنيين، بينما رصد مراقبون مؤشرات متفرقة على احتمالات تشكل مقاومة داخلية.
وأحاطت عمليات إجلاء الأجانب والمواطنين الأفغان الراغبين في مغادرة البلاد من مطار كابول فوضى كبيرة، وسط حالة من الغموض بشأن شكل الحكم والنظام السياسي في البلاد خلال الفترة المقبلة.