هذا هو نظام سويفت الذي يهدد الغرب باستخدامه ضد روسيا
شدد عدد من المسؤولين الغربيين، على ضرورة حجب نظام “سويفت” عن روسيا، كإجراء عقابي.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، إن تلك الخطوة التي “لا تزال خياراً قائماً” لا تحظى حتى الآن بقبول بين الأوربيين، في إشارة للخلافات بين الدول الأوروبية حول ذلك القرار.
ويظل خيار حجب روسيا عن نظام “سويفت” للتعاملات المالية المصرفية مطروحاً على طاولة الغرب والولايات المتحدة في ظل تفاقم الأزمة مع روسيا عقب اجتياحها أوكرانيا.
لكنه سلاح “محفوف بالمخاطر”؛ لجهة تداعياته التي قد تطول في الوقت نفسه الدول الأوروبية التي تربطها علاقات اقتصادية واسعة مع موسكو.
يواجه القرار مخاوف ألمانية بشكل خاص، فبينما لا تعارض برلين اتخاذه فهي في الوقت نفسه ذكرت أنها “تفكر في العواقب”، وبمزيدٍ من التشكيك في جدوى تلك الخطوة.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، إن فصل روسيا عن سويفت ينبغي ألا يكون جزءاً من حزمة العقوبات ضد روسيا . فيما أعلنت دول أخرى مثل فرنسا وبريطانيا تأييدها للقرار.
فما هو نظام “سويفت“، وما هي آثاره المحتملة على روسيا حال اتخاذ قرار بحجبها عنه، وكيف تطول تلك التداعيات أوروبا، وهل ثمة بدائل مالية له؟
الخبير الاقتصادي سليمان العساف، تحدث عن أهمية نظام سويفت الذي تأسس في العام 1973 وبدأ نشاطه فعلياً في العام 1977، وذلك في ضوء تطور التجارة العالمية ونموها بشكل متسارع.
يوفر النظام ميزات هائلة، لا سيما فيما يتعلق بحماية العمليات وسرعة التنفيذ، علاوة أنه أقل تكلفة من أساليب التحويل الأخرى. فضلاً عن كونه يشمل أكثر من 200 دولة، وآلاف المؤسسات المالية والبنوك (11507 مؤسسة حتى مارس 2020).
يعمل نظام سويفت على مطابقة أوامر العملاء بين الجهات المتداخلة بالعمليات المالية، والتصديق عليها كما في التحويلات النقدية الخاصة بالعمليات ونتائج التسويات المالية، وكذلك التصديق على تنفيذ عمليات التداول وتسويتها بين الأطراف المشتركة.
وبحسب العساف، فإنه “عندما يتم حجب دولة من نظام سويفت فإن حركتها المالية تصبح صعبة جداً ولا تستطيع القيام بالتحويل واستقبال الأموال، بما يؤثر على عمليات الاستيراد والتصدير ومختلف الأنشطة الاقتصادية”.
أزمة واسعة
وحال فصل روسيا عن نظام سويفت، فإن ذلك يعني “استحالة إرسال الأموال إليها، بما يضع الشركات الروسية وعملاءها -بما في ذلك الأوربيين- في أزمة واسعة تتأثر بها صادرات الطاقة أيضاً”.
يتيح سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال من خلال البنوك المسؤولة عن تنفيذ تلك العمليات في مختلف الدول. وهو بذلك يغطي مختلف العمليات المالية والمصرفية التي تُجرى بين البنوك والمؤسسات المالية.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن مسألة حجب دول عن نظام سويفت -كما حدث في وقت سابق مع إيران وكبدها خسائر هائلة- يمثل آداة ضغط اقتصادي لها تداعيات شديدة الصعوبة على الوضع الاقتصادي والعملة، وهو إجراء يتم دراسة اتخاذه ضد روسيا في ضوء التطورات الأخيرة التي تصاحبها جملة من التداعيات الاقتصادية على مستويات مختلفة.
وعانت إيران من فصلها عن نظام “سويفت” في العام 2012، في ظل تشديد العقوبات الدولية عليها على خلفية برنامجها النووي، ما أدى لخسارة طهران نصف عائدات تصدير النفط ونسبة تصل إلى 30 بالمئة من تجارتها الخارجية، طبقاً لإحصاءات مركز “كارنيغي موسكو” للأبحاث.
وبحسب مركز خبراء رياليست الروسي فإنه “من المحتمل أن تعتبر روسيا أي استثناء من نظام الدفع سويفت SWIFT بمثابة إعلان حرب، وقد ترد عسكرياً”.
خطة روسيا جاهزة
ويعلق الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية في لندن، طارق الرفاعي، قائلا: “إن فصل روسيا عن شبكة “سويفت” يظل خياراً غربياً مطروحاً، لكنه يواجه خلافاً داخلياً في أوروبا، لجهة رفض بعض القوى -لاسيما ألمانيا- فصل موسكو”.
ويشير الرفاعي إلى أن خطة فصل روسيا عن النظام جاهزة على ما يبدو، بينما تواجه احتجاجاً ألمانياً، في ظل العلاقات الاقتصادية الواسعة والقوية جداً التي تجمع روسيا وألمانيا، وحجم التبادل التجاري الكبير بين البلدين، ومن ثم يعرقل موقف برلين اتخاذ القرار.
كما يلفت الخبير الاقتصادي في الوقت نفسه إلى أن “روسيا انتبهت منذ دخولها أوكرانيا في العام 2014 لهذا الأمر، وبدأت تُجهز بدائل مرتبطة بنظام جديد عوضاً عن نظام سويفت”.
البدائل الروسية
يُعرف هذا النظام الروسي الذي تم العمل عليه في العام 2014 باسم إس.بي.إف.إس “SPFS” وهو نظام رديف كان البنك المركزي الروسي قد اعتمده في العام 2017 بديلاً لـ “سويفت”. كما استعدت روسيا بشبكة إنترنت خاصة بها .
وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، قد علق قبل أسابيع على التهديدات الغربية بفصل موسكو عن شبكة “سويفت” قائلاً: “يقومون بترويعنا باستمرار بهذا الأمر، وهو ما دفعنا لإنشاء نظام خاص بنا لنقل المعلومات، تحسباً من الحالات الطارئة.. ويمكن أن يحدث الشيء نفسه مع الإنترنت”.
ما هو نظام سويف؟
وكلمة سويفت – SWIFT – هي اختصار لـ “جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك”، وقد أنشئ هذا النظام عام 1973 ومركز هذه الجمعية بلجيكا، ويربط نظام سويفت 11 ألف بنك ومؤسسة في أكثر من 200 دولة.
ولكن سويفت هو ليس البنك العادي الذي تقابله في أي شارع، فهو نظام مراسلة فوري يخبر المستخدمين بموعد إرسال المدفوعات وتسلمها.
ويرسل هذا النظام أكثر من 40 مليون رسالة يومية، إذ يتم تداول تريليونات الدولارات بين الشركات والحكومات.
أنشىء نظام سويفت من قبل بنوك أمريكية وأوروبية، كانت ترغب في ألا تسيطر مؤسسة واحدة على النظام المالي وتطبق الاحتكار.
والشبكة الآن مملوكة بشكل مشترك لأكثر من 2000 بنك ومؤسسة مالية.
ويشرف عليها البنك الوطني البلجيكي، بالشراكة مع البنوك المركزية الكبرى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا.
التجارة الدولية الآمنة
يساعد نظام سويفت في جعل التجارة الدولية الآمنة ممكنة لأعضائها، وليس من المفترض أن تنحاز إلى أي طرف في النزاعات.
ومع ذلك، تم حظر إيران من سويفت في عام 2012، كجزء من العقوبات المفروضة على برنامجها النووي.
وخسرت طهران، جراء ذلك، ما يقرب من نصف عائدات تصدير النفط و30 في المئة من التجارة الخارجية.
وتقول سويفت إنها لا تملك أي تأثير على العقوبات وإن أي قرار بفرضها يقع على عاتق الحكومات..
التأثيرات على روسيا
بحسب ” بي بي سي ” ستفقد الشركات الروسية الدخول للمعاملات السلسة واللحظية التي يوفرها نظام سويفت. وستتأثر المدفوعات الخاصة بمنتجات روسيا المهمة في قطاع الطاقة والزراعة سلبيا بدرجة كبيرة للغاية.
ومن المرجح أن تضطر البنوك إلى التعامل مباشرة مع بعضها البعض، مما يضيف التأخير والتكاليف الإضافية، ويؤدي في النهاية إلى قطع الإيرادات عن الحكومة الروسية.
وكانت روسيا مهددة بالخروج السريع من قبل، في عام 2014 عندما ضمت شبه جزيرة القرم. وقالت روسيا إن الخطوة ستكون بمثابة إعلان حرب.
ولم يواصل الحلفاء الغربيون المضي قدمًا، لكن التهديد دفع روسيا إلى تطوير نظام نقل خاص بها – حديث جدًا -عبر الحدود.
ومع ذلك ، لا يستخدمه حاليًا سوى عدد قليل من الدول الأجنبية.
وللتحضير لمثل هذه العقوبة، أنشأت الحكومة الروسية نظام بطاقات الدفع الوطني المعروف باسم “مير”، وذلك للتعامل مع المدفوعات عبر البطاقات.
فوضى مالية
إن إزالة روسيا من هذا النظام من شأنه أن يضر بالشركات التي تزود روسيا بالسلع وتشتري منها، ولا سيما ألمانيا.
فروسيا تعد المزود الرئيسي للنفط والغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي، ولن يكون العثور على إمدادات بديلة أمرًا سهلاً.
ومع ارتفاع أسعار الطاقة بالفعل، فإن المزيد من الاضطراب هو أمر تريد العديد من الحكومات تجنبه.
وسيتعين على الشركات الدائنة لروسيا إيجاد طرق بديلة لتحصيل الأموال.
ويقول بعض الناس إن مخاطر حدوث فوضى مصرفية دولية كبيرة للغاية.
وكان أليكسي كودرين، وزير المالية الروسي السابق، قد قال إن الانقطاع عن نظام سويفت قد يؤدي إلى تقليص الاقتصاد الروسي بنسبة خمسة في المئة.
لكن هناك شكوكاً حول التأثير الدائم على الاقتصاد الروسي، فقد توجه البنوك الروسية المدفوعات عبر دول لم تفرض عقوبات مثل الصين، التي لديها نظام مدفوعات خاص بها.
وهناك بعض الضغط من المشرعين الأمريكيين لفرض حظر، لكن الرئيس بايدن يقول إنه يفضل عقوبات أخرى، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تضرر اقتصادات ودول أخرى.
وسيظل قرار وقف وصول روسيا لنظام سويفت بحاجة إلى دعم من الحكومات الأوروبية، التي يتردد الكثير منها بسبب احتمال إلحاق الضرر باقتصادها.