هدوء حذر في طرابلس ودعوات دولية لوقف اطلاق النار
تحولت المواجهة السياسية المستمرة منذ شهور إلى حرب شوارع في أنحاء طرابلس، أوقعت 23 قتيلاً وأكثر من 100 مصاب، وتشهد العاصمة الليبية طرابلس اليوم الأحد، هدوء حذر بعد أن شهدت على مدى الساعات الماضية أسوأ قتال منذ عامين.
إلا أن هذا الاقتتال أعاد مجدداً شبح الحرب إلى البلاد التي لا تزال غير قادرة بعد على لجم الفوضى التي ألمت بها منذ 2011.
فيما تقاذف المسؤولون الاتهامات المتبادلة وحمل كل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، منافسه في سرت فتحي باشاغا المكلف برئاسة الحكومة الجديدة من البرلمان، مسؤولية ما حصل.
فمن قلب طرابلس، ظهر ليل السبت الأحد، الدبيبة متفقداً بعض مراكز القوات والميليشيات الداعمة لحكومته، ومشدداً على أن “زمن الانقلابات قد ولى” وفق تعبيره، كما أشار إلى أن قواته ستدافع عن طرابلس لأنها “مدينتنا”.
كذلك اعتبر أن القوات المناوئة “أغاظها” أن تنعم العاصمة بالهدوء، في إشارة إلى الميليشيات الداعمة لباشاغا.
وكان الدبيبة أشار في وقت سابق إلى أن تلك الاشتباكات “خطط لها من الداخل والخارج”، معتبراً أن حكومته تريد الانتخابات بينما يريد آخرون تنفيذ “انقلابات وحكم البلاد بالحديد والنار”.
في المقابل، وجه فريق باشاغا أصابع الاتهام إلى الدبيبة. وقال المتحدث باسم الحكومة المكلفة من البرلمان، إن “حكومة الدبيبة” هي من تتحمل مسؤولية الاشتباكات وما نتج عنها.
كما أضاف المتحدث عثمان عبد الجليل في تصريحات لقناة ليبيا الأحرار المحلية أن ما وصفها بالمجموعات المسلحة التابعة لحكومة الدبيبة “المنتهية ولايتها” هي من بدأت الاشتباكات. واتهم حكومة طرابلس بأنها “لا تتحرى الحقيقة وتقدم الوهم لليبيين”.
مخاوف من الحرب
يشار إلى أن هذا القتال المستمر في المدينة للسيطرة على الحكومة، أعاد المخاوف مجدداً من غرق البلاد في حرب شاملة بعد سلام نسبي استمر عامين أتى بعد اتفاق بين الشرق والغرب على وقف إطلاق للنار، ما أسفر عن توافق سياسي برعاية الأمم المتحدة، واتفاق على إجراء انتخابات عامة، إلا أن الخلافات السياسية حالت دون إجرائها في ديسمبر الماضي (2021) كما كان مقرراً.
وتدور المواجهة منذ أشهر من أجل استلام السلطة بين الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة الدبيبة التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، وحكومة باشاغا التي يدعمها مجلس النواب، ومقره شرق البلاد، وتدعم كل طرف ميليشيات عدة، ما يزيد الوضع خطورة واشتعالاً.
إدانة دولية
ودانت الولايات المتحدة “تصاعد العنف” في طرابلس، داعية إلى “وقف فوري” لإطلاق النار، وإلى محادثات تيسّرها الأمم المتحدة بين الأطراف المتصارعة.
وطالب السفير الأميركي لدى لبييا، ريتشارد نورلاند، “بإنشاء ممرّات إنسانية لإجلاء الضحايا والمدنيين المحاصرين في تقاطع النيران”، مرجعا تدهور الموقف سريعا إلى “الجمود السياسي الذي استمر فترة طويلة”.
وبالمثل كان موقف بريطانيا وإيطاليا، حيث دعا كل منهما إلى استعادة الاستقرار بالعاصمة، وعبرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن “قلقها العميق من ذلك القصف العشوائي بالأسلحة المتوسطة والثقيلة في الأحياء المأهولة بالسكان المدنيين، مما تسبب في وقوع إصابات في صفوف المدنيين وإلحاق أضرار بالمرافق المدنية بما في ذلك المستشفيات”.