هل تتغير خارطة كرة القدم في القارة السمراء؟
حالة من الإثارة تشهدها بطولة كأس أمم إفريقيا، منذ بداية الجولة الحاسمة بدور المجموعات والمستمرة خلال مواجهات “ثمن النهائي”، وسط أمنيات باستمرارها خلال الأدوار الأخيرة من “الكان”.
السبب الأهم وراء هذه المتعة يعود إلى التنافسية العالية، إذ تشهد البطولة ثورة الفرق الصغيرة والمتوسطة أمام كبار القارة، فلا توجد نتائج كبيرة، وأغلب المباريات تُحسم خلال دقائقها الأخيرة.
رغم الظروف الصعبة، قدم منتخب جزر القمر مباراة تاريخية أمام الكاميرون، وكان قاب قوسين أو أدنى من العودة في اللقاء، كما نجحت مالاوي في مجاراة المنتخب المغربي، في المباراة التي انتهت بفوز “أسود أطلس” بهدفين لهدف.
كما انتصرت السنغال بصعوبة على منتخب الرأس الأخضر بثنائية نظيفة، ولولا طرد لاعبين من “كاب فيردي”، ربما كان الجمهور سيتابع سيناريو مختلف تمامًا للقاء.
وتستمر مغامرة المنتخب الغامبي بقيادة البلجيكي توم سانتفيت بالبطولة بعد انتصارها على غينيا، لتضرب موعد مع صاحب الأرض والجمهور، المنتخب الكاميروني، في مشاركة أولى تاريخية بأمم إفريقيا لمنتخب “العقارب”.
ببساطة، جميع المنتخبات تحارب من أجل الفوز، وتلاشت التصنيفات التي تتعلق بالكبار والصغار؛ ليبقى السؤال الأهم: هل تشير “أمم إفريقيا” إلى تغيير خارطة اللعبة بالقارة السمراء؟
جرس إنذار
يقول الناقد الرياضي، محمد طلبة إن “أمم أفريقيا” تمثل جرس إنذار قوي لكبار منتخبات القارة، “المنتخبات الكبرى يجب أن تعتمد على مشاريع حقيقية لتستمر قوتها، إما سيأتي اليوم الذي سيتراجع تصنيفها لصالح منتخبات أخرى صغيرة لكنها تحاول زيادة قوتها من خلال خطط محترفة وطموحة”.
ويضيف طلبة: “المنتخبات الكبرى بإفريقيا وبالأخص العربية منها، تعتمد فقط على تغيير المدربين والأطقم الفنية، وهذا بالطبع يؤثر على قوة الفريق، لكن الأهم من ذلك هو وجود مشروع حقيقي يبدأ من فرق الناشئين حتى الفريق الأول، ما يضمن وجود منظومة ناجحة”.
ويتابع: “عدد أكاديميات الأندية الأوروبية بالقارة السمراء في زيادة مستمرة؛ وهذا أحد أسباب زيادة قوة بعض المنتخبات الضعيفة والمتوسطة.. جميع الفرق الآن تمتلك لاعبين محترفين مميزين، بالإضافة إلى خطط قصيرة المدى للمنافسة القارية، وفي الوقت ذاته، تعتمد المنتخبات الكبرى على تاريخها وجودة بعض نجومها الاستثنائية، والنتيجة ما نشاهده بأمم أفريقيا حاليًا، لا مجال للتوقعات”.
ويشير طلبة إلى تجربة المنتخب الغامبي، قائلًا: “في ظهورها الأول بـ(الكان)، تتواجد غامبيا بالدور ربع النهائي من البطولة، ونجحت في تقديم أداء استثنائي خلال التصفيات أمام منتخبات قوية مثل: الغابون وأنغولا والكونغو الديمقراطية.. لكن هذا النجاح ليس وليد اللحظة، لكن نتيجة خطة مميزة بقيادة البلجيكي توم سانتفيت، أقنع خلالها عدد من المحترفين بتمثيل منتخب (العقارب)، ثم خلق منظومة اللعب المناسبة لهذه الأسماء”.
ويختتم طلبة حديثه: “خارطة كرة القدم بأفريقيا تتغير، وعلى كبار اللعبة بالقارة إدراك ذلك مبكرًا، قبل فوات الأوان”.
سطوة المحترفين
على الجانب الآخر، يرى قائد الأهلي السابق، وأحد لاعبي الفراعنة المُتوجين بأمم أفريقيا، شادي محمد، إن الحديث عن تغير خارطة المنافسة الكروية بالقارة السمراء مبكر للغاية.
ويضيف شادي محمد: “رغم الأداء القوي لبعض الفرق الضعيفة بالبطولة، إلا أن هذا الأداء ما زال في إطار الظهور المشرف، وفي النهاية لن يغادر اللقب خزينة أحد المنتخبات الأفريقية الكبرى”.
وعن عدم وجود نتائج كبيرة بالبطولة حتى الآن، يوضح محمد أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو أن محترفي المنتخبات الكبرى يقدمون 50 بالمئة فقط من مستواهم المعتاد بالبطولة الأفريقية، مشيرًا إلى أن الجمهور كان يمكنه متابعة نتائج عريضة للمنتخبات الكبيرة لولا ما أطلق عليه “سطوة المحترفين”.
ويتابع: “بالطبع نتمنى زيادة عدد المنتخبات المنافسة على البطولة الأفريقية، لكن الأهم الآن هو تنظيم (الكان) مستقبلًا بشكل أفضل”، مشيرًا إلى أن نسخة أمم أفريقيا المقامة حاليًا بالكاميرون تسيء إلى اللعبة بالقارة السمراء.
ويختتم محمد حديثه: “رغم كل مساوئ البطولة، ما زال لدينا أمل كبير أن يحصد منتخب عربي اللقب.. على أن يتم محاسبة كل مسؤول تسبب في ظهور (الكان) بهذا الشكل عقب انتهائها”.