هل تنجح دبلوماسية الكمامات في طمس حقيقة وحشية النظام التركي؟
تصاعدت الإنتقادات الدولية والحقوقية لسجل النظام التركي في ملف الحريات والإعتقالات السياسية، كانت أخرها يوم أمس عقب مصادقة البرلمان التركي على قانون العفو الذي أبقى على آلاف المعتقلين السياسيين في السجون التركية.
ومع موجة الأزمات السياسية والإقتصادية والحكم التي بلغت ذروتها في استقالة وزير الداخلية قبل أيام، ووسط تحذيرات منظمة الصحة العالمية بزيادة تفشي وباء كورونا فيها.
سارع النظام التركي، الذي تضرر بشدة جراء تفشي وباء كورونا وأودى بحياة نحو 1300 شخص في البلاد، إلى إرسال المساعدة إلى البلدان المحتاجة، لأسباب مختلفة حسب الحالة.
وتحاول النظام التركي تلميع صورته من خلال ترسيخ نفسها كقوة إنسانية في خضم وباء كوفيد-19 من خلال إرسال معدات طبية إلى إيطاليا وإسبانيا ومعدات الفحص للفلسطينيين وحتى الأدوية لأرمينيا.
وأرسلت، في الأسابيع الأخيرة، طائرات محملة بالأقنعة والقمصان الطبية وزجاجات التعقيم إلى إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا.
وترى المتخصصة في الدبلوماسية التركية في معهد باريس للدراسات السياسية جنى جبور أن لجوء تركيا إلى المساعدة الإنسانية ليس بجديد.
وذكرت لوكالة فرانس برس “لطالما أراد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، وضع تركيا “كقوة إنسانية” تستجيب لنجدة “المحتاجين”، سواء كانت الأقليات المسلمة أو الدول التي تعرضت للكوارث الطبيعية.
ولكن تركيا تعمل الآن، خلافا لتدخلاتها المعتادة، على مساعدة الدول المتقدمة التي دأبت على المساعدة عوض تلقيها.
وينتهز أردوغان، الذي يحن إلى زمن إمبراطورية عثمانية أطلقت عليها القوى الغربية لقب “رجل أوروبا المريض” قبل انهيارها، هذه الفرصة ليأخذ بثأر رمزي.
وأوضحت جبور “إن الأمر يتعلق بإظهار أن تركيا هي قوة نافذة ولديها القدرة على تقديم المساعدة إلى الدول الأوروبية، التي أصبحت بدورها “مريضة”، بالمعنى الحرفي والمجازي”.
ولتعزيز هذه الصورة الموجهة لإرضاء الرأي العام التركي بشكل خاص، تلجأ تركيا إلى إلقاء الضوء بعناية على كل عملية شحن للمعدات الطبية إلى أوروبا وإقلاع الطائرة التي تبث مباشرة على شاشة التلفزيون، ونشر امتنان المستفيدين الحار في الصحف.
كما يحاول أردوغان، عبر إرسال المعدات إلى هذه البلدان التي تفتقر إليها بشدة، تهدئة العلاقات المتوترة مع الغرب منذ عام 2016.
وقال المتحدث باسم أردوغان الأحد، إن تركيا هي “أول دولة في حلف شمال الأطلسي ترسل مساعدات لإيطاليا وإسبانيا”.
وقال المتحدث إبراهيم قالين إن “ترشح تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إيجابي لتركيا، لكن وجود تركيا إيجابي لأوروبا أيضًا. وللحقيقة، أثبت هذا الوباء أننا على صواب”.
وأشار إلى أن حوالي 100 دولة طلبت من تركيا المساعدة. ولفت إردوغان الاثنين إلى أن تركيا أرسلت مساعدات “إلى 34 دولة”.
وأشار الباحث سونر كاجابتاي، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إلى أنه إضافة إلى العملية الدعائية فإن “هناك بعد استراتيجي في اختيار الدول التي تساعدها تركيا”.
ولفت كاجابتاي لوكالة فرانس برس، إلى أن تركيا تريد عبر إرسال معدات الأسبوع الماضي إلى خمس دول في البلقان، التي كانت خاضعة سابقا للحكم العثماني، تعزيز صورة “العم السخي”.
وفي مثال آخر، أرسل النظام التركي إمدادات طبية إلى ليبيا، التي تعاني من نظام صحي منهك بسبب النزاع بين حكومة السراج في ليبيا، التي تدعمها أنقرة.
وأوضح كاجابتاي أن الهدف هو “ضمان عدم انهيار حكومة السراج تحت وطأة الوباء.
كما سمحت أزمة وباء كوفيد-19 لأنقرة بمد يد الصلح إلى البلدان التي يشوب علاقتها الفتور مع تركيا.
وقال قالين الأحد، إن إردوغان سمح ببيع دواء لأرمينيا دون أن يحد طبيعته.
وأضاف أن النظام التركي استجابت لطلب من إسرائيل بشأن الحصول على إمدادات طبية، رغم التوتر الشديد بين البلدين، في الوقت التذي تحجب فيه إسرائيل مساعداتها عن الفلسطينيين في قطاع غزة.
الأوبزرفر العربي